وهددت قيادات إسرائيلية، أكثر من مرة، باحتمالية الدخول في حرب واسعة والدخول بريًا إلى لبنان، مع استمرار قصف "حزب الله" اللبناني، بينما لا يزال الحزب مستمرا في عمليات الإسناد، التي يقدمها لقطاع غزة، الذي يتعرض لقصف مستمر من قبل إسرائيل.
وفي وقت يرى فيه مراقبون خطورة العمليات العسكرية ما بين لبنان وإسرائيل، يؤكدون أنها لا تزال ضمن الخطوط الحمراء التي لم تتجاوزها، مستبعدين إمكانية الدخول في حرب واسعة، لاعتبارات عدة أبرزها إجماع القوى الدولية على الحيلولة دون توسع المواجهة.
وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية قصفا متبادلا بصورة شبه يومية بين إسرائيل من جهة و"حزب الله" اللبناني وفصائل فلسطينية مسلحة في لبنان من جهة أخرى، وذلك منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، في الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
تدخلات مستمرة
اعتبر المحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد، أن "التهديدات الإسرائيلية والقصف المستمر على الجنوب، لا يزال ضمن إطار الخطوط الحمراء إلى حد ما، كما أن هناك تدخلات أوروبية وأمريكية لضبط الموضوع".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك": "هناك حوار يتقدم ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، ومساع مشتركة من طهران وواشنطن لضبط إيقاع هذه المعارك المشتعلة على الحدود، وحتى لا تتوسع المعارك وتصبح حربا شاملة مدمرة".
وأضاف، بالقول: "هناك تهديدات متبادلة، وتخوف من توسع المعارك، لكن هناك اعتبار للعمل السياسي، وحسابات ميدانية لأن دخول إسرائيل برا إلى الحدود اللبنانية، سيؤدي إلى حجم هائل ومدمر من قصف المقاومة باتجاه إسرائيل".
ومضى، قائلًا: "منطقة الجليل مهمة لإسرائيل، وتحتوي على المعامل والمراكز الاستراتيجية والنووية والعسكرية".
وتابع: "في حال توسعت الحرب ستكون ضمن أهداف نيران المقاومة وسيكون هناك خسائر كبيرة، وإسرائيل مضطرة أن تأخذها بعين الاعتبار، في حال قررت الإقدام على توسعة الحرب".
وشدد على ضرورة التمييز بين التهديد للتوصل لحل سياسي لصالح كل فريق، مشيرا إلى أن "الحرب الشاملة ستكون مدمرة للبنان وإسرائيل معا".
"هزيمة إسرائيلية"
اعتبرت سلمى الحاج، المحللة السياسية اللبنانية، أن "المعطيات على الأرض منذ 7 أكتوبر وحتى الآن، تستبعد أن يكون هناك أي تدخل بري عسكري محتمل من قبل إسرائيل على لبنان، باعتبار أنها لم تنجح في تحقيق أي انتصار بقطاع غزة، على المستوى العسكري، أو الأمني والاستخباراتي، بل على العكس دمرت غزة وجعلتها مدينة غير قابلة للحياة".
وبحسب حديثها لـ"سبوتنيك"، فإنه "هناك بعض الاغتيالات التي حدثت سواء في سوريا لضباط إيرانيين أو لشخصيات وقيادات من "حزب الله" في لبنان، إضافة إلى ما يجري في العراق، ما يدفع للقول بإن الاغتيالات مستمرة، وقد تتوسع في المرحلة المقبلة، وسيكون مسرحها في لبنان والعراق".
وأوضحت أن "نتنياهو يريد استمرار الحرب، لكن القوى الدولية لا ترغب في توسعتها، سواء أمريكا أو إيران أو السعودية وكذلك مصر، وهناك إجماع على ضرورة نزع فتيل الأزمة، لكن نتنياهو يريد أن يحقق أي انتصار من أجل مصالح سياسية وانتخابية، حتى لا يخرج من الحكومة مهزومًا، أو إلى السجن".
واستبعدت الحاج أن "يكون هناك أي توغل بري وعمليات عسكرية كما حدث، في عام 2006، وهو أمر لم يعد متاحا لعدة عوامل، أبرزها عدم وجود قرار دولي بالحرب على لبنان، وكذلك التفاوض تحت النار والتهدئة الملغومة التي تريد تحسين شروط التفاوض، لكن لا ترغب في توسعها".
وأوضحت الحاج أن "التوغل لن يكون ممكنًا، لكن الاغتيالات مستمرة وكذلك القصف وقد يكون هناك اغتيال كبير أو ضربة مفاجئة تغير من مسار المنطقة، وتسرع من وتيرة الاتفاقيات، لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي المنهار في لبنان، وتأزم الوضع السياسي وعدم وجود رئيس للتفاوض".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، إن "إسرائيل مستعدة لإعادة الأمن إلى الشمال بأي وسيلة ضرورية، وإذا لم يتم ذلك من خلال الدبلوماسية أو السياسة، فسيتم ذلك من خلال استخدام القوة العسكرية".
ومضى، بالقول: "على حزب الله أن يفهم أننا سنستعيد الأمن. آمل أن يدركوا هذه الرسالة".