وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن إسرائيل نشرت ما يزيد على 750 حاجزا عسكريا في طول الضفة الغربية وعرضها، بالإضافة إلى آلاف الكتائب والفرق الشرطية التي تجتاح مدينة القدس.
وحذرت من أن هذه الممارسات "الاستفزازية التصعيدية" من شأنها إشعال توترات جديدة في الصراع، لافتة إلى أن هذه الحواجز العسكرية تستخدم لفرض مزيد من العقوبات الجماعية على الفلسطينيين، وفقا لقناة "العربية".
وبحسب "الخارجية الفلسطينية"، فإن الحكومة الإسرائيلية بهذه الأعداد الكبيرة من جيشها، تحاول تكريس المنطق العسكري الأمني بالتعامل مع قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه ووجوده، بديلا للحلول السياسية التفاوضية للصراع.
وطرح البعض تساؤلات بشأن خطورة نشر إسرائيل لكتائب عسكرية في الضفة، وسر التوقيت، ومدى الربط بينه وبين الهجوم على قطاع غزة.
إشعال المنطقة
اعتبر أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، الدكتور أسامة شعث، أن "نشر إسرائيل كتائب عسكرية في الضفة الغربية، تأتي برغبة من نتنياهو، الذي يريد إشعال النار في الضفة والقدس وكل الأراضي الفلسطينية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "نتنياهو يريد في الوقت الذي تتجه كل أنظار العالم للصراع في قطاع غزة، وإمكانية اقتحام مدينة رفح، أن يباغت المجتمع الدولي بتحقيق المزيد من الأهداف بالضفة، والتي بدأت عبر الاقتحامات والمجازر في مدينة جنين، واغتيال عدد من أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل".
ويرى شعث أن "نتنياهو يحضر إلى إشعال المنطقة، لربما تقود لإرهاصات انتفاضة فلسطينية في الضفة، أملا في إشغال الرأي العام الداخلي عن فكرة إسقاط نتنياهو في ظل الصراع الكبير بالداخل، والتظاهرات الصاخبة التي تطالب بعزله من رئاسة الحكومة، والتي سبقت يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بسبب التعديلات القضائية، لكنها توقفت بعد هذا التاريخ، الذي جاء طوق نجاة لهذه الحكومة للاستمرار".
وأكد أن "نتنياهو يريد العودة لإشعال الوضع في الضفة الغربية هربا من الرأي العام الإسرائيلي، وللاستمرار في الحكم، وكذلك في خضم تنفيذ مخططات اليمين للقضاء على أي أمل سواء فلسطيني أو دولي أو عربي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين".
ضغط داخلي
قال المحلل السياسي الفلسطيني، فادي أبو بكر، إنه "في سياق ما ذكرته وسائل الإعلام العبرية حول نشر كتائب عسكرية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وتعزيز فرق الاستنفار، يبدو أن إسرائيل تراهن على أن التصعيد العسكري في شهر رمضان في كل من الضفة وغزة وحتى القدس، من شأنه أن يثير حالة من الجدل والضغط الداخلي في الأوساط الفلسطينية، بما يحقق الشروط والأهداف الأمنية والسياسية لإسرائيل وحلفائها في الغرب قدر الإمكان".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك": "في المقابل، يراهن مسؤول حركة "حماس" في غزة، يحيى السنوار، على أن شهر رمضان سيخدم مصالح "حماس"، من خلال تكثيف الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل لوقف عدوانها، وأن التصعيد الإسرائيلي قد يوسّع دائرة الصراع إلى ما أبعد من غزة".
ويرى أن "الأخطر من ذلك، ما كشفت عنه صحف عبرية، حول خطة يطبخها نتنياهو حاليا، تقوم على بقاء إسرائيل في قطاع غزة لمدة تصل إلى 10 سنوات، تقضي فيها على "حماس" والمقاومة، مع استبعاد أي سلطة فلسطينية في القطاع، ولا يمكن أن يكون نتنياهو فكر في خطة شيطانية كهذه، دون وجود بيئة إقليمية ودولية حاضنة لها أو متراخية تجاهها على أقل تقدير".
ومضى قائلا: "في ميزان الرهان في رمضان، تقود المؤشرات إلى أن غزة ستدفع مزيدا من الأثمان، وإن كان رهان الثالوث الأمريكي - الغربي - الإسرائيلي، على أن حراك الشارع والرأي العام الدولي بات منحسرا مع مرور الأيام، فإن التركيز الآن يجب أن ينصب نحو تنشيط الدبلوماسية الإعلامية والرقمية".
وأوضح أن هذا "التنشيط يأتي ليضمن تكاملها مع الدبلوماسية الشعبية والرسمية، وإعادة تنشيط وتوجيه الإعلام الدولي والرأي العام الدولي للضغط على هذا الثالوث الخبيث بكافة تمثيلاته، وتشكيل حالة ضغط دولي تفضي إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، كأولوية فلسطينية وشرط إنساني بالدرجة الأولى".
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حينما أعلنت حركة "حماس" الفلسطينية، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وتخللت المعارك هدنة دامت سبعة أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أميركية، وتم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال، وإدخال كميات من المساعدات إلى قطاع غزة.
وتجدد القتال بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، منذ صباح يوم الجمعة الموافق الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2023، بعد انتهاء الهدنة التي امتدت بالمجمل لـ7 أيام.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط أكثر من 31 ألف قتيل ونحو 73 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل في أنحاء القطاع.