يرى مراقبون أن الأمر ليس له تأثير على الأوضاع الاقتصادية في مناطق الشرعية نظرا لأنها عملية استبدال فقط، وأن المخاوف التي يتم الحديث عنها هى سياسية وليست اقتصادية.
فماذا وراء مخاوف الشرعية من عملة "أنصار الله" الجديدة؟
بداية يقول الدكتور شلال عفيف، الخبيرالاقتصادي اليمني، أن هناك العديد من الأسباب التي دفعت البنك المركزي الخاضع لسيطرة "أنصار الله" إلى إصدار عملة معدنية بدلا من العملة الورقية فئة 100 ريال.
العوامل الفنية
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك": "إن أحد الأسباب التي دفعت أنصار الله إلى إصدار العملة المعدنية فئة 100 ريال أن المركزي الخاضع لسيطرة أنصار الله لا يستطيع التعاقد مع شركات أجنبية في الخارج متخصصة لطباعة عملة ورقية، كونه بنك غير معترف به دوليا وجهة غير مخولة قانونا بذلك، فالجهة المخولة بإصدار العملة اليمنية بحكم القانون هي البنك المركزي اليمني في عدن المعترف به دوليا".
ويكمل عفيف: "بجانب عدم المشروعية في الطباعة، نجد أن مركزي صنعاء لا يمتلك أدوات ومقومات طباعة النقد الورقي وفق المعايير الدولية، فطباعة العملات الورقية تتطلب العديد من الإجراءات الأمنية أثناء عملية طباعتها بهدف جعلها أقل عرضة للتزوير".
وأضاف الخبير الاقتصادي: "يمثل عدم امتلاك البنك المركزي الخاضع لسيطرة أنصار الله التقنيات اللازمة لطباعة العملات الورقية وفق المعايير الدولية عقبة كبرى، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الطباعة، وهو ما دفع مركزي صنعاء إلى إصدار عملة معدنية، فالعملات المعدنية لا تتطلب إجراءات وعلامات أمنية كالتي توجد في العملات الورقية، كما يتم صكها من صفائح معدنية، وهو ما يجعل تكاليف صكها وإصدارها منخفضة".
وأشار عفيف إلى أن "ما تم إصداره من عملات معدنية في صنعاء لن يكون له تأثير على أسعار الصرف، وذلك لعدم خضوع أسعار الصرف في تلك المناطق لقوى العرض والطلب على العملات الأجنبية في الواقع، إنما لتسعير الإجباري المفروض بالقوة من قبل السلطات".
إجراءات صارمة
وحول الإجراءات التي اتخذها مركزي عدن التابع للشرعية يقول الخبير الاقتصادي: "إن مركزي عدن ألزم جميع والمؤسسات المالية والمصرفية باستخدام الربط الشبكي (شبكة الأموال الموحدة) وعدم استخدام أيا من شبكات أخرى عند تحويل الأموال، إضافة إلى منع الحوالات الصادرة إلى مناطق سيطرة أنصار الله بالعملات الأجنبية، ومنع جميع المواطنين والمؤسسات المالية والمصرفية والقطاعات التجارية من التعامل أو القبول بعملة مزورة وإحلالها محل عملة قانونية".
وأوضح عفيف: "من بين إجراءات مركزي عدن ردا على إصدار العملة المعدنية في صنعاء هو إخضاع البنوك التجارية والإسلامية التي توجد مراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة أنصار الله، لإجراءات البنك المركزي في عدن وعدم التعامل مع البنك المركزي في صنعاء".
وشدد الخبير الاقتصادي على أن الإجراءات السابق ذكرها في حال تم تطبيقها على أرض الواقع بشكل صارم في حق كل المؤسسات والجهات المالية وعدم مخالفتها، سوف تساعد على استقرار أسعار صرف العملة في الأجل القصير.
مخاوف سياسية
من جانبه يقول الدكتور محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن: "إن انزعاج الشرعية يتمثل في أن هذا الاجراء الذي قامت به صنعاء يعتبر انتهاك لشرعيتها، باعتبارها تمثل الشرعية المعترف بها دوليا والبنك المركزي في عدن هو البنك الشرعي".
وأضاف الشعيبي في حديثه لـ"سبوتنيك": "أما بالنسبة للمخاوف المتعلقة بسعر الصرف وغيرها، فإن إجراء صنعاء لا يمثل أي تهديد اقتصادي على مناطق الشرعية، كون ذلك الأمر لا يتعدى عملية استبدال للعملة الورقية التالفة فئة الـ"100 ريال"، في الوقت الذي لا تتوفر لدى مناطق سيطرة أنصار الله أي مقومات فنية أو أمنية تمكنها من طباعة عملة ورقية بدلا من التالفة".
وحذر البنك المركزي اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا بعدن، من تداول أي عملة يصدرها فرع البنك في صنعاء والتي قالت "أنصار الله" إنها تأتي بدل تلك التالفة.
وقال البنك المركزي في بيان إنه تابع إعلان فرع البنك المركزي بصنعاء سك عملة معدنية من فئة المائة ريال وطرحها للتداول من فئة المائة ريال الورقية.
وأكد البيان "رفض البنك هذا الفعل التصعيدي الخطير وغير القانوني الذي لا يأخذ بعين الاعتبار بأي شكل من الأشكال مصالح المواطنين"، وقال إن "هذه العملة تعد مزورة كونها صادرة من كيان غير قانوني".
وأضاف البنك أنه "يحتفظ بحقه القانوني في اتخاذ الإجراءات القانونية الاحترازية لحماية الأصول المالية للمواطنين والمؤسسات المالية والمصرفية، محملا أنصار الله تبعات هذا التصعيد اللامسؤول وما يترتب عنه من تعقيد وإرباك في تعاملات المواطنين والمؤسسات المالية والمصرفية داخليا وخارجيا".
وكان البنك المركزي في حكومة "أنصار الله" اليمنية قد اعلن إصدار عملة معدنية جديدة من فئة الـ100 ريال في إطار مواجهة مشكلة العملة التالفة.