وفي موسمها الثاني، تمكنت هذه السيدة من تجهيز وتغليف عدد كبير من السلات الرمضانية لمساعدة الفقراء والمحتاجين وأصحاب الدخل المحدود والنازحين.
وأعدت هذه السيدة، من وسط منزلها، التجهيزات اللازمة، وذلك لتخفيف أعباء المصاريف الرمضانية على المحتاجين وذلك مع استمرار قلة السيولة النقدية وارتفاع أسعار السلع الغذائية.
جاءت هذه المبادرة بعد تفكير كبير في تقديم الدعم ومساعدة المحتاجين وحب العمل التطوعي، الذي يسهم بشكل إيجابي في المجتمع الليبي، ويسهم في توضيح دلالات حب الآخرين ودعمهم ومساعدة الفقراء والمساكين.
"حملة دينار"
تحدثت تهاني مبارك، لـ"سبوتنيك"، عن هذه الحملة مع انهيارها بالبكاء بين الحين والآخر، وقالت: "حملة دينار بدأت بأصداء أثّرت بشكل كبير في مدينة بنغازي، قمت بها كفكرة وأصبح واقعا جميلا ذو أثر إيجابي في المجتمع".
حاولت مبارك أن توضح للناس قيمة الدينار، الذي يحظى بإهمال كبير بسبب غياب القيمة السوقية له، حيث أصبح لا يحظى الدينار الليبي بالقيمة السوقية الكبيرة التي كان يحظى بها في السابق وذلك بعد ارتفاع سعر الدولار وغلاء السلع وتردي الوضع الاقتصادي بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، مع العلم بأن الدينار هو أساس وبداية الملايين، وعندما يصعد الإنسان الدرج يصعد درج درجة حتى يصل للهدف فما بالك بالمال، حسب قولها.
قيمة الدينار
واعتبرت أن "قيمة الدينار لا ترهق أحدا من الناس، حيث أصبح من السهل إخراج الدينار كتبرعات لأنه ذو قيمة بسيطة وسهلة على كل الناس، وبالإمكان التبرع بها في أي وقت، حيث يقوم الناس بمنح الدينار بكل حب، كما يقوم آخرين بتقديمه بنوع من الاستهزاء أيضا لنظرا لبساطة قيمته وسهولة التبرع به".
وأوضحت أن "المجتمع الليبي قرابة 6 مليون نسمة من حيث عدد المواطنين في ليبيا"، وأضافت: "لو تبرع كل مواطن، على سبيل المثال، بدينار واحد سيصبح لدينا مبلغ بقيمة 6 مليون دينار، وهذه القيمة كفيلة ببناء منازل لمن فقدوا منازلهم في الحروب، التي اندلعت في البلاد على مر السنوات السابقة".
ومضت، قائلة: "هذه التبرعات ليست فقط تبرعات للأكل والشرب، وإنما هي كفيلة بكل صدق على بناء عدد كبير من المنازل في البلاد لدعم الفقراء والمساكين، الذين تضرروا بسبب الظروف التي عاشوها".
أصداء "حملة دينار"
قالت مبارك إن "هذه الحملة "حملة دينار"، أخذت أصدءاها في الشارع الليبي بسبب استهزاء البعض على ضعف قيمة الدينار في البداية، ولكن هناك آخرون يعرفون جيدا قيمة الدينار، وقدموا تبرعات بقيمة عشرة دنانير ومائة دينار وألف دينار بدل الدينار الواحد لترحيبهم بدعم هذه الحملة الخيرية وقناعتهم الكاملة بها".
وأكدت أن "هناك من تبرع بأرقام أكبر من ذلك، وصلت هذه القيم لأكثر من 5000 دينار، وهي التي أثّرت بشكل كبير في زيادة سقف السلة التي قمت بتجهيزها، نظرا لارتفاع قيمة السلع واللحوم والبيض والمستلزمات الرمضانية في السوق الليبي".
بداية الفكرة
جاءت فكرة الحملة عندما عرضت مبارك المبادرة على مديرة إحدى المدارس المحلية في المدينة، حيث رحبت المديرة بهذا المقترح وأبدت إعجابا كبيرا بها، وطلبت منها الحضور للمدرسة وقامت بتصميم صندوق لجمع الدنانير، ووضعت شروحا في المدرسة توضح معنى قيمة التبرع وقيمة التطوع ومساعدة الغير.
وتابعت: "هذه الحملة جعلت مدارس مدينة بنغازي يعرفون جيدا معنى الصدقة وقيمتها، وأيقن الطلبة معنى كلمة إفطار صائم، وفرقوا بين إفطار الصائم ومساعدة الفقراء، وأجر إفطار صائم ومساعد الغير وأجرها الكبير عند الله".
وأضافت بأن "السلة الرمضانية كانت متنوعة بشمولها على جميع المنتجات والسلع الأساسية والرمضانية وذلك لإدخال البهجة على كل عائلة غير قادرة على شراء هذه اللوازم الرمضانية"، واستطردت، بالقول:"محتويات السلة هي عبارة عن عدة كيلوات من الأرز والدقيق والطماطم المعجون والسكر والفاصولياء والعدس والفول والحمص والزيت وزيت الزيتون والحليب بنوعيه وماء الزهر والخل والعصائر ومجموعة من الأجبان والزيتون والتمر والشاي الأحمر والأخضر والسمن العربي والكنافة وتشكيلة من البهارات والعصائر، واللحوم والدجاج والبيض وغيرها من المواد الغذائية".
قامت مبارك حتى الآن بتجهيز عدد كبير من السلات مستهدفة عدد 80 سلة تتجاوز قيمة السلة الواحدة أكثر من 100 دولار تقريبا، تستهدف قرابة 80 عائلة.
"حملة دينار العيد"
وأكدت مبارك بأن "أجر إفطار الصائم كبير فما بالك بمساعدة من لا يملك قوت يومه"، وأضافت: "استمرت حملة دينار لموسمها الثاني، فلقد انطلقت الحملة في موسمها الأول في رمضان الماضي وستستمر بعون الله في عدة مواسم، واعتبرت أن حملة دينار في ثاني موسم بسلة كاملة من جميع السلع، وقامت بعمل حملة دينار أخرى لجبر خاطر الأطفال وشراء ملابس العيد لهم".
كما خاضت مبارك حملات أخرى في مساعدة المرضى والمحتاجين في غير موسم رمضان، ولكن اهتمامها بحملة الدينار كان كبيرا، لأنه عاد بالنفع على عدد كبير من العائلات.
قيمة العمل التطوعي والخيري
أوضحت مبارك بأن "العمل الخيري التطوعي عمل جميل، خاصة عندما تضع رأسك على الوسادة تشعر بشعور غير مسبوق كونك أضفت بهجة وسرورا على قلوب الكثير من المحرومين".
وحدثتنا مبارك عن ذهابها لمحلات الجملة عند شرائها وتجهيزها لهذه السلع والمواد الغذائية، وقالت: "كان هناك ترحيب كبير من التجار وتقديم المساعدة والتخفيضات عند علمهم بأن هذه السلع هي سلع خاصة بتجهيز السلة الرمضانية، بل وصل الأمر إلى تقديم بعض السلع والمواد الغذائية بشكل مجاني بدون مقابل حبا لعمل الغير والمساعدة، أي أنه هناك تعاونا كبيرا من هؤلاء التجار".
وتابعت: "يجب على أولياء الأمور ومن يشربون السجائر أن يعرفوا قيمة الدنانير التي يبعثرونها، وعليهم أن يضعوها في حصالة نقود ومعرفة قيمة هذه الدنانير، التي يقومون ببعثرتها بدون نفع لهم"، وشددت على أن "قيمة الدينار كانت كفيلة بإدخال البهجة على أكثر من 80 عائلة، وهذا نجاح كبير في حد ذاته".