وفي وقت سابق قرر وفد القيادة العامة بالجيش الليبي بالمنطقة الشرقية، تعليق مشاركته في أعمال اللجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية احتجاجًا على سحب المجلس الرئاسي قراره بشأن ضم "شهداء وجرحى القوات المسلحة بالمنطقتين الشرقية والجنوبية" إلى "الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين".
ودعا أعضاء الوفد الاتحاد الأفريقي واللجنة رفيعة المستوى إلى "اختيار الشريك الأفضل لنجاح هذه المهمة الخطيرة والحساسة" بدلا من المجلس الرئاسي، وفق البيان.
وفي 26 و27 من فبراير/ شباط الماضي 2024، عقدت في العاصمة الليبية طرابلس فعاليات مؤتمر دعم عملية المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الانتقالية، من أجل تمحيص بنود هذه المسودة ودراستها من الخبراء والمختصين في الشؤون القانونية والمصالحة الوطنية الشاملة.
عُقدت هذه الفاعليات بمشاركة محلية ودولية تمثلت في المجلس الرئاسي الليبي والبعثة الأممية وعدد من أعضاء مجلس النواب الليبي، والمنظمات التي تعمل على مبدأ المصالحة الوطنية وعدد من الحقوقيين والمهتمين.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، قال فتحي المريمي، المتحدث باسم "النواب الليبي" إنه تمت مناقشة مشروع قانون المصالحة الوطنية، وقرر المجلس إحالته إلى لجنة العدل والمصالحة الوطنية بالمجلس لدراسته وتقديم رأيه في مشروع القانون.
يرى برلمانيان أن المجلس التشريعي يمكنه القيام بالمهمة، مع ضرورة وضع بعض الآليات والنقاط التي من شأنها تفادي أخطاء العديد من الخطوات السابقة التي لم تنجح، والتي تمثلت في تشكيل لجان أو هيئات.
عدم رد الرئاسي واستغلال الأزمة
حاولت "سبوتنيك"، التواصل مع المجلس الرئاسي للحصول على توضيحات من طرفهم، (دون رد)، حتى نشر التقرير.
يقول البرلماني الليبي جبريل وحيدة، إن ملف المصالحة في ليبيا اجتماعي أكثر منه سياسيا.
ويضيف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن تولي المجلس الرئاسي ملف المصالحة كان بمثابة خطأ، أراد أحد الأطراف استثماره سياسيا، لاستمرار الأزمة في البلاد، التي تتحكم فيها الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها من الغرب ووكلاؤها في المنطقة.
وتابع البرلماني الليبي: "أن الرئاسي الليبي وضع نهاية للمسار الخاص بالمصالحة، كما أننا لم ولن نتوقع أي نجاح فيه، إضافة إلى أن الطرف الذي انسحب له مبرراته الصحيحة".
مطالب للبرلمان الليبي
ويرى البرلماني الليبي أن مجلس النواب مطالب بتولي الملف والاستفادة من الأخطاء السابقة وأخطاء المؤتمر الوطني، بتكليف هيئة مصالحة وطنية من الخيرين والمختصين، بعيدا عن التأثيرات السياسية والأيدولوجية والقبيلة والمحسوبية.
ويعتقد البرلماني الليبي أن ملف المصالحة لم يسند لمن هم أقدر على القيام بالمهمة، وهم رجال العرف والدين، استنادا لطبيعة المجتمع الليبي الذي يتأثر بالعرف والدين أكثر من أي جوانب سياسية.
هيئة جديدة
ولفت إلى أن الهيئة التي يفترض أن تتشكل يجب أن تكون قرارتها ملزمة للسلطة التشريعية والتنفيذية، وأن تبدأ بجبر الضرر، وآلية تحقيق العدالة الانتقالية.
قال البرلماني الليبي علي الصول، إن الشعب الليبي لا يحتاج إلى مصالحة وطنية، في حين أن الضرورة تقتضي توحيد المؤسسات الوطنية.
وتابع، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المؤسسات هي التي تسببت في انشقاقات بين أطياف المجتمع الليبي، مضيفا: "الرئاسي فشل في مسار المصالحة الوطنية، ولن ينجح في أي خطوات في هذا الاتجاه".
ولفت إلى أن البرلمان يعمل على قانون خاص بالمصالحة الوطنية، أحيل للجنة التشريعية بالبرلمان، بحيث يؤسس لها بشكل قانوني، يتعلق بجبر الضرر ومعالجة نقاط الخلل في هذا الاتجاه.
يذكر أنه في يوليو/ تموز الماضي 2023، استضافت الكونغو اجتماعات بشأن "المصالحة الوطنية"، توصلت خلالها الأطراف المشاركة إلى عدد من البنود والتوافقات المهمة.
وتقرر حينها عقد اجتماعات اللجنة التأسيسية في الداخل الليبي، بمشاركة قادة وشخصيات من مختلف المدن الليبية. وينحصر عمل اللجنة التأسيسية على التحضير لمؤتمر المصالحة الوطنية، على أن يعقد في مدينة بنغازي أو مدينة البيضاء.
وفي يونيو/ حزيران 2022، أعلن المجلس الرئاسي الليبي عن الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية.
وخلال مؤتمر في العاصمة طرابلس، بحضور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبه موسى الكوني، وعدة شخصيات سياسية وبمشاركة رئيس البرلمان، عقيلة صالح، ومجلس الدولة، خالد المشري، دعا المنفي حينها الليبيين إلى التسامح والتصالح.