ويرى مراقبون إن محاولة نتنياهو إبعاد غانتس من مسألة مفاوضات تبادل الأسرى تأتي لتقليل شعبيته، لا سيما مع زيادة الثقة الأمريكية والأوروبية، وتقدمه في استطلاعات الرأي.
وكشف صحف عبرية، أن نتنياهو قرر استبعاد الوزير بمجلس الحرب بيني غانتس من اتخاذ القرار في مفاوضات الإفراج عن المحتجزين، التي تستضيفها قطر.
وأشارت إلى أن نتنياهو أبلغ أعضاء الحكومة بقراره خلال مناقشة جرت مساء أمس الاثنين، وقال إن التوجيهات للوفد الإسرائيلي لن يحددها من الآن فصاعدا إلا هو ووزير الجيش يوآف غالانت.
استهلاك إعلامي
اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن غانتس مستمر في الانخراط باتخاذ القرارات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى رغم أنف نتنياهو، حيث لا يمكن للأخير إبعاده عن الملف، وما حدث مجرد إجراء للاستهلاك المحلي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إبعاد نتنياهو لغانتس محاولة لتقليص حظوظه وشعبيته، لا سيما بعد استطلاعات الرأي التي تؤكد أنه متفوق على نتنياهو بمسافة كبيرة، وأن نتنياهو يعاني في المقابل من إعادة حسابات أمريكية للتعاطي معه، والذي اصطف ضده.
وقال إن الرئيس الأمريكي بايدن أعلن تأييد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الذي هاجم نتنياهو وطالب بانتخابات مبكرة، وكذلك تأييده من قبل نانسي بيلوسي المسؤولة السابقة في الحزب، إضافة إلى اصطفاف ترامب في المعسكر ذاته، والذي طالب نتنياهو بسرعة إنهاء الحرب وإحلال السلام في الشرق الأوسط".
ويرى أن نتنياهو يحاول أن يبحث عن مانشيت أو وسيلة للمراوغة من خلال الحديث عن تقليص أو استثناء بيني غانتس من اتخاذ القرارات بشأن صفقة تبادل الأسرى، مؤكدًا أن الفترة القادمة والتي قد تشهد جولة أخرى من المفاوضات في القاهرة بعد قطر قد تشهد تراجعا من قبل نتنياهو عن هذا القرار.
وأوضح أن غانتس دائما في الشارع وينضم إلى تظاهرات أهالي الأسرى والمحتجزين ضد سياسات حكومة نتنياهو، حيث يضع بذلك قدما داخل الحكومة والأخرى خارجها، ويبحث عن التوقيت والسبب الذي يجعله يبرر خروجه من هذه الحكومة.
ويعتقد أنور أن هذه الخطوة تحتوي على قدر كبير من المبالغة من قبل نتنياهو وأنصاره، والرافعة الإعلامية الخاصة به، دعما لموقفه الشعبي المتدني على مستوى استطلاعات الرأي.
تفرد بالصلاحيات
من جانبه اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن تقليص نتنياهو صلاحيات الفريق المفاوض بشأن تبادل الأسرى، خطوة يريد منها إبقاء جميع الصلاحيات بيده، وأن يصبح صاحب القرار الوحيد في هذه المباحثات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، جزء من الوفد المفاوض رفض الذهاب إلى قطر من دون أن يكون معه صلاحيات كاملة، ومجلس الحرب فوض الوفد، حيث هناك صلة دائمة بين الحكومة المصغرة والوفد المفاوض.
وفيما يتعلق ببيني غانتس، نتنياهو يدرك جيدًا بأنه بات الشخصية الأكثر قبولًا في أمريكا وأوروبا، لذلك هو يريد قدر المستطاع أن يقلل من صلاحياته، والتقليل من دوره في هذه المفاوضات، لا سيما وأنه كان دائم التواصل مع أهالي المختطفين الإسرائيليين والموجودين في قطاع غزة.
وغادر أمس الاثنين الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة لمناقشة مسألة التفاوض، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه "تمت الموافقة على وثيقة مبدئية بين رؤساء الأجهزة الأمنية، تتضمن المطالب التي توافق عليها إسرائيل، وفي جلسة مجلس الوزراء تمت الموافقة على الوثيقة نهائيًا، تمهيدًا لمغادرة الوفد إلى قطر".
وتابعت قناة الـ "13" الإسرائيلية: "تشمل بعض مطالب حماس ضمانات من روسيا وتركيا كجزء من أي صفقة سيتم تنفيذها والإفراج عن جميع أسرى "صفقة شاليط" وتسليم قائمة بأسماء الذين سيتم إطلاق سراحهم ضمن كل صفقة فقط في نهاية الأسبوع الأول من فترة الراحة".
ووفقا للقناة الـ "13"، فإن حماس "تطالب بالإفراج عن جميع أسرى "صفقة شاليط" الذين تم اعتقالهم مرة أخرى، لكن إسرائيل مستعدة لإطلاق سراح جزء كبير منهم ولكن ليس جميعهم".
وتتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"، وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط نحو 32 ألف قتيل ونحو 74 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل في أنحاء القطاع.