وتجري تساؤلات كثيرة في الشارع العربي والغربي حول أسباب نسيان العالم وخاصة مجلس الأمن لقضية السودان ولماذا لم يستخدم المجلس أدواته "لوقف عمليات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب" التي تجري منذ أكثر من أحد عشر شهرا وطالت الأخضر واليابس؟
بداية يقول الدكتور الطيب عبد الجليل، الخبير السوداني في القانون الدولي، إنه حتى الآن تفتقد أو يغيب عن المنظمات الدولية متمثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الكثير من المعرفة والإلمام بالأوضاع الحقيقية على الأرض.
شأن داخلي
وأضاف عبد الجليل في حديثه لـ"سبوتنيك": "بأي حال من الأحوال لا يمكن المساواة بين طرفي الأزمة في السودان، لأن الجيش السوداني يمثل الدولة ويدافع عن كيانها وهو الممثل الشرعي للشعب، وفقا للمادة 50 و 51 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن الجيش يدافع عن البلاد في إطار المشروعية والقانون الدولي".
وتابع: "ما يقوم به الجيش من عمليات عسكرية يأتي في إطار المشروعية التي كفلها الدستور والقوانين الدولية التي تبيح له استخدام القوة في حالة الدفاع عن كيان الدولة ومؤسساتها".
وأشار خبير القانون الدولي، إلى أن "تأخر التدخل الدولي في الوضع الحالي في السودان ليس تقاعسا، بل لخصوصية الحالة السودانية وعلى اعتبار أن ما يدور هو شأن داخلي بين الجيش أو الدولة وفصيل تمرد على سلطات الدولة، لذا فإن أي تدخل لا يقره القانون الدولي ويعتبر تدخلا في الشأن الداخلي لدولة عضو في الأمم المتحدة وذات سيادة".
الأطماع الخارجية
وأوضح عبد الجليل أن النداءات الأممية الأخيرة سواء من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن جميعها تناشد طرفي الحرب التهدئة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية وفترة من الراحة لكي تتمكن الأطراف السياسية من وضع تصور للحل لا يمتهن كرامة وقدرة الدولة السودانية.
وحول ما إذا كان هناك دور خارجي في الأزمة السودانية حاول تأجيج الصراع من البداية يقول خبير القانون الدولي: "لا شك أن السودان بلد كبير وغني بالموارد الطبيعية وله موقع استراتيجي هام على البحر الأحمر ويعد أحد شرايين المنطقة، ما جعله محط أنظار ومطامع من قبل العديد من القوى الدولية والإقليمية".
خلافات في مجلس الأمن
من جانبه يقول السياسي السوداني، وليد علي، إننا لا نستطيع الجزم أن مجلس الأمن قادر على اتخاذ خطوة فعلية تجاه السودان حاليا.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "اجتماعات مجلس الأمن الأخيرة أثبتت أن أزمة السودان ليست على جدول أعماله أو على رأس أولوياته حاليا، إذا ما قارناه بالوضع في غزة و ما يدور حولها من غبار كثيف".
وتابع أبو زيد، هناك مخاطر محتملة قد تواجه أي محاولة للتدخل من مجلس الأمن، أولها عدم التوافق حول الموقف من الحرب في السودان من جانب أعضاء المجلس المؤثرين، علاوة على أن الوضع الداخلي بالسودان لا يساعد بالتدخل، إذ أن انتشار السلاح بصورة كثيفة خارج أيدي القوى المتقاتلة نفسها (مقاومة شعبية + حركات مسلحة) يجعل من التدخل خطوة غير معروفة التبعات و غير آمنة و مكلفة جدا".
غياب الأمن
ونوه أبو زيد إلى أن السودان حاليا هو أبعد بقعة عن الأمن في العالم وهذا يجعل فرق المساعدات معرضة لخطر كبير، و في حال التدخل العسكري سوف يجد المجتمع الدولي نفسه أمام مجموعات مسلحة عديدة غير القوات المسلحة وقوات الدعم السريع".
ولفت السياسي السوداني، إلى أن أفضل ما يستطيع فعله مجلس الأمن الآن هو إيقاف تدفق السلاح للبلاد، عبر آليات صارمة تردع الدول والجهات التي تدعم طرفي الصراع و تشكيل مجموعة ضغط قوية عليهما للتفاوض العاجل.
وتتواصل منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة بالسودان، حيث يحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية، بينها القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات الدعم السريع وعدد من المطارات العسكرية والمدنية.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم لإطلاق النار.
وخرجت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، وبين قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو للعلن، بعد توقيع "الاتفاق الإطاري" المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري الذي يضم قوات الجيش وقوات الدعم السريع في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.