يرى مراقبون أن الأوضاع في العراق، وعملية استهداف القوات الأمريكية والتحالف قد تشهد هدوءا خلال المرحلة المقبلة بعد توصل الحكومة العراقية والفصائل إلى اتفاق بعدم التصعيد، إلا أن بعض الفصائل لا تزال على مواقفها بأن وقف التصعيد في العراق يجب أن يقابله أيضا وقف التصعيد على الشعب الفلسطيني ورفع الحصار عنه، فهل يشهد العراق هدوءا في التصعيد ضد القوات الأجنبية خلال الفترة المقبلة؟
بداية يقول غازي السكوتي، مدير "المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية"، إن "الغارات الأمريكية والتصعيد من جانب الفصل في الوقت الذي تجري فيه الحكومة العراقية، مفاوضات مع الجانب الأمريكي والتحالف الدولي، لا تمثل متناقضات من جانب حكومة السوداني".
العلاقات الاستراتيجية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "السوداني يدرك تماما صعوبة تقويض العلاقات الاستراتيجية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي والدول الأوروبية، تلك العلاقات تم بناؤها خلال عقدين من الزمن، في نفس الوقت تدرك الحكومة أن وجود قوات التحالف الدولي للحرب على الإرهاب والتي تشكلت عام 2014، بناء على دعوة وزير الخارجية العراقي لمجلس الأمن الدولي لدعم جهود العراق وقواته المسلحة في مواجهة احتلال داعش(الإرهابي المحظور في روسيا ودول عديدة) لثلث البلاد وتحرير المواطنين من قبضته في الموصل وغيرها".
وتابع السكوتي: "اليوم انتهت مهمة التحالف بعد إعلان الانتصار على التنظيم منذ سنوات، لكن الفصائل المسلحة العراقية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني تتخذ من هذا الأمر ذريعة من أجل إخراج القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، رغم أن كل ما تقوم به حاليا يتعلق بعمليات الدعم اللوجستي والمعلوماتي والتدريب".
اتفاقية الشراكة
وأشار مدير "المركز العراقي" إلى أنه "في ظل الحرب الدائرة على غزة، تم تشكيل لجان بين العراق وبين التحالف الدولي للتفاوض ومناقشة فرص وإمكانيات الخروج التدريجي لقوات التحالف من العراق والذي قد يستغرق عاما كاملا".
وأوضح السكوتي أن "السوداني، صرح خلال قمة دافوس في جنيف، بأن العراق سوف يذهب بالعلاقات مع التحالف إلى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية والثقافية العلمية وغيرها".
وأكد السكوتي أن "العلاقات بين واشنطن وبغداد، سوف تظل محكومة بالقواعد والمبادئ الواردة في اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، التي وقعها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، في العام 2008، وصادق عليها مجلس النواب العراقي في العام 2009، وهي نافذة، وتم إلحاق بعض البروتوكولات بها لتعميق بعض الجوانب اللوجستية مع الجانب الأمريكي والأوروبي في العديد من المجالات".
فشل البرلمان
وحول مدى قدرة حكومة السوداني على اتخاذ القرارات في ظل سيطرة الإطار التنسيقي أو غالبية مقاعد البرلمان، يقول السكوتي: "في الواقع، الإطار التنسيقي لا يملك الإجماع الكامل من بقية القوى في البرلمان حول استراتيجية الفصائل المسلحة، والفصائل المسلحة الموجودة ضمن الإطار التنسيقي ولديهم وزارات في الحكومة الحالية لم تتفق مع دعوات الفصائل المسلحة بشأن الهجوم على قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية".
وقال السكوتي إن "البرلمان العراقي فشل خلال الساعات الماضية في عقد جلسة لإصدار قرار يقضي بخروج القوات الأمريكية من العراق، فلم يحضر سوى 82 نائب في الوقت الذي يوجد في البرلمان 198 نائبا شيعيا، ما يعني أن النواب الشيعة قاطعوا تلك الجلسة، كما أن السنة والأكراد أيضا قاطعوا الجلسة، وهنا نجد أن هناك انقسام في المشهد السياسي وليس هناك إجماع على ما تطرحه الفصائل، بل إن رئيس البرلمان طرح إمكانية استخدام الدبلوماسية من جانب الحكومة العراقية لمعالجة القضايا المرتبطة مع قوات التحالف الدولي، أو العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وباقي دول العالم".
الحل السياسي
من جانبه، يقول المستشار العسكري العراقي السابق، صفاء الأعسم، إن "هدف الحكومة العراقية أو رئاسة الوزراء المتمثلة برئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، أن يكون هناك ابتعاد ما بين الفصائل والقوات الأمريكية وعدم الصدام".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "موضوع الصدام بين الفصائل والولايات المتحدة تم حله سياسيا بالجلوس على طاولة دون الدخول في مشاكل قتالية، ولكن هل تتمكن حكومة السوداني من التوصل لاتفاق بشأن إخراج القوات الأجنبية، طبعا حكومة السوداني قادرة جدا على إنهاء هذا الموضوع بالضغط على فصائل المقاومة، في سبيل سرعة إنهاء بقاء قوات التحالف على الأرض العراقية، خاصة وإننا نتحدث عن قوات التحالف والولايات المتحدة الأمريكية".
وتابع الأعسم: "الموضوع المتعلق بتعرض الفصائل للقوات الأمريكية والتحالف عموما تم حله سياسيا، وتم إصدار بيان حول الموضوع، بأنه تم الاتفاق مع الفصائل بعدم التعرض للقوات الأجنبية، لحين إنهاء موضوع التحالف وبقاء قواته داخل العراق".
أكثر هدوءا
وأشار المستشار العسكري السابق، إلى أن "الخطوة الأولى في عملية إجلاء القوات وإنهاء تواجدها بالعراق قد بدأت اليوم بعد الاتفاق مع الفصائل، وأتصور أن تكون الأيام القادمة أكثر هدوءا، طالما أن هناك عملية ضبط نفس، لأن أي ضربات من جانب الفصائل سوف تزيد الأمور تعقيدا وتؤخر خروج القوات الأجنبية".
ولفت الأعسم إلى أن "تلك المرحلة تحتاج إلى قوة أعصاب في عملية عدم الرد، وبالتالي يمكن حل هذا الموضوع سياسيا قبل أن يٌحل عسكريا".
وفي وقت سابق، استنكر رئيس مجلس النواب العراقي، محسن المندلاوي، استمرار الاعتداءات على الأراضي العراقية وخاصة الاستهداف الأمريكي لقوات الحشد الشعبي وقياداته.
وقال المندلاوي، أمس السبت، إنه "يجب على الحكومة تنفيذ قرار البرلمان، الصادر في عام 2020، الذي يقضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية "واع".
ولفت رئيس البرلمان إلى أن "القدرات الأمنية العراقية أصبحت متطورة، كما أنه لا توجد أي اتفاقيات جديدة تستوجب بقاء القوات الأجنبية في العراق".
وتابع: "تم إحالة الطلب الموقع من أكثر من 100 نائب عراقي إلى اللجنتين (القانونية والأمن والدفاع) يتضمن مقترحًا لإخراج القوات الأجنبية من العراق"، مشددًا على ضرورة اتخاذ الإجراءات الدبلوماسية اللازمة التي تحمي سيادة العراق وأمنه واستقراره.
ولفت إلى أن البرلمان يؤكد دعمه للحكومة في مساعيها لأن يصبح العراق أحد عوامل الاستقرار في محيطه الإقليمي والدولي.
وقبل أيام، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن الضربات التي استهدفت عدة مواقع في سوريا والعراق، في الآونة الأخيرة، جاءت ردًا على استهداف جنود أمريكيين في قاعدة عسكرية في الأردن، بينما أعلنت الحكومة العراقية مقتل 16 شخصًا بينهم مدنيون وإصابة 25 آخرين جراء القصف الأمريكي على مواقع عراقية.
وقبل يومين، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن "الإصرار على انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق يأتي بعد ما اكتسبته القوات العراقية من قدرات متقدمة في مكافحة الإرهاب".