خبيران جزائريان أوضحا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ليست بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه، لكن تلاقي الأهداف بشأن الاستثمار في أفريقيا والعمل مع الدول التي طردت القوات الفرنسية، وكذلك العمل في قطاع الطاقة يعزز العلاقات والتبادلات بين البلدين.
وفي وقت سابق ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية أن مسؤولين من إيران والجزائر وقعوا 6 وثائق تعاون مشترك في مجالات مختلفة بحضور رئيسي البلدين.
وأوضحت الوكالة أن اتفاقيات التعاون في مجالات النفط والغاز والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد القائم على المعرفة والرياضة والسياحة والإعلام.
جاء التوقيع على وثائق التعاون عقب اجتماع مشترك عقده وفدان رفيعا المستوى من إيران والجزائر، خلال زيارة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إبراهيم رئيسي، للجزائر للمشاركة في أعمال القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز مطلع مارس/ أذار الحالي.
من القطيعة للعمل المشترك
في العام 1993 قطعت الجزائر علاقاتها مع إيران، بعد أن دخلت في حرب ضارية مع الجماعات الإرهابية "العشرية السوداء"، على إثر ما قالت أنه تدخل في الشؤون الداخلية من قبل طهران، وتقديم الدعم السياسي لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
بعد ذلك وفي فترة لاحقة منذ عهدي الرئيسين الجزائريين الأسبقين علي كافي واليامين زروال، بدأت العلاقات في العودة التدريجية، ومع وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة 1999، تنامت العلاقات حتى أعيدت في سبتمبر/ أيلول 2000، وجرى تبادل السفراء في أكتوبر/تشرين الأول 2001.
يقول خبير الطاقة الجزائري أحمد طرطار، إن زيارة الرئيس الإيراني إلى الجزائر خلال القمة السابعة للدول المصدرة للغاز، كانت جس نبض لإمكانية بعث العلاقات بين البلدين.
يضيف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن التوافق بين البلدين على المستويات السياسية يمكنه أن يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية التي لا تعبر عن التوافق في الرؤى بين البلدين.
ولفت إلى أن الجزائر منفتحة على أفريقيا بشكل كبير، وهو الأمر نفسه بالنسبة لإيران، ما من شأنه مساعدة الشعوب الأفريقية في النهوض من الوضع الحالي، خاصة بعد مغادرة القوات الفرنسية، وفترة إعادة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ويرى أن الجزائر يمكن أن تستفيد من التجربة الإيرانية بشكل كبير، على مستويات عدة، خاصة بعد أن تمكنت إيران من الولوج لعديد من الصناعات الاقتصادية.
ويرى أن إعادة النظر في قانون المحروقات، وقانون الاستثمار في الجزائر، يصب في صالح بعث نشاط اقتصادي كبير بين البلدين.
ولفت إلى أن الجزائر تستهدف العديد من الصناعات والقطاعات التي يمكن أن يكون لإيران دور فيها على مستويات كبيرة.
ويقول الباحث الجزائري نبيل كحلوش، إن العلاقات الجزائرية-الإيرانية لها ميزة جيوسياسية مهمّة، وهي في كونهما تعتمدان على استحضار القوة العسكرية والإرث التاريخي المتعلق بالمفهومية الثورية الخاصة بكل منهما في السياسة الخارجية.
وأوضح كحلوش أن "التقارب بين هاتين الدولتين سيكون تقارباً أيضاً بين جيشين من أكبر جيوش منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتقاربا بين إيديولوجيتين ثوريَّتين".
وتابع، في حديثه مع "سبوتنيك": "يضاف إلى ذلك أن الدولتين تشتركان في عامل آخر وهو العامل الطاقوي، حيث أنهما دولتين طاقويتين بامتياز وفعالتين في الأطر المرتبطة بالطاقة مثل منظمة الأوبك ومنتدى الدول المصدرة للغاز، مما يعني أن مستقبل علاقتهما الثنائية يتمحور بشكل كبير على التعاون في مجال التكنولوجيات العسكرية والطاقوية.
ويوضح الباحث الجزائري أنه بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني للجزائر خلال القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، أنه "تم إبرام ستة اتفاقيات تعاون في مجالات النفط والغاز والعلوم والتكنولوجيا واقتصاد المعرفة والسياحة والرياضة".
بشأن التعاون في قطاع الطاقة، يوضح الباحث الجزائري أن الجزائر لها توجهات للاستثمار في إفريقيا وبالأخص في جوارها الإقليمي، على غرار ليبيا والنيجر ونيجيريا. وخصوصا أن شركة سونطراك الجزائرية تعتبر الرقم واحد قاريا، وهو الأمر نفسه بالنسبة لإيران ولكن بالأخص في مجال اليورانيوم الذي بات يستقطب المشاريع الإيرانية الطموحة في المجال النووي.
ويرى أن المبادلات التجارية بين البلدين لا زالت أضعف من مؤهلات البلدين، ومستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية.
وفي إبريل/ نيسان 2021، جرى إعادة تفعيل مجلس الأعمال "الجزائري - الإيراني" بحضور المديرة العامة للغرفة الجزائرية للتجارة و الصناعة، السيدة وهيبة بهلول، والمستشار الاقتصادي لدى سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالجزائر، السيد قاسم تاغفاي.
و شدد الطرفان على "ضرورة إعادة تفعيل مجلس الأعمال الجزائري الإيراني الذي يعد آلية مهمة لتطوير المبادلات التجارية بين البلدين بالإضافة إلى دراسة مشاريع الاستثمار و الشراكة مع الشركات الإيرانية المهتمة بالسوق الجزائرية".
وجرى التأكيد على تشجيع الاستثمار و الشراكة في عدة قطاعات على غرار قطاع الزراعة(الحبوب،الزيتون)، المولدات الكهربائية، الصناعات الصيدلانية و الهندسة و البناء.
واتفق الجانبان على عقد سلسلة من اللقاءات بين المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين ونظرائهم الإيرانيين عبر تقنية التحاضر عن بعد لفحص وتقييم هذه المشاريع.