لماذا عادت الخرطوم للحديث عن منبر جدة الآن، وما الذي يجري في المنامة وإلى أي مدى غاب أفق الحل في السودان؟
بداية يقول عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، إن إعلان الحكومة السودانية إن منبر جدة هو المنبر الوحيد للتفاوض رغم أنه متجمد منذ فترة، يعني أن هناك تخبط في السياسة الخارجية للخرطوم.
الاتفاقيات الثلاث
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن منبر جدة رغم أنه كان الأكثر جدية في التعامل مع الشأن السوداني، فقد عقد ثلاث جولات منذ بدء الحرب وتوصل إلى ثلاث اتفاقيات كان يفترض تنفيذها، إلا أنها لم تنفذ، ما يعني أن منبر جدة فشل آليات التنفيذ وليس في الوصول إلى اتفاقيات.
وتابع ميرغني، "الذين يتحدثون عن منبر جدة اليوم، نجد أن البرهان نفسه هو من ذهب إلى الإيقاد وطلب اجتماع استثنائي لقمة الإيقاد وتمت الاستجابة لطلبه وعقد الاجتماع، وبعد الاجتماع أصدرت الخارجية السودانية بيان اتهمت فيه منظمة الإيقاد بالانحياز، ثم أعلنت الخرطوم بعدها تجميد عضويتها في المنظمة، والبرهان هو من فعل كل هذا، مشيرا إلى أن منبر جدة اليوم مٌجمد وليس هناك أي اجتماع قادم.
عقل استراتيجي
وحول ما إذا كانت تصريحات الخرطوم حول منبر جدة إعلامية أكثر منها عملية يقول ميرغني، هذا الأمر يكون بافتراض أن هناك عقل استراتيجي يفكر بهذا المنطق ويحاول تجميل الصورة أو الحصول على نقاط إقليمية ودولية لصالحه من خلال منبر جدة، لكن كل الشواهد السابقة تؤكد أن البرهان لم يسلك لهذا المسلك، فعندما خرج ممثلو الجيش في يوليو/تموز الماضي وانسحبوا من المفاوضات وكان يمكنهم البقاء والبناء على ذلك.
وأشار ميرغني، إلى أن الوضع العام الحالي يشير إلى أن الأيام القادمة قد تحمل بوادر أمل لوقف الحرب، خاصة بعد الاجتماع المباشر الذي عقد في المنامة ولأول مرة بين قيادات رفيعة من الطرفين المتحاربين.
اجتماعات المنامة
من جانبه يقول وليد علي، المحلل السياسي السوداني، إن ما يجري في البحرين ليس مفاوضات بل هي اجتماعات لتقريب وجهات النظر بغرض القبول بالجلوس للتفاوض.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، البرهان لم يحدث أن اعترض على منبر جدة أو أي منبر آخر، و لكنه يحتاج للمزيد من التماسك في الجبهة الداخلية ليمضي في اتفاق مُرضي للتيار المعارض لوقف الحرب دون تحقيق انتصار واضح على الأرض، وحتى الآن الجيش السوداني لم يستطع استعادة أي منطقة فقدها.
ضغوط كبرى
وأشار علي، إلى أن هناك ضغط كبير على البرهان من المجتمع الدولي من ناحية ومن الداخل السوداني الجريح من ناحية أخرى، وهنا أقصد المواطن البسيط بالإضافة لبعض تدخلات القوى المحسوبة على التيار الإسلامي.
ولفت المحلل السياسي، إلى أنه ليس أمام البرهان حل سوى التوصل إلى اتفاق يحفظ كرامة جميع الأطراف، وبالتأكيد لن يحدث هذا عبر الحسم العسكري.
وكان السودان قد جدد اعتماد "منبر جدة منصة وحيدة للتفاوض مع قوات الدعم السريع، جاء ذلك عقب اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء في العاصمة البديلة "بورتسودان"، وأكد رفضه القاطع لأي تفاوض خارجه، مشيرا إلى أن أي منبر آخر محاولة لسحب البساط من "منبر جدة"، وتملصاً من الالتزامات التي تم التوافق عليها.
بحسب صحيفة الشرق الأوسط، أعلن الجيش السوداني، أمس السبت، "إحباط هجمات لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر غربي السودان".
وأكد الجيش السوداني، في بيان له، أن "قواته كبدت الدعم السريع خسائر كبيرة"، مشيرا إلى "اصطفاف كل حركات سلام جوبا مع القوات المسلحة لدحر مليشيا آل دقلو الإرهابية".
وتتواصل، منذ 11 شهرا، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع "الاتفاق الإطاري" المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في 5 كانون الأول/ديسمبر 2022، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.