ويعاني العراق، طوال السنوات الماضية، من نقص المشتقات النفطية رغم أنه من أكبر مصدري النفط الخام في العالم، الأمر الذي ترتب عليه نقص في الكهرباء وما ترتب على ذلك من خدمات، علاوة على ضياع مليارات الدولارات في عملية الاستيراد، لذا يتساءل مراقبون، متى يحقق العراق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية؟
بداية يقول الخبير الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي: "من المعلوم تماما أن العراق هو أحد كبار منتجي النفط الخام في العالم، إذ ينتج يوميا أكثر من 4 مليون برميل، إلا أنه يعاني من عجز كبير في المشتقات النفطية نتيجة استشراء الفساد في البلاد وكذلك السرقات".
إنعاش الاقتصاد
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "إحدى أكبر السرقات كانت في مصفى بيجي والذي تمت إعادة أجزاء منه بعضها قطع خردة غير صالحة للعمل، وفي خطوة جديدة لمحاولة تعزيز إنتاج المشتقات النفطية جرى افتتاح مصفى بيجي".
وتابع الحلبوسي: "إذا ما تم تشغيل مصفى بيجي بشكل منتظم ومثالي، سوف يسهم في تقليل عجز في المشتقات النفطية، فضلا عن ذلك توفير أكثر من 5 مليار دولار، والتي تصرف على استيراد المشتقات النفطية، مما يسهم في انتعاش الاقتصاد العراقي، خصوصًا إذا ما توجه العراق لتصدير المشتقات النفطية".
القرار النفطي
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "فقدان سيادة القرار الصناعي والنفطي في العراق، والتدخلات الخارجية سوف يعرقل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية عام 2025، كما هو مخطط، ومن ثم التوجه نحو التصدير، نظرا لأن مصفى كربلاء، الذي افتتح قبل عام تقريبا، يوفر العديد من منتجات المشتقات النفطية، إلا أنه تمت عرقلة العمل به لكي يظل العراق سوقا لطهران تصدر له مشتقاتها النفطية ومتنفسا للحصار المفروض على النفط الإيراني، وكذلك نافذة لسحب الدولار من العراق".
تجارب سابقة
وأوضح الحلبوسي أن "هناك تجارب سابقة للعراق عمل خلالها على تحقيق الاكتفاء الذاتي بأكثر من منتج، لكن التدخلات الخارجية أوقفت ذلك، مما جعله أكبر سوق استهلاكي في المنطقة"، مشيرا إلى أن "تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية يعتمد على قوة وسيادة القرار الصناعي والنفطي العراقي".
مهام الاستدامة
من جانبها، تقول الباحثة الاقتصادية العراقية، حوراء الياسري، إن "أغلب المشاريع التي يتم افتتاحها تفتقر لأدوات ومعدات وفريق الاستدامة، فمن المفترض عندما يتم افتتاح مشروع أن تظل التي قامت وأشرفت على المشروع ضمن العقد وتقوم بمهام الاستدامة على الأقل لمدة عامين قبل أن يذهب المشروع إلى إدارة أخرى، وهذا ما تفتقده المشاريع العراقية التي تنطفئ بمجرد انتهاء "الشو" الإعلامي لافتتاح رئيس الحكومة، وتكرر الأمر مع الحكومات المتعاقبة التي مرت على البلاد بعد العام 2003".
وأضافت الياسري، في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن "إعادة افتتاح مصفى "بيجي"، الذي يعد الأكبر في العراق، والمغلق منذ 10 سنوات، لن يكون له تأثير على الحياة الاقتصادية للمواطن، فمن الممكن أن يتسرب إنتاجه إلى الخارج دون علم المواطن، نظرا لخصوصية العراق الذي يعيش تحت طائلة الميليشيات".
الاكتفاء الذاتي
وأشارت الياسري إلى أن "ما يتعلق بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، هناك دول الجوار التي لا تقبل بتحقيق ذلك، ولم تستطع أي من الحكومات السابقة تحقيق ذلك أو العمل عليه، أما في الوضع الحالي نجد أن الأمريكيين يحاولون السيطرة على كل مفاصل الدولة العراقية وقطع كل تمويل يمكن أن تستفاد منه الجارة الشرقية للعراق، لكن الأمر يتعلق بمدى جدية الأمريكان في ذلك، وأشك في جديتهم في هذا التوجه، لذا أرى أن الأمر لا يخرج عن "الشو" الإعلامي".
يذكر أن العراق كان قد أعاد، الجمعة الماضية، افتتاح مصفاة الشمال في مدينة بيجي الواقعة في محافظة صلاح الدين، بعد توقف دام لأكثر من 10 سنوات.
وحسب المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، جاء ذلك بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
وتعتبر مصفاة "بيجي" المصفاة الأكبر في العراق، وقد كانت قد أغلقت في عام 2014، عندما استولى عليها تنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عدة) بعد أن سيطر على مساحات واسعة من البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وتبلغ طاقة المصفاة 150 ألف برميل يوميا بعد إعادة تشغيلها.
وبحسب تصريحات سابقة لوزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، تتراوح صادرات العراق حاليا ما بين 3.35 إلى 3.4 مليون برميل يوميا.
ويعد العراق من كبار منتجي النفط، وأعلن هذا الشهر التزامه بعدم إنتاج أكثر من 4 ملايين برميل يوميا التزاما بالتخفيضات الطوعية بالتنسيق مع تحالف "أوبك+".