مجتمع

تأكيد صحة التجربة التي "قلبت التاريخ" العلمي لاندماج الذرات بالليزر وتوليد الطاقة

أعلن العلماء في معهد الطاقة الوطني الأمريكي في ديسمبر 2022، عن إنجاز تاريخي، حيث تم لأول مرة تحقيق نتائج إيجابية من تفاعل اندماج نووي آمن يعمل باليزر، حيث كسر هذا التفاعل نقطة التعادل، الأمر الذي فتح الباب لإمكانات واعدة في إنتاج الطاقة مستقبلا.
Sputnik
وعلى الرغم من إجراء هذا النوع من التجارب على مدى عدة عقود، إلا أنها كانت هذه المرة الأولى التي يحافظ فيها التفاعل على ثباته واستقراره.

الأهم من ذلك، أن سلسلة من الأوراق البحثية التي توضح تفاصيل التصميم التجريبي والتقدم التكنولوجي ونتائج التفاعل الأولي قد اجتازت للتو مراجعة الخبراء، مما يعني أن الباحثين غير المشاركين في العمل قاموا بفحص الأساليب والنتائج من أجل التحقق من الناتج الفعلي للطاقة.

وكتب فريق علماء (Indirect Drive ICF) خمسة أوراق بحثية جاء فيها أن "هذا الإنجاز هو تتويج لأكثر من خمسة عقود من البحث ويعطي دليلا على أن الاندماج المختبري، استنادا إلى مبادئ الفيزياء الأساسية، أمر ممكن".

ما هو التفاعل الاندماجي؟

نعرف أن الذرة، أي ذرة، تتكون من إلكترونات تدور حول نواة، تحوي النواة بدورها جسيمات أخرى وهي البروتونات والنيوترونات.

"العدد الذري" هو عدد البروتونات في نواة الذرة، وهو ما يُحدِّد طبيعة العنصر، فالهيدروجين تحتوي نواته على بروتون واحد، الهيليوم 2، الليثيوم 3، الكربون 6، الأكسجين 8، الكلور 17.

مجتمع
"قاتل المدينة" يقترب من الأرض... فيديو
الاندماج النووي يدمج نواتَيْ ذرتين معا، فتجتمع بروتوناتهما، بالتالي يرتفع عدد بروتونات العنصر فيتحوَّل إلى عنصر آخر. هذا بالضبط هو ما يحدث في نواة الشمس، وكذلك في المفاعلات الاندماجية، حيث تُدمَج ذرات من نظائر الهيدروجين (الديوتيريوم في هذه الحالة) معا لبناء الهيليوم.

طريقة تنفيذ التجربة

هذه التفاعلات بعيدة كل البعد عن التفاعل الذي يحث في الشمس، ففي حالة الاندماج هذه، يتم توصيل الحرارة عبر دفقة قوية من الضوء حيث تتضمن التجارب قصف كبسولة تحتوي على 220 ميكروغرام من وقود الديوتيريوم والتريتيوم بـ 192 ليزر عالي الطاقة، مما يرفع الضغط إلى 600 مليار دجة من الضغط الجوي ودرجة الحرارة تصل إلى 151 مليون درجة مئوية (272 مليون درجة فهرنهايت)، تتسبب في انفجار الوقود، واندماج ذرات الديوتيريوم والتريتيوم لتكوين الهيليوم وإطلاق العنان للطاقة.

وفي التجربة الرائدة التي تم إجراؤها في ديسمبر 2022، أطلق الليزر 2.05 ميجا جول من الطاقة في الوقود، مما أدى إلى إطلاق 3.15 ميجا جول، أي تم إنتاج طاقة أكبر بمقدار 1.5 مرة تقريبًا من خلال التفاعل مقارنة بما تم توصيله إلى الوقود.

علماء يؤكدون صحتها

توضح الأوراق الجديدة التقدم الذي جعل كسر "التعادل" ممكنًا، بما في ذلك تعديل مزيج الوقود، وإزالة العيوب في جدران الكبسولة، وزيادة كتلة الكبسولة بحجم حبة البازلاء، وتعزيز طاقات الليزر، وزيادة حجم الوقود المستخدم.
مجتمع
رصد مجرة "لا ينبغي أن تكون موجودة"... صور وفيديو
إن تجاوز ما يسمى بعتبة الاشتعال (كسر التعادل) كان بمثابة إعلان عن حقبة جديدة من أبحاث الاندماج، والتي لم تتباطأ منذ ذلك الحين، حيث أطلق الباحثون المزيد من أشعة الليزر النشطة وأنتجوا المزيد من الطاقة في العديد من التجارب في العام الماضي، بحسب مجلة "ساينس أليرت" العلمية.
أبلغ الباحثون أيضًا عن نتائج إحدى تلك التجارب الأحدث، اعتبارًا من منتصف عام 2023، والتي ولدت 3.88 ميجا جول من الطاقة من نفس مدخلات الطاقة البالغة 2.05 ميجا جول - أي حوالي 1.9 مرة من الطاقة المحقونة، وهو أعلى إنتاج حتى الآن.

ومع ذلك، يجب أن نعلم، ان التجارب استهلكت كميات هائلة من الطاقة لتشغيل أشعة الليزر في هذه التجارب، تقدر بحوالي 500 تريليون واط، أو طاقة أكبر بألف مرة من الطاقة التي تنتجها شبكة الطاقة الوطنية الأمريكية. لذا، لا يزال هناك طريق طويل لقطعه قبل أن تولد تفاعلات الاندماج هذه طاقة أكثر مما تستخدم في إطلاقها.

وقال مارتن فرير، عالم الفيزياء النووية في جامعة "برمنغهام" لمجلة "نيو ساينتست": "هناك فرصة لأن يكون لدينا اندماج ذري.. لكن التحديات التي نواجهها شديدة الانحدار من الناحية العلمية."

وعلى الرغم من وعدها بتوفير الطاقة النظيفة، يؤكد العلماء أيضًا على أن الاندماج النووي ليس الحل الفوري الذي نحتاجه لأزمة المناخ.

تقول أنيقة خان، باحثة الاندماج النووي في جامعة مانشستر، إنه لإنشاء منشآت الاندماج النووي التجارية لا تزال أمامنا عقود من الزمن، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى خفض انبعاثات الكربون العالمية إلى النصف تقريبًا في السنوات الست المقبلة بحلول عام 2030 لتغيير المناخ.
مناقشة