التصريحات الأمريكية تؤكد استعداد إسرائيل لهذه الخطوة في حال فشلت الجهود الدبلوماسية في إبعاد "حزب الله" عن الحدود الإسرائيلية، وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد أكد أن ضربات بلاده ضد "حزب الله" لن تتوقف حتى في حال إقرار هدنة بغزة.
ورغم التهديدات الإسرائيلية المتكررة، يرى مراقبون أن التوغل البري الإسرائيلي مجرد تهويل، حيث لا يمكن لتل أبيب الإقدام على هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر، والتي ستكبد إسرائيل خسائر فادحة.
مجرد تهويل
اعتبر المحلل السياسي اللبناني داوود رمال، أن ما تحدث عنه المسؤولون الأمريكيون بشأن توغل إسرائيل بري وشيك باتجاه لبنان، وتحديدًا في جنوب الليطاني، مجرد نوع من التهويل.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أي توغل بري لإسرائيل باتجاه الجنوب سيكون بمثابة الهدية لحزب الله، باعتبار أنه الأقدر في الحرب البرية، نتيجة لخبرات متراكمة خاضها في العديد من الحروب منذ عام 1982، وحتى اليوم.
وأكد أن هذه التسريبات نوع من رفع السقف، لمحاولة دفع حزب الله للقبول بما هو معروض لجهة تطبيق كامل للقرار رقم 1701، مع تغيير قواعد الاشتباك، معتبرًا أن إسرائيل عمليًا لا حاجة لها بالتوغل البري.
وأوضح أن حكومة نتنياهو ومنذ دخول حزب الله عملية الإسناد والإشغال في حرب غزة، بدأت عملية تدمير ممنهجة لقرى وبلدات حافة الشريط الحدود، بحيث يستحيل العودة إليها من قبل المواطنين أو الحزب بعد انتهاء الحرب، وهذا التدمير يحتاج إلى عملية إعادة إعمار قد تستمر 3 أعوام.
ويرى رمال أن ترسيبات ورسائل التهديد والتحذير الإسرائيلية ستكثر الفترة المقبل، وقبل الوصول لهدنة شهر رمضان، في محاولة من قبل واشنطن التي تدير الحرب الحالية لتحقيق مكاسب إسرائيلية على الجبهة اللبنانية، حيث لا تريد واشنطن أن تخرج تل أبيب بهزيمة كاملة من هذه المعارك.
نية إسرائيلية
بدوره قال الدكتور علي عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إن هناك تسريبات بشأن نية إسرائيل بشن اعتداء بري على لبنان، لكن الأزمة في عدم تحرك الموفدين الدبلوماسيين الغربيين المعنيين بمتابعة الملف اللبناني، باستثناء التحرك الفرنسي.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، الورقة الفرنسية لم تأت بجديد، ومرفوضة على المستوى اللبناني، فيما لا تزال التصريحات الإسرائيلية مستمرة بشأن عدم ربط الهدنة المتوقعة في غزة ووقف التصعيد في الجنوب، ما يدل على نوايا إسرائيل بالاعتداء على لبنان، والضغط علينا من أجل تخفيف الضغط الداخلي على إسرائيل.
وأكد أن "إسرائيل تهدد وكأنها من تملك زمام المبادرة والقوة، وأنها من انتصرت في الميدان، بما يخالف الوقائع والحقائق، حيث فشلت تل أبيب من بداية العدوان على غزة في تحقيق أي من أهدافها على الرغم من الحرب لقرابة 5 أشهر".
ويرى أن إسرائيل تخشى من التوغل البري في لبنان، وتعرف ألا يمكنها العودة لهناك، وأنها ستتكبد خسائر فادحة لن تستطيع تحملها، لذلك لا يمكنها الخوض في حرب برية، ولا تملك القدرة، لا سيما وأن الشعب والجيش والمقاومة في لبنان على استعداد كامل للمواجهة والتصدي لإسرائيل.
وأكد أن الأيام المقبلة ستظهر إن كانت التهديدات الإسرائيلية جدية وأنها تريد الغرق في مستنقع لبنان من أجل خدمة مصالح نتنياهو فقط، أم مجرد محاولة للضغط والتهويل التي اعتاد عليها اللبنانيون لفترات طويلة.
ويعتقد عبدو أن إسرائيل التي عجزت عن تحقيق أهدافها المعلنة في غزة، لا يمكنها مواجهة لبنان ومقاومتها القوية والجاهزة، والمنطق يقول إنها لن تستطيع فتح جبهة أخرى، أو الدخول بريا للبنان، خاصة أنها سبق واختبرت ذلك أكثر من مرة وتكبدت خسائر كبيرة.
وهددت قيادات إسرائيلية، أكثر من مرة، باحتمالية الدخول في حرب واسعة والدخول بريًا إلى لبنان، مع استمرار قصف "حزب الله" اللبناني، بينما لا يزال الحزب مستمرا في عمليات الإسناد، التي يقدمها لقطاع غزة، الذي يتعرض لقصف مستمر من قبل إسرائيل.
وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية قصفا متبادلا بصورة شبه يومية بين إسرائيل من جهة و"حزب الله" اللبناني وفصائل فلسطينية مسلحة في لبنان من جهة أخرى، وذلك منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، في الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.