وتنعكس التوترات في المنطقة على إتمام أي عمليات تنموية واستثمارات، خاصة في ظل حالة الأنبوب، الذي سيمر عبر مساحات صحراوية شاسعة عبر نيجيريا إلى النيجر، التي تشهد توترات، ومن ثم إلى الجزائر.
تتباين آراء الخبراء بشأن انعكاس التوترات الحالية على المشروع، خاصة أنه سيمر بعيدا عن أراضي دولة مالي، لكن بعض المراقبين يشيرون إلى أن أي توترات في مالي، تنعكس على الدول المجاورة بما فيها النيجر، بالنظر لانتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة في المنطقة، ما قد يعيق التقدم في المشروع.
وفي يوليو/ تموز 2023، وقّع وزراء الطاقة في الجزائر ونيجيريا والنيجر، مذكرة تفاهم لتسريع وتيرة تنفيذ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي يبلغ طوله نحو 4000 كيلومتر.
وفي 8 سبتمبر/ أيلول 2022، قال وزير الطاقة النيجيري، تيمبر سيلفا، إن "الجزائر أنهت بناء شبكة أنابيب الغاز داخل أراضيها والتي ستمتد من نيجيريا عبر النيجر لنقله إلى أوروبا"، وأن بلاده استكملت 70% من الخط، بحسب قوله.
ووقّع المذكرة عن الجانب الجزائري وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، وعن دولة نيجيريا وزير الدولة للموارد البترولية تيميبري سيلفا، وعن الجانب النيجيري وزير البترول والطاقة والطاقات المتجددة ماهامان ساني محمدو، حسبما أفاد مراسل "سبوتنيك".
وتُقدّر تكلفة المشروع العملاق بنحو 13 مليار دولار، بسعة سنوية تبلغ 30 مليار متر مكعب من الغاز بدءا من نيجيريا ومرورا بالنيجر، حيث سيتصل الخط مع خطوط الأنابيب البحرية التي تصل الجزائر بأوروبا.
وفي هذا السياق، يقول خبير الطاقة الجزائري أحمد طرطار، إن "خط الغاز الجزائري النيجيري، لا يتأثر بالتوترات مع الجانب المالي في الوقت الراهن"، مضيفا في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الخط الذي يمر من نيجيريا إلى النيجر ومن ثم إلى الجزائر، لا يرتب بأي شكل مع الحدود في مالي".
وأوضح أن "اعتماد المشروع كليا من الدول الثلاث، واقتراب الجزائر من نسبة 80 بالمئة من المشروع، بالإضافة إلى شروع نيجيريا في العمل وإن كانت بدرجة أقل، فيما يرتقب حصول النيجر على تمويل من الاتحاد الأفريقي للشروع في العمل بالمشروع".
ولفت طرطار إلى أن "الجزائر عملت على الاستكشافات النفطية والغازية، خلال السنوات الماضية بشكل كبير، في حين أن التوترات الحالية تنعكس سلبا على مالي والنيجر ونيجيريا، وعلى الدول التي كانت تستفيد من إتمام المشروع".
فيما يقول المحلل الاقتصادي الهواري تغرسي، إن "التوترات في مالي، يؤثر على المشروع بشكل مباشر وكذلك لدول الغرب"، وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، بأن "عدم انجاز المشروع يؤثر بشكل كبير على أوروبا وعلى الدول المحيطة بشكل سلبي".
ولفت إلى أن "عدم الاستقرار في المنطقة يؤثر على كافة العمليات، كما يؤثر على عملية استقطاب الاستثمارات الأجنبية، في كافة المجالات، ما يضاعف من الأعباء الحالية".
ويرى أن "التوتر في مالي وبوركينا فاسو وبعض الدول الأخرى، له تأثيره وتداعياته على كافة عمليات التنمية في المنطقة، ومن بينها مشروع أنبوب الغاز، الذي يفيد العديد من الدول حال إتمامه".
فيما يقول عبد الرحمن عية، أستاذ الاقتصاد في جامعة ابن خلدون، إن "التوتر الحالي بين الجزائر ومالي "مرحلي" ويمكن أن يكون له ارتدادات سياسية وتجارية، لكن أثره على مشروع أنبوب الغاز غير وارد".
يلفت عية، في حديثه مع "سبوتنيك"، إلى أن "الهجمات المسلحة في المنطقة بعيدة عن المنطقة التي يمر عبرها أنبوب الغاز، فيما يتم العمل على توطيد العلاقات السياسية بين الدول الثلاث، الجزائر، النيجر، نيجيريا".
وفي تصريحات سابقة، أكّد الخبير والمستشار الجزائري في قطاع الطاقة، شعيب بوطمين، أن "النيجر الذي يعيش حالة من عدم الاستقرار، في الوقت الحالي، مستهدف بسبب موارده، فيما حذر من أن مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء يواجه تهديدات".
وقال بوطمين في تصريحات لـ"سبوتنيك": "اتخذ الاتحاد الأوروبي اتجاها بفرض عقوبات على الموارد الروسية، لذلك تعد النيجر والدول الضعيفة الأخرى مستهدفة لإثارة المشاكل فيها والسعي للسيطرة على مواردها".
وأضاف: "النيجر بلد غني باليورانيوم والذهب وخام الحديد وحتى النفط، بالإضافة إلى معادن أخرى، لذلك فهي مستهدفة من قبل القوى العظمى. فرنسا على سبيل المثال تستورد 35% من اليورانيوم، الذي تحتاج إليه لتوليد الكهرباء من النيجر".
كما أشار بوطمين إلى أن "الاتحاد الأوروبي سارع بحثا عن بعض البدائل للغاز الروسي، بعد أن واجه سوق الغاز الطبيعي تحديات بفعل الأزمة الأوكرانية، وأدى نقص الإمدادات إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، حيث وجّهت روسيا إمداداتها إلى وجهات أخرى نتيجة العقوبات المفروضة".
يذكر أن اتفاقا ثلاثيا بين الجزائر ونيجيريا والنيجر، وقّع سنة 2009، لإتمام المشروع الذي تعطل لأسباب عديدة على رأسها تهديدات الجماعات الإرهابية، وهذا بعد توقيع مذكرة تفاهم بين البلدان الثلاثة سنة 2003، للتحضير للمشروع.