فقدوا في عرض البحر.. عائلات تونسية تطالب بالكشف عن مصير أبنائها.. فيديو وصور

وكأنهم يريدون أن يرددوا ما كتبه شاعر الكلمة الحرة محمود درويش "لا شيء يعجبني، لا الراديو، ولا صحف الصباح، ولا القلاع على التلال.. أريد أن أبكي"، فهم أيضا لا شيء يعجبهم.
Sputnik
يبكون ألما على أبنائهم المفقودين في عرض البحر منذ أكثر من اثنتيْ عشرة سنة دون أن يحصلوا على أي معلومة تتعلق بمصيرهم وتطفئ لهيب الشوق وتنهي لوعة الفراق.
تجمّعت، اليوم، العشرات من العائلات التونسية أمام مقر نقابة الصحفيين التونسيين بالعاصمة التونسية، تزامنا مع اليوم العالمي لمحاربة نظام الحدود القاتل، لمطالبة السلطات التونسية بالحقيقة والعدالة والتعويض لضحايا الهجرة وعائلاتهم.

المصير المجهول

لا تقوى عواطف الداودي على كبح دموعها وهي تحمل صورة ابنها البكر حمدي الذي أصبح في عداد المفقودين أثناء رحلة غير نظامية إلى إيطاليا، منذ أربع سنوات، حيث تقول لـ"سبوتنيك": "أريد الحقيقة".
والداودي أستاذة تعليم ثانوي بمحافظة المنستير، شمال شرقي تونس، تعيش مع أبنائها الثلاثة في ظروف اجتماعية محترمة، تؤكد بأن ابنها حمدي الذي يشتغل في مجال الصناعات الميكانيكية التابعة لقوارب الهجرة خرج على متن قارب كان يحمل مهاجرين غير نظاميين، قبل أن يتم الإمساك بهم من قبل السلطات الإيطالية، لكن ابنها لم يكن من بين الذين تم إلقاء القبض عليهم.
1 / 5
فقدوا في عرض البحر.. عائلات تونسية تطالب بالكشف عن مصير أبنائها
2 / 5
فقدوا في عرض البحر.. عائلات تونسية تطالب بالكشف عن مصير أبنائها
3 / 5
فقدوا في عرض البحر.. عائلات تونسية تطالب بالكشف عن مصير أبنائها
4 / 5
فقدوا في عرض البحر.. عائلات تونسية تطالب بالكشف عن مصير أبنائها
5 / 5
فقدوا في عرض البحر.. عائلات تونسية تطالب بالكشف عن مصير أبنائها
تضيف الداودي: "هناك من كان برفقة حمدي وأخبرني بأن ابني تم قتله ورميه في عرض البحر بعد أن طلب منه أن يكمل الرحلة سباحة ورفض".
وتواصل عواطف الدوادي الحديث مع "سبوتنيك" بحرقة فتقول: "لطالما أجاد ابني السباحة، وإذا توفي فأين جثته؟ ولماذا تصمت السلطات عن قول الحقيقة لنا؟".
ومثل عواطف، يقف محمد التاجوري، ماسكا صورة ابنه الذي غادر المنزل منذ سنة 2016، وكان حينها يبلغ من العمر 16 سنة، قائلا: "أرهقني البحث عن ابني وأتعبتني المعلومات المتضاربة، فتارة يقولون لي بأنه في ليبيا، وتارة أخرى يخبرونني بأنه على قيد الحياة دون أن يحددوا لي مكانه".
ويؤكد التاجوري أن السلطات الأمنية في تونس أعلمت عائلات المفقودين بأنهم لم يعثروا على جثثهم في البحر وأن نسبة نجاتهم من الغرق تناهز 95 في المائة".
ولا يختلف حال منيرة مقرين عن بقية العائلات التي قدمت من مختلف المحافظات التونسية للمطالبة بمعرفة مصير أبنائها المفقودين، فهي وفي أثناء رحلة البحث عن ابنها الذي هاجر بطريقة غير قانونية سنة 2012، فقدت زوجها المريض ما جعل معاناتها تتضاعف.
الرئيس التونسي: نواجه مأساة إنسانية بسبب الهجرة غير الشرعية لا يمكن حلها عبر "تحركات منفردة"
وتقول منيرة، وقد انحسرت دموع الأسى بين مقلتيها، "توفي زوجي دون معرفة مصير ابننا.. حين كان على قيد الحياة كان يغادر المنزل صباحا ولا يعود إلا ليلا وهو يبحث في كل مكان عنه ولكن دون جدوى".
وتضيف مقرين بأنها ظلت وحيدة في المنزل دون عائل، حتى أنه يخيل إليها بأن ابنها محمد عاد إليها في كل مرة يقرع فيها باب البيت.

صعوبة في التجاوب

ومن جهتها أفادت لطيفة الولهازي، رئيسة جمعية أمهات المفقودين وهي شقيقة "رمزي"، شاب اختفى في البحر منذ سنة 2011، بأنها سعت إلى تكوين هذه الجمعية سنة 2016 بهدف إيصال أصوات عائلات المفقودين في عرض البحر وتكثيف جهود منع "قوارب الموت".
وتشير الولهازي، في حديثها لـ"سبوتنيك"، إلى وجود "صمت مريب" من قبل السلطات تجاه هذا الملف، مضيفة "لم يسمع صوت عائلات المفقودين يوماً، لذلك تواصل العائلات التكتل عبر هذه الجمعية باعتبارها السبيل الوحيد لإبلاغ مطالبها".
وتقول رئيسة الجمعية: "لا يوجد أي تقدم في ملف المفقودين ونجد أنفسنا اليوم عاجزين عن لملمة جراح أمهات المفقودين في اليوم العالمي لمحاربة نظام الحدود القاتل".
وتسعى لطيفة الولهازي إلى التواصل مع وزارة الخارجية التونسية فتقول إنه "رغم المعلومات الشحيحة حول مصير المفقودين، إلا أنه من المنتظر أن يكون لدينا العديد من المعلومات التي تكشف حقيقة المفقودين في البحر".

سياسة وطنية تحفظ حقوق المهاجرين

ويرى المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، بأن سنة 2023 كانت استثنائية، نتيجة الأحداث والملابسات التي عرفتها تونس في علاقة بقضية الهجرة.
وأوضح بن عمر لـ"سبوتنيك" أن أكثر من 17 ألف تونسي نجحوا في اجتياز الحدود التونسية خلسة في السنة الماضية، مشيرا إلى أن نسق هجرة القصر تزايد بشكل ملحوظ، حيث بلغت 26 في المئة في 2023 مقارنة بـ 17 في المئة في 2022، وهاجر أكثر من 4600 قاصر بطريقة غير نظامية، إضافة الى ارتفاع نسق هجرة النساء والذي بلغ 8 في المئة.
ما التحديات التي تواجهها تونس في ملف الهجرة غير النظامية؟
ووقّعت تونس والاتحاد الأوروبي منتصف يوليو/ تموز الماضي اتفاقا لإرساء "شراكة استراتيجية وشاملة" تركز على مجالات التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية، وتهدف أيضاً إلى مساعدة البلد الأفريقي على مواجهة الصعوبات الاقتصادية الكبيرة.
وجرى توقيع الاتفاق بعد اجتماع حاسم بين رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، ونظيرته الإيطالية جيورجيا ميلوني، والرئيس التونسي قيس سعيد.
وبموجب الاتفاق، وافق الاتحاد الأوروبي على تقديم نحو 100 مليون يورو سنوياً لعمليات البحث والإنقاذ وإعادة المهاجرين إلى تونس.
وسبق للرئيس التونسي قيس سعيد، أن صرح بأن معالجة ملف الهجرة لا يمكن أن تكون بطريقة أحادية، أو على حساب تونس، مشددا على أن بلاده ترفض أن تكون "حارسا لحدود أوروبا".
مناقشة