وسط رفض إسرائيلي.. ما إمكانية تنفيذ "الخطة الأمريكية العربية" لإقامة الدولة الفلسطينية؟

يواصل العديد من قادة العالم تأكيدهم على أن حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة، ويشمل ذلك ما يثار مؤخرا حول محاولة أمريكية عربية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
Sputnik
ونقل تقرير لصحيفة أمريكية عن مسؤولين أمريكيين وعرب أن حكومة الرئيس الحالي جو بايدن ومجموعة صغيرة من الشركاء في الشرق الأوسط تسارع إلى استكمال خطة مفصلة وشاملة لتحقيق سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين، بما في ذلك جدول زمني ثابت لإقامة دولة فلسطينية".
وأكد التقرير أن هذا المخطط "قد يتم الإعلان عنه في أقرب وقت ممكن، أي خلال الأسابيع القليلة المقبلة"، مشيرا إلى أن المفاوضات تجري بين مسؤولين أمريكيين مع شركاء عرب من مصر والأردن وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وممثلين عن فلسطين.
وطرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية قبول إسرائيل بهذه الخطوة، لا سيما في ظل تراجع الدعم الدولي بسبب الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة.

أكاذيب أمريكية

اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن هناك محاولات أمريكية لإخماد نار الحرب، ومنع توسعها في الإقليم، وهو الأمر الذي قد يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، ما دفعها إلى إعادة إحياء فكرة حل الدولتين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الفكرة قديمة جدا ودأبت إدارات واشنطن المتعاقبة على إعادة تسويقها بصيغ وأفكار جديدة كلما سنحت الظروف لها لتحرير مخططاتها في المنطقة.
بايدن: أكدت لنتنياهو ضرورة التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة
وأكد أن إدارة واشنطن لم تنفذ أي من تعهداتها للعرب عموما والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص بتحقيق حل الدولتين وذهبت القيادة الفلسطينية خلف واشنطن نحو مدريد في عام 1991، ثم في أوسلو 1993، ثم في كامب ديفيد 2000، ثم الموافقة على خطة خارطة الطريق 2003، وتلا ذلك الذهاب إلى أنابوليس 2007، ومن ثم جهود ومحاولات كثيرة لإقامة دولة فلسطينية ، وخطط ومشاريع وتعهدات وغير ذلك، لكن لم تنفذ أمريكا شيئا مما تم الاتفاق عليه باعتبارها راعيا للمفاوضات.
ومضى شعث قائلا: "عشنا في كذبة كبيرة اسمها عملية السلام، ولا يوجد مرة واحدة ضغطت إدارة واشنطن على حكومات تل أبيب للقبول بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وأكثر من هذا بل أنها لم تلزمها بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وهي وقف الاستيطان".
ويرى أن أي خطة أمريكية عربية لن يكتب لها النجاح دون أن تنطلق بالاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وبدون ذلك لا فائدة لأي خطة ولا رجاء في دور أمريكا أو غيرها، ومن أراد إنصاف الشعب الفلسطيني فعليه أولا الاعتراف بدولة فلسطين وفقا لقرارات الأمم المتحدة، وعدم استخدام الفيتو ضد وقف الحرب.
نتنياهو يؤكد أن إسرائيل مستمرة في معارضة الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية
وأوضح أن الشعب الفلسطيني سئم من الوعود والأكاذيب والأوهام الأمريكية في وقت يتعرض فيه لحرب وإبادة جماعية وجرائم حرب ضد الإنسانية على مدار 5 أشهر، لذلك طريق السلام والأمن معروف، وتحقيق العدالة الدولية بإقامة دولة فلسطينية منوطة بالإرادة الدولية لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، خاصة أن الخطط والأطر والتفاهمات موجودة ولم تنفذ بسبب عدم توفر هذه الإرادة.
وأنهى حديثه قائلًا: "مقومات وأركان دولة فلسطين متوفرة وهي حقيقة قانونية قائمة لا جدال فيها، وأي خطة وآلية لتنفيذ إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات سيادة على أراضيها قابلة للتطبيق حال توفر الإرادة الأمريكية".

إزالة العوائق

قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن الحديث عن ضرورة قيام دولة فلسطينية عاد على الساحة الدولية بكل قوة، وبات يوميًا يشهد من أمريكا والغرب اعترافا بضرورة قيام هذه الدولة في إطار حل الدولتين. ويجب أن تسير الأمور في هذا الاتجاه، وهو اعتراف متأخر لكنه يمهد الطريق لقيام دولة فلسطينية ويزيل العوائق من أمامها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن نتنياهو يتحدث عن رفضه لقيام الدولة الفلسطينية وللإملاءات التي تأتي من الغرب وأمريكا. ومواقفه من الدولة الفلسطينية متخبطة، حيث سبق وأن وافق على هذه الخطوة وتحدث عنها في منابر عدة، ثم بدأ يتراجع تدريجيًا عندما واجه انتقادات من حزب الليكود بسبب تصريحاته ووعوده في هذا الصدد.
ومضى قائلًا: "نتنياهو في النهاية لن يكون موجودًا حتى يوافق، وهو في جميع الأحوال غير قادر على مواجهة الولايات المتحدة إذا كانت لديها إرادة لفرض هذا الشيء، وهناك أمثلة كثيرة مثل رفع الغطاء السياسي والفيتو عن الحكومة الإسرائيلية في مجلس الأمن، وهناك إمكانية اقتصادية سياسية أمنية لفرض ما ترغب به الولايات المتحدة، في ظل أن المصالح الأمريكية باتت مهددة، وكذلك مسارات التجارة".
بايدن والسوداني يتفقان على ضرورة احتواء الصراع بين فلسطين وإسرائيل
وشدد على ضرورة البناء على هذه الخطوات عبر الشد على يد المقاومة ومساندتها، حيث بدونها كان الجيش الإسرائيلي سيحقق أهدافه من الحرب، ولم يكن هناك مفاوضات، ولم يكن الحديث عن دولة فلسطينية مطروحًا.
ويرى أحمد فؤاد أنه من الممكن أن يكون الأمر مجرد ترطيبًا وليس حسما للمطالب واستجابا للحقوق، أو مخدرا، ولذلك يجب البناء على ما تم الوصول إليه واستثماره، واستغلال حق النقض لإجبار الجانب الإسرائيلي على مراجعة مواقفه، وإجبار من يرعى الجانب الإسرائيلي على التراجع، وأن يكون هناك بوادر حسن نية وخطوات على الطريق مثل تأسيس بنك مركزي فلسطيني.
وقال إن المجتمع الإسرائيلي من الداخل لديه خلافات كثيرة قد يسعى لتأجيلها عبر مماطلة إقرار دولة فلسطينية، والجانب الإسرائيلي يتذرع أيضا بأن هناك مخاوف أمنية من أن طولكرم قريبة من إسرائيل وتل أبيب ويمكن للمقاومة أن تجتازه.
وأنهى حديثه قائلًا: "قد يكون هناك مماطلة إسرائيلية لكن طالما هناك رادع فلسطيني لم ينكسر والعالم بات يراجع مواقفه، ويبقى هناك احتمالية كبيرة بالاعتراف بدولة فلسطينية ومساعدتها على اجتياز المرحلة الانتقالية المتعلقة بالتأسيس".

رفض إسرائيلي

وقال وزير الشتات الإسرائيلي عَميحاي شيكلي، في حديث إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي، تعليقًا على المخطط الأمريكي لقيام دولة فلسطينية: "إذا كانت هذه هي الرؤية الأمريكية فعلينا أن نحاربها، ونهدد بإجراءات أحادية كإلغاء اتفاقات أوسلو".
من جانبه، شدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، على أن إسرائيل "لن توافق بأي حال من الأحوال على هذه الخطة".
وندد سموتريتش بالمقترح الأمريكي، في حسابه على موقع "إكس"، أمس الخميس، حيث اعتبر أن هذا المخطط "يقول في الواقع إن الفلسطينيين يستحقون مكافأة على المذبحة الفظيعة التي ارتكبوها بحقنا، بإعطائهم دولة فلسطينية وعاصمتها القدس".
وأكد سموتريتش: "في اجتماع المجلس الوزاري السياسي والأمني، سأطالب بقرار واضح لا لبس فيه ينص على أن إسرائيل تعارض إقامة دولة فلسطينية وفرض عقوبات على أكثر من نصف مليون مستوطن".
وزيرة إسرائيلية: قيام دولة فلسطينية خطر وجودي على إسرائيل ومكافأة للإرهاب
بدوره، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، في تغريدة على "إكس": "قُتل 1400 شخص ويريد العالم أن يمنحهم دولة. لن يحدث!".
وكانت حركة حماس المسيطرة على القطاع، أعلنت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بدء عملية "طوفان الأقصى"، مطلقة آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي وأسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وتخللت المعارك هدنة دامت 7 أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وتم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال، وإدخال مساعدات إلى غزة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في آخر إحصائية لها اليوم، عن ارتفاع حصيلة ضحايا العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة إلى ليتجاوز 28 ألف و800 قتيل إضافة إلى أكثر من 68 ألف مصاب.
مناقشة