فيما يرى مراقبون أنها قد تكون مجرد دعاية، أو خطوة مؤقتة لإدخال المساعدات، يرى آخرون أنها تأتي كبديل عن وقف العدوان، وتزيد من احتمالية استمرار العدوان، فيما قد ترمي لأهداف عسكرية أمريكية في المنطقة.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، أمس الجمعة، إن الولايات المتحدة ما زالت في مرحلة التخطيط لإنشاء الميناء المؤقت في قطاع غزة على البحر الأبيض المتوسط، وأنها في طور تحديد المصادر والقوات التي سيتم نشرها.
وأعلن المتحدث باسم "البنتاغون"، بات رايدر، في مؤتمر صحفي، أن "قبرص ستكون مكان خروج المساعدات إلى الميناء البحري المؤقت، ثم سيتم نقلها بعد ذلك إلى داخل القطاع لتوزيعها".
وتابع رايدر أن "التخطيط للميناء المؤقت وتنفيذه سيستغرق عدة أسابيع، وستواصل أمريكا التنسيق مع الدول الشريكة".
وعن طريقة عمل الميناء المؤقت، أوضح المتحدث باسم "البنتاغون": "سنقوم بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى الساحل في غزة، ثم يقوم الشركاء بتوزيعها داخل القطاع".
خطوة خطيرة
اعتبر الدكتور تيسير نصرالله، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن خطورة إنشاء ميناء مؤقت لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة أنها تأتي كبديل عن العمل لوقف العدوان ضد سكان القطاع.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، عبر هذا الميناء تتمكن إسرائيل من أخذ الوقت الكافي لاستمرار عدوانها لتحقيق أهدافها الرامية لإبقاء الانقسام الجغرافي بين الضفة وغزة للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
واعتبر أن إقامة هذا الميناء يعني استمرار تدمير القطاع وعزل شماله عن جنوبه، وعدم السماح بعودة النازحين إلى مناطقهم، لخلق واقع أمني جديد تحت السيطرة الإسرائيلية.
استخدام مؤقت
من جانبه اعتبر ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن المقترح الذي أعلن عنه بايدن بشأن إنشاء ميناء مؤقت على أحد شواطئ محافظات غزة، والذي يهدف لتقديم وإيصال المساعدات الإغاثية الإنسانية للسكان، يأتي في إطار المقترح ذاته الذي قدمته دولة الإمارات العربية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يأتي المقترح من أجل إيصال أكبر حجم من المساعدات الغذائية والصحية عبر الممر المائي، وهذا بسبب حجم المساعدات التي تصل إلى سكان محافظات قطاع غزة في ظل استمرار الحرب والحصار وفصل وتقطيع أواصر المحافظات جغرافيا وعدم سماح الاحتلال الاسرائيلي من دخول المساعدات بشكل دائم ومستمر عبر المعابر والمنافذ البرية.
وقال عطيوي إن الإجراءات الإسرائيلية بشأن المساعدات تضيف معاناة جديدة فوق معاناة ونكبة سكان غزة جراء استمرار الحرب والنقص الحاد جدا في السلع الغذائية والمواد التموينية والأدوية الصحية.
وأوضح أن الممر المائي أو ما يسمى الميناء المؤقت والذي كما تحدثت المصادر الإعلامية من الممكن أن يكون في شمال قطاع غزة ، لابد أن يكون فقط مؤقت ولا يتم استخدامه أو استغلاله من قبل إسرائيل من أجل تهجير المواطنين من غزة.
وقال إن هذا الأمر مستبعد وإن رشحت عن ذلك العديد من المخاوف والهواجس في استغلاله سياسيا وليس إنسانيا من قبل إسرائيل، بذلك نشدد على أن يكون الميناء ميناء مؤقت نظرا لعدم وجود أي هدنة تلوح في الأفق قريبا ونظرا أيضا لعدم التوصل لوقف إطلاق النار، وأن يبقى الممر المائي ممرا إغاثيا إنسانيا، كما أكدت على الهدف منه دولة الإمارات العربية، وأن ينتهي وجوده في انتهاء الحرب والتوصل لوقف إطلاق نار.
وشدد أبو عطيوي على أهمية المعابر والمنافذ البرية، لا سيما معبر رفح، نظرا لأهميته الكبيرة والذي يعتبر شريان الحياة الإنساني والاقتصادي الذي ينعش قلب غزة، معربا عن شكره لدور مصر والإمارات والأردن وقطر وكافة الدول العربية في دعم القضية الفلسطينية.
أهداف خفية
في السياق، اعتبر المحلل السياسي اللبناني ميخائيل عوض أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقدم على خطوات ومشاريع بريئة أو لها أهداف إنسانية، لا سيما في فلسطين، حيث أقدمت هناك على إبادة الشعب الأصلي واستبدلته بدولة مصطنعة تخدم مصالحها ومشاريعها لنهب الثروات والشعوب.
وقال عوض: "المشروع الأمريكي لا يحمل أي أبعاد إنسانية، بل هو استعماري في المقام الأول، ويهدف إلى استكمال مهمة قوات الغزو الإسرائيلية والتغطية على مجازرها".
وأوضح، في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن أمريكا وأدواتها وحلفها تقود حرب الإبادة في قطاع غزة، وقواتها البرية تشارك في المذابح هناك، فيما تعمل على تأمين إسرائيل دبلوماسيًا وعبر الفيتو في مجلس الأمن، وتزودها بالذخائر والأسلحة والأموال، فيما تتحدث عن ممر إنساني لغزة.
وشدد على أن الطرق والمعابر البرية الموجودة أيسر وأقل كلفة وأعلى جودة في تقديم المساعدات لأهالي غزة، وقرار فتحها في يد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي قادرة كذلك على وقف الحرب بكلمة واحدة.
وعن الهدف، يرى أنها تبني رأس جسر لتثبيت احتلالها لقطاع غزة أو أجزاء منها لتخدم مخططات بعيدة جرى الحديث عنها من قبل، وعن قناة بن غوريون والحزام والطريق الهندي، كما يأتي في ظل الحديث عن الثروات النفطية والغازية في ساحل غزة.
ومن غير المستبعد، بحسب عوض، أن يكون الهدف تحقيق ما عجز نتنياهو عن تحقيقه، فقد عجز عن احتلال غزة وتصفية حماس والمقاومة وعجز عن إطلاق أسير واحد بالحرب، ولم يجد من يقبل التعاون مع إسرائيل لإدارة غزة وفشلت محاولة حي الزيتون لإنشاء روابط قرى وإدارات عميلة بذريعة الإشراف على توزيع المساعدات، ومن غير المستبعد أيضا أن يكون معبرا لتهجير الغزاويين.
ولم يستبعد المحلل اللبناني كذلك أن يكون الأمر مجرد حملة دعائية لغسل أيادي بايدن من دماء الأطفال والنساء في قطاع غزة، الذي بات ناخبا ومقررا في الانتخابات الأمريكية المقبلة.
وصرح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اليوم الجمعة، بأن جيش بلاده سيتولى مسؤولية إنشاء ميناء مؤقت على ساحل قطاع غزة لاستقبال المساعدات دون أن تكون له قوات على الأرض.
وقال بايدن خلال خطاب حالة الاتحاد السنوي أمام الكونغرس: "الليلة سأوجه الجيش الأمريكي لقيادة مهمة طارئة لإنشاء ميناء مؤقت في البحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة يمكنه استقبال السفن الكبيرة التي تحمل الغذاء والماء والدواء والملاجئ المؤقتة".
وأضاف: "رغم إنشاء الميناء يجب على إسرائيل أن تقوم بدورها وأن تسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع وأن تضمن عدم وقوع العاملين في المجال الإنساني في مرمى النيران".
وكان البيت الأبيض، أعلن الثلاثاء الماضي، أن الولايات المتحدة تدرس خيارات إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عن طريق البحر.