التصريحات الإسرائيلية وصلت إلى التهديد بالانسحاب من الحكومة الحالية، بل والدفع نحو انتخابات جديدة يمكنها أن تطيح بنتنياهو الذي فشل في تحقيق أي إنجاز يذكر في حربه على قطاع غزة، كما أنه لم يحقق أي من الأهداف التي أعلنها قبل خوض المعركة.
ومع تصاعد حدة النزاعات، لم يستبعد مراقبون لجوء إسرائيل إلى انتخابات مبكرة تطيح بالحكومة الحالية، حيث يدرس بعض المسؤولين من بينهم غانتس القفز من السفينة الغارقة، فيما تزداد الضغوط على نتنياهو بفعل حجم الدمار الذي خلفته الحرب في صفوف المدنيين والبنى التحتية.
تهديدات متبادلة
هدد إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، بحل الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، فيما أعلن يائير لابيد، زعيم المعارضة إمكانية دخوله الائتلاف الحكومي بدلا منه.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أنه "في الوقت الذي يهدد فيه بن غفير، بحل الحكومة الإسرائيلية والخروج منها، فإن لابيد، رئيس الوزراء السابق، قد أعلن استعداده للدخول بدلا منه بهدف تمرير صفقة تبادل رهائن مع حركة حماس".
وأفاد لابيد بأنه بإمكانه دخول الائتلاف الحاكم مع نتنياهو، بهدف إتمام أي صفقة من شأنها إعادة الرهائن والأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس، والمقدر عددهم بـ136.
في السياق، قال وزير تطوير النقب والجليل الإسرائيلي يتسحاق فاسرلاوف، إن "على نتنياهو أن يختار بين غانتس وبن غفير، ونحن نقول بأفواه ممتلئة: إذا كان هناك وقف لإطلاق النار، فلن تكون هناك حكومة. إن أمن مواطني إسرائيل أهم من أي اعتبار سياسي".
سيناريوهات متشابكة
اعتبر أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري، والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن هناك تطورا لافتًا داخل إسرائيل، يتمثل في بدء التحقيق مع الشرطة الإسرائيلية وتحديدًا مع قائد المنطقة الجنوبية وكبار مساعديه، وهو ما يدل على أن المحاسبة أثناء الحرب قد بدأت، وربما يصل الأمر لنتنياهو نفسه الذي حاول كثيرًا منع هذه الخطوة، حيث يعرف تداعياتها الخطيرة عليه شخصيًا وعلى حكومته.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، في ظل هذا السيناريو، يمكن أن ينفذ بن غفير تهديداته بأنه غير راضي على صفقة تبادل الأسرى وهناك تفريط ومبالغة في أعداد الفلسطينيين الذين شملتهم الصفقة، أو نوعية هؤلاء، وقد يتذرع بهذه الحجج للانسحاب من الحكومة، ومحاولة إسقاطها ودخول "يش عتيد" لتناصر نتنياهو ليعدل من الدفة، ويصوب القرارات ويحاول إصلاح ما أفسده بن غفير وسموتريتش والأسماء العنصرية التي أدت إلى هذا الوبال على الجميع في إسرائيل.
في المقابل، غانتس وهو وزير دفاع مخضرم ومنافس محتمل على رئاسة الوزراء بعد انتهاء الحرب، يفكر في حساباته الشخصية، هل عليه المغادرة الآن أو التريث قليلًا، وما الذريعة التي سيروج لها أمام الرأي العام للقفز من السفينة الغارقة، فيما يبرز السيناريو الثالث في أن تنجح المعارضة في حشد أنصار لها لسحب الثقة من الحكومة، حيث يسعى زعيم المعارضة لذلك وقد ينجح. وتابع أنور بالقول: "الأمور متشابكة لكن الاحتمالات متوازية ومتقاطعة وغير مستبعد أن يكون الاحتمال المرجح سقوط حكومة نتنياهو".
في هذا الإطار – والكلام لا يزال على لسان أنور- بدأ البعض يعد العدة لخلافة نتنياهو داخل حزب الليكود وبرزت بعض الأسماء مما يدل على أن هناك احتمالية كبيرة لكي يتم تنفيذ هذا السيناريو وإسقاط الحكومة، وتشكيل قيادة جديدة ربما تكون من الصفوف الخلفية لحزب الليكود، وليست من الأسماء التقليدية، قد تتحالف فقط مع اسم أو اثنين من المعروفين، لكن الأغلبية من الوجوه الشابة غير المتورطة في الممارسات الحالية.
انتخابات مبكرة
بدوره اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن في المرحلة الحالية لا يوجد خوف على سقوط هذه الحكومة، لكن إذا استمر ضغط الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والدول التي ساندت حكومة الحرب في بداية العدوان على غزة، يمكن أن ترغم نتنياهو للذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، قرار بن غفير وسموتريتش بعدم التجاوب مع الحكومة في صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، المزمع تنفيذها بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والتي بموجبها يجب أن يكون هناك هدنة طويلة الأمد، ومن ثم إيقاف الحرب بشكل كامل ونهائي، إضافة إلى استمرار تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وعودة النازحين إلى بيوتهم التي تم تدميرها من قبل إسرائيل.
ومضى قائلًا: "بن غفير عمليًا فاشي ويريد أن يفرض سياسته الفاشية العنصرية الحاقدة ضد الشعب الفلسطيني، ولا يريد أن يكترث لبايدن والإدارة الأمريكية، والجميع يعرف أنه لولا الدعم الأمريكي منذ بداية الحرب المادي والاقتصادي والعسكري واللوجيستي لما استطاعت إسرائيل لأن تدخل قطاع غزة بريًا".
وأكد أن نتنياهو يخضع للضغوط الأمريكية والأوروبية، لا سيما في ظل وجود انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة، ولا يمكن لبايدن تهديد رئاسته الجديدة بسبب حكومة إسرائيل، ولذلك سيكون هناك ضغط كبير من قبله، والحكومة الإسرائيلية لا يمكنها إلا الذهاب لانتخابات مبكرة خلال عام.
أكد نتنياهو، اليوم الأربعاء، أنه كلما حافظت إسرائيل على سرية الجهود الرامية لإطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة، كلما زادت احتمالات الإفراج عنهم.
وقال نتنياهو، خلال لقائه ممثلين عن عائلات المحتجزين الإسرائيليين: "نبذل قصارى جهودنا، وطالما باتت هذه الجهود علنية فإن فرص نجاحها تتضاءل، في حين كلما تم الحفاظ على سرية هذا المجهود فإن فرص نجاحه تتزايد".
ويواصل الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية ضد غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما أعلنت حماس التي تسيطر على القطاع بدء عملية "طوفان الأقصى"، حيث أطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميًا على غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة، حتى الآن، عن سقوط أكثر من 26 ألف قتيل وأكثر من 65 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل.