ما تداعيات تصريحات إسرائيل بشأن عدم وقف الحرب على لبنان بعد التسوية في غزة؟

مع استمرار القتال على الجبهتين، استبعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، وقف العمليات العسكرية في لبنان في حال تم وقفها في غزة، وفق صفقة تبادل الأسرى المزمع دراستها في الوقت الراهن.
Sputnik
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن عودة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم هي شرط وقف العمليات العسكرية ضد "حزب الله" اللبناني، مشددًا على أن العمليات لن تتوقف إلا بعد تحقيق هذا الشرط، حتى في حالة التوصل لاتفاق هدنة مع حركة "حماس".
وطرح البعض تساؤلات بشأن دلالات تصريحات المسؤول الإسرائيلي، وما إذا كانت دعوة لفتح جبهة جديدة في الجنوب اللبناني قد تعقد الأمور في المنطقة.

كسب الوقت

اعتبر ساركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن نتنياهو في مأزق الآن، لأنه سبق وأن أعلن عدم إيقاف الحرب قبل تحقيق الأهداف التي رسمها ولم تتحقق بعد، لكن هناك ضغطًا أمريكيًا وغربيًا بشكل عام لوقف الحرب، لذلك يحاول أن يستعيض باستمرار الحرب على الجبهة اللبنانية، بعد اضطراره لوقف حرب غزة.
الجيش الإسرائيلي يؤكد رصد عدة عمليات إطلاق نار من لبنان والرد على مصادر النيران
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تعبر هذه التصريحات عن أهمية استمرار الحرب بالنسبة لنتنياهو وحكومته المتطرفة من أجل الاستمرار، وإلا في حال وقف الحرب دون تحقيق الأهدف المعلنة يعني أنه سيذهب للمحاكمة وستنهار الحكومة، ويكون هناك استقالات.
وأكد أنه ربما يعوض عن الخسارة التي مُني بها في قطاع غزة، بأن تستمر المعركة في الجنوب، بالإضافة إلى أن المعركة في الجنوب أعطاها صورة بأنها ضد "حزب الله" وإيران، خاصة أنه سبق وأن شيطن هذا العدو ما ساهم في تسهيل هذه الحرب غربيًا، أكثر من موضوع غزة، الذي أحرج به ووصل فيه لطريق مسدود وقد يضطر لوقف القتال.
ويرى أن هناك احتمالاً بأن تستمر حرب إسرائيل على لبنان ولو بشكل منضبط مع احترام الخطوط الحمراء، حيث من المستبعد أن يتجه لحرب شاملة في لبنان لأنها ستكون مكلفة، بالإضافة إلى أن أمريكا لا تريد توسيع الحرب.
ويعتقد أبو زيد أن ما يحدث نوع من كسب الوقت حتى يحافظ على وحدة الحكومة، ويستطيع أن يسوق نتائج الحرب داخل إسرائيل، لذلك من المحتمل استمرار الحرب في الجهة الجنوبية وبانتظار حل المسألة.

تداعيات محتملة

بدوره، قال الدكتور علي عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إن التهديد الإسرائيلي بعدم وقف الحرب في لبنان ليس جديدًا، فمنذ بداية الحرب نسمع كلاما متكررا على لسان مسؤولين أن الحرب على لبنان حتمية، وأقرب من أي وقت مضى.
رئيس مستوطنة إسرائيلية: 80 ألف مستوطن نزحوا من منازلهم وتضرر المئات منها على طول الحدود مع لبنان
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تأتي في ظل قرار واضح من المقاومة في لبنان أن العمليات العسكرية ضد إسرائيل لن تتوقف طالما العدوان على قطاع غزة مستمر، وطالما أنهم يستهدفون القرى اللبنانية والمدنيين ويخرق بشكل يومي القرار 1701.
وأكد أن الأمر في جنوب لبنان مرتبط بما يحدث في قطاع غزة مع فارق بسيط، فالمنطقة اليوم تتصارع بين الحرب الواسعة والتسوية الإقليمية، والواضح أن واشنطن لا تريد الحرب شاملة في المنطقة، كذلك إيران، وقوى المقاومة التي تريد استرداد حقوقها ووقف العدوان على غزة.
فيما يتعلق بالتسوية، بحسب عبدو، يجب معرفة ما هي الشروط والضمانات، هل تشبه اتفاق أوسلو ويجب معرفة مصير القطاع الذي لم يصبح منطقة تصلح للعيش، ومن سيعيد إعمار غزة وتحت أي شروط، معتبرا أن الإجابة تعطي تصورا عن تداعيات التصريحات الإسرائيلية حول لبنان ومستقبل المنطقة.
تحديات هائلة تفرضها الحرب على مزارعي جنوب لبنان من مخلفات القنابل الفوسفورية
ومضى قائلًا: "الواضح أن واشنطن تسعى لتحصيل مكاسب لإسرائيل لم تستطع الحصول عليها في الميدان، تحديدا من ناحية التخبط الإسرائيلي في موضوع المستوطنين، سواء في جوار غزة أو الحدود الشمالية".
وأوضح أن التصريحات الإسرائيلية واضحة بأن الأزمة على الحدود الشمالية كبيرة ومعقدة، وأن هناك إصرارا من المستوطنين على عدم العودة، إلا عبر تأمين منطقة عازلة، مقابل إجماع لبناني على عدم إعطاء إسرائيل ما تطمح له من أمن المستوطنين على حساب أمن اللبنانيين، مشيرًا إلى عدم وجود كيمياء بين نتنياهو وبايدن، حيث يعول الإسرائيلي على عودة ترامب والاستفادة بالفترة التي تسبق الانتخابات الأمريكية.
ويرى أن الأخطر من تصريحات إسرائيل هو ما نسمعه عن شكل التسوية المرتقبة، وإذا صح ما نسمعه بشأن الإفراج عن المعتقلين مقابل الأسرى سيكون على دفعات، مقابل عدم الاتفاق على وقف إطلاق نار إلا بعد تسليم الأسرى وإعطاء ضمانات فإن إسرائيل تعطي لنفسها الحق في استكمال حربها وتستكلمها في لبنان كما هو اليوم، بل تشتد حيث ستتخطى إسرائيل الأسرى وضغط الأهالي في الداخل.
لماذا أثارت موازنة لبنان غضب المواطنين ودفعتهم للإضراب؟
وبيّن أن الأيام المقبلة مفصلية والأمور ستتضح أكثر، خاصة في ظل إصرار المقاومة على عدم إعطاء إسرائيل هدايا مجانية، وعدم الموافقة على أي تسوية لا تضمن وقف إطلاق النار قبل عملية تبادل الأسرى والمعتقلين.
وقال غالانت: "إذا اعتقد "حزب الله" أن وقف العمليات في الجنوب سيتبعه وقفها في الشمال، فإنه سيرتكب خطأً كبيرًا"، مضيفا: "لا بد أن نتمكن من عودة سكان الشمال بأمان سواء من خلال السلام أو من خلال العمليات العسكرية".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إنه سيتم نشر جنود جدد في شمال إسرائيل قريبا، لتعزيز موقف القوات الموجودة في المنطقة حاليًا.
وتشهد الحدود بين إسرائيل ولبنان توترًا مستمرًا، فضلاً عن مواجهات شبه يومية بين القوات الإسرائيلية و"حزب الله" اللبناني، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إثر الهجوم الذي شنته "حماس" على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية محيطة بالقطاع.
مناقشة