في ظل التوترات تتضارب المواقف الغربية مع تصريحات التي تبدو غير راضية عن العملية في رفح، لكنها لم تقدم على أي خطوة فعالة من شأنها منع إسرائيل من تطوير عملياتها.
بالأمس قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح ستشكل تهديدًا مباشرا لـ"أمننا القومي".
اعتبر شكرى خلال جلسة حوارية بعنوان "نحو الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط: تحدي وقف التصعيد" ضمن فعاليات مؤتمر ميونخ للأمن أن تهجير السكان يعد انتهاكا للقانون الدولي والإنساني سواء كان داخليا أو خارجيا.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس السبت، أن كل من يطالب إسرائيل بعدم شن عملية في رفح فإنما يطالبها بخسارة الحرب.
وقال نتنياهو: "لقد تحدثت بالأمس مرة أخرى مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وأقول لقادة العالم بكل تأكيد أن إسرائيل ستقاتل حتى تحقيق الانتصار الحاسم، بما في ذلك القتال في رفح".
من ناحيته قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الموقف الغربي لن يتغير من تجاه إسرائيل حال دخولها إلى رفح.
وأضاف بيومي في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن الجانب الغربي لن يمارس أي ضغوط من أجل منع إسرائيل الدخول إلى رفح، لكنه يخشى توسع دائرة الصراع.
وشدد على أن فكرة وجود إسرائيل بالأساس كانت من أجل مصالح الدول الغربية في المنطقة، والتي تحافظ على وجودها رغم اعترافهم بالاحتلال والأعمال الوحشية التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
فيما قال السفير رفعت الأنصاري مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الموقف الغربي ينقسم إلى موقفين الأول يتمثل في موقف واشنطن، والثاني يرتبط بالدول الأخرى التي تأتي مواقفها بالتبعية لواشنطن.
ولفت إلى أن واشنطن تتخاطب بلغتين، الأولى منهما تتمثل في محاولة إظهار عدم الموافقة على هذا التطور، وفي الوقت ذاته عدم ممانعة استخدامه إلا بشروط، وهي لا تمثل الضغوط الحقيقية، خاصة أن واشنطن هي الجهة الوحيدة التي يمكنها وقف إسرائيل عن الحرب، من خلال إبطاء وتأخير تزويدها بالسلاح، خاصة أن الذخيرة التي لديها لا تكفي لأكثر من أسبوعين.
وأشار إلى أن بريطانيا وألمانيا زودتا إسرائيل بالأسلحة والذخائر بإيعاز من واشنطن في الوقت الراهن.
وأشار إلى أن إقدام إسرائيل على عملية في رفح، قد يدفع نحو عواقب تتمثل في تعليق اتفاقية السلام مع مصر، وكذلك فإن سحب السفير المصري من تل أبيب قد يؤثر بقدر كبير على العلاقات والوضع، وكذلك على عملية السلام في المنطقة وإمكانية أي تطبيع مستقبلي بين إسرائيل والدول العربية.
ولفت إلى أن الموقف الأوروبي ينقسم إلى موقفين الأول منهما يتمثل في الشعبي الرافض لما يحدث، والموقف الحكومي المساند للعملية العسكرية بالتبيعة لقرارات الولايات المتحدة الأمريكية.
فيما قال الباحث الاستراتيجي، محمد سعيد الرز، إن التكتيك الذي تتبعه دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بات مكشوفا، فهي تبيع العرب وفي قلبهم الفلسطينيون مواقف وشعارات حول وقف النار وحل الدولتين، وتجنيب المدنيين ويلات الحرب مع الدعوات لعدم توسيع المعارك باتجاه رفح ولبنان.
وأوضح أن "الغرب يهدي إسرائيل أطنان الذخائر والسلاح الثقيل وآخرها هدية بايدن بالأمس بألفي قنبلة ذكية".
وتابع: "برزت هشاشة المواقف الأمريكية والغربية أمام تمنع نتنياهو علنا عن الالتزام بأي منها، في الوقت الذي استنجد فيه بعد عملية طوفان الأقصى بأمريكا والغرب وأساطيلها، وكان يأخذ الإذن منها لشن الحرب البرية على غزة ".
وأوضح أن "التفسير الوحيد لهذه المناورات الأطلسية والإسرائيلية هو أنها تعطي الضوء الأخضر للحكومة العنصرية الإسرائيلية ضمنا في تنفيذ مخطط الإبادة، وتوسيع الحرب لتشمل المنطقة العربية المرسوم لها أن تدخل في لجة الفوضى الخلاقة".
ويرى أن إصرار القيادة المصرية على توحيد كل الجهود باتجاه غزة وعدم الانجرار إلى المشروع الغربي الإسرائيلي بمواجهات متعددة، يفسر مساعي الغرب.
وأشار إلى أن "اتفاقات السلام والتطبيع مع إسرائيل على طاولة الحكومات العربية المعنية لدراسة مدى جدواها أمام العداء الإسرائيلي الأعمى للعرب، من دون تمييز وتخلي هذا الكيان العنصري عن كل الاتفاقات والوعود".
وتتمسك إسرائيل بدخول رفح بعد خان يونس، لاعتقادها أن عدداً من كبار قادة حماس، على رأسهم يحيى السنوار قد يكونون هناك.
وفي المقابل، تقابل التهديدات الإسرائيلية باقتحام مدينة رفح بانتقادات دولية وعربية واسعة، خوفا من وقوع كارثة إنسانية في المدينة التي أصبحت الملاذ الأخير لأكثر من مليون ونصف المليون نازح داخل القطاع المحاصر.