ما العقبات أمام إتمام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس"؟

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لا تزال العقبات أمام إتمام صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب قائمة، في ظل معارضة إسرائيلية داخلية، وتهديد بن غفير وسموتريتش بالانسحاب من الحكومة.
Sputnik
ويرى مراقبون أن نتنياهو نفسه يحاول المراوغة والمماطلة لاستغلال ورقة تبادل الأسرى للإبقاء على الحكومة أكبر قدر ممكن، فيما يؤكد آخرون أن المشكلة في بن غفير والذي يرفض هذه الصفقة، ويريد استمرار الحرب بأي شكل.
وقال وزراء إسرائيليون، أمس الجمعة، إنه من الصعب الموافقة على صفقة تبادل أسرى تتضمن هدنة‏ لأكثر من شهر وإطلاق سراح أعداد كبيرة من الفلسطينيين.
رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" يناقش صفقة تبادل أسرى مع مدير المخابرات التركية
ونقلت القناة الـ 12 الإسرائيلية، عن وزراء إسرائيليين في مجلس الحرب "كابينيت الحرب"، بعد جلسة الليلة، أن هناك شعورًا بوجود الخطوط العريضة لا أساس له من الصحة.
شروط متقابلة
اعتبر نبيه عواضة، الباحث اللبناني المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو من يقف عقبة أمام إبرام صفقة تبادل الأسرى، هو يريد من جهة أن يستمر في الحرب لأجل غير مسمى، ولو عن طريق تعليق العمليات العسكرية لمرحلة لاحقة، عبر انتزاع ورقة الأسرى من المقاومة الفلسطينية، حتى لو أدى ذلك إلى موافقة موقتًا على هدنة ووقف إطلاق النار لمدة 45 يوميًا أو أكثر بقليل، ومن ثم العودة إلى العمليات الحربية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يريد نتنياهو أن ينتزع من المقاومة أسرى مقابل الإفراج عن عدد غير قليل من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في الوقت نفسه الدخول في هدنة، ثم العودة لجولات القتال وإن كان بطريقة محدودة.
وأكد أن "نتنياهو يرغب لأجواء الحرب أن يشيعها على أنها قائمة ويستفيد منها، لتجاوز الفترة الشتوية من الكنيست الإسرائيلي التي تنتهي بعد شهرين، بالتالي يتمكن من تجاوز عقبة تتعلق بطلب حجب الثقة عنه في حال انسحب بيني غانتس من الحكومة، أو في حال أراد بن غفير وسموترتيش الانسحاب من الحكومة بسبب خلافات بدأت تظهر، سواء لناحية صفقة التبادل، وكذلك موقفه من العقوبات الأمريكية على مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين".
الخارجية الفلسطينية: المستعمرون يتحدون الإدارة الأمريكية ويواصلون الاعتداء على شعبنا
ويرى أنه في هذه الحالة يريد أن يؤخر تفجير الحكومة من خلال استعادة الأسرى والقول بأنه تمكن بذلك ليس بفضل الجيش والعمليات العسكرية بل بسبب عملية تبادل يستطيع أن يتحكم في عدد الأسرى، لذلك العقبة في نتنياهو نفسه.
أما في الطرف الآخر، بحسب عواضة، تعرقل عملية التبادل كذلك الشروط المتقابلة من المقاومة، حيث تصر حركة حماس أن يكون وقف إطلاق النار العنوان الأول والكبير لعملية التبادل، وتحته تندرج كل العمليات الأخرى بما فيها فتح المعابر وإدخال المساعدات والانسحاب من غزة، وكذلك عودة سكان شمال القطاع، وأخيرًا تصر أن يكون البند الأخير عملية التبادل.
ومضى بالقول: "المقاومة تريد أن يكون البند المتفق عليه والمتعلق بعملية التبادل الخطوة الأخيرة، فيما تكون الأولى وقف إطلاق النار، فيما يريد نتنياهو هدنة وإطلاق صراح الأسرى ومن ثم النقاش في قضايا أخرى".
وأوضح أن نتنياهو بذلك يحاول أن يستغل الوقت لتجاوز عدة محطات داخلية تنتظره من الكنيست للجنة التحقيق للانتخابات المبكرة، وليس بعيدًا عنها تفجر الحكومة، سواء مجلس الحرب بانسحاب بيني غانتس، أو تفكك الائتلاف الحكومي بانسحاب بن غفير وسموتريتش.
مخاوف بن غفير
اعتبر أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن الصفقة التي تم الاتفاق عليها في باريس، يوجد حولها إجماع ما بين المقاومة الفلسطينية والوفد العربي من جهة أخرى، كذلك الولايات المتحدة الأمريكية وباريس والوفد الإسرائيلي الذي شارك في المفاوضات، أصبح لديه قناعة بأهمية الصفقة لتخفيف الاحتقان الداخلي في إسرائيل، من أهالي الأسرى والمعارضة التي بدأت تتصاعد وتشكل ضغطا معنويًا كبيرًا على نتنياهو وحكومته.
رئيس مستوطنة إسرائيلية: 80 ألف مستوطن نزحوا من منازلهم وتضرر المئات منها على طول الحدود مع لبنان
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، نتنياهو أيضا يريد أن يخفف الضغوط الداخلية والخارجية، خاصة واشنطن التي بدأت تنزعج كثيرًا، وبات بايدن في صدام مباشر معه، بسبب أن نتنياهو لا يكترث بمصالح أمريكا وبايدن، والتي تعرضت لكثير من الخسارة بسبب الحرب الحالية.
وأكد أن "العقبة الرئيسية في إتمام الصفقة هي بن غفير الذي يخشى من الإفراج عن مجموعة أسرى لديهم وهم عسكريون شاركوا في العمليات ضد إسرائيل، هناك أسماء كثيرة، ويخشى بن غفير من هذه المسألة ويريد إفشال الصفقة بأي ثمن، ما دفعه للتهديد بالانسحاب من الحكومة، لكنه لن يفعلها ويعلم جيدًا أن الصفقة ستتم سواء انسحب أولا".
ويرى شعث أن نتنياهو يريد أن يوقف الحرب بشكل تدريجي، إلا أنه يشعر بعدم تحقيق أي من أهدافه، لكنه يتوجه لتخفيف الاحتقان عبر الاقتصاد وتخفيف الأعباء والنفقات حول النازحين من المستوطنين الإسرائيليين، وإعادتهم للمناطق الشمالية، حتى يتم إعادة الحياة الاقتصادية تدريجيًا، مع الإبقاء على الحرب بشكل منخفض.
وأوضح أنه بعد انتهاء وقف إطلاق النار، يحاول نتنياهو أن يعيد الأمور للمربع الأول لكن ليست بشكل حرب مستدامة وشاملة بل جوية فقط، واغتيالات وقصف محدود، استهدافات وغارات وربما توغل محدود.
أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، اليوم السبت، محادثات مع رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، حول احتمالات وقف إطلاق النار في غزة والتوصل لاتفاق تبادل الأسرى.
الجيش الإسرائيلي يحرض أهالي قطاع غزة على الثورة ضد "حماس".. صور
وصرحت قيادة حماس في بيان: "التقى رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، مع مدير جهاز المخابرات الوطنية التركية، إبراهيم كالين، والوفد المرافق له".
ويواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما أعلنت حركة حماس التي تسيطر على القطاع بدء عملية "طوفان الأقصى"، حيث أطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميًا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط أكثر من 27 ألف قتيل وأكثر من 65 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل.
مناقشة