وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أمس الأحد، أن القوات الإسرائيلية انسحبت من خان يونس جنوبي قطاع غزة، "للاستعداد لمهام مستقبلية من ضمنها مهمة في رفح".
وطرح البعض تساؤلات بشأن الأسباب الحقيقية وراء سحب إسرائيل قواتها العسكرية من جنوب قطاع غزة، وهل ثمة اجتياح لرفح، أم وقف قريب لإطلاق النار في القطاع.
غزة وإيران
اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن هناك سببين رئيسيين دفعا نتنياهو دفعا إلى تعديل مواقفه وسحب كل القوات من قطاع غزة، ما عدا لواء وحيد مقارنة بنحو 19 لواءً كانوا موجودين في القطاع، فيما تتمركز القوة الأخيرة لجيش إسرائيل في محور يفصل شمال القطاع عن الجنوب.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن هذه القوة لا تزال رهن التفاوض، حيث صرح رئيس الموساد الإسرائيلي بأنه يجب إظهار مرونة في نقل النازحين والسماح لهم بالعودة لمنازلهم في شمال قطاع غزة، أي أن هذا اللواء الأخير سيكون بلا طائل ولا عائد.
ويرى أن هذه الخطوة قد تكون لإنجاح صفقة التبادل، لأن شروط حماس التي تم الإعلان عنها يوم 14 مارس/ آذار وتم التأكيد عليها منذ أيام قبل الحضور للقاهرة، تتمثل في وقف العدوان وسحب القوات، وبالتالي إسرائيل تستجيب لـ 3 شروط بشكل كامل، والشرط الـ 4 أن تكون صفقة جادة ومشرفة للمقاومة.
وأكد أن الفجوات بين مواقف المقاومة والجانب الإسرائيلي تتقلص، والأعداد تقترب بين الجانبين، وكذلك نوعية من سيتم الإفراج عنهم، وهناك سعي للاستجابة للمطالب الأمريكية والمخاوف المصرية المتعلقة باستمرار الحشد الكبير على الحدود المصرية في منطقة رفح.
وأوضح أنه بعد تحريك القوات الإسرائيلية، وتراجعها خارج قطاع غزة، هناك من عاد لخان يونس ومخيمات الوسط، ما يعني أن هناك انفراجة في هذه الأزمة، وأن شروط حماس تم الاستجابة لها، مستبعدًا أن يكون هناك عملية برية، في ظل السعي لصفقة وهدنة مؤقتة، ثم الإفراج عن عدد من الأسرى الإسرائيليين.
وقال أنور إن "الأقرب مجرد عملية نوعية صغيرة قصيرة لإسرائيل قرب رفح، مع إنهاء القتال بشكل كامل في ظل السعي لإبرام صفقة خاصة بالدفعة الثانية المتعلقة بالعسكريين".
أما السبب الثاني، بحسب خبير الشؤون الإسرائيلية، وقد يتقاطع من السبب الأول، هو الرغبة في التفرغ لإيران، التي تهدد برد على اعتداء وقصف القنصلية في دمشق، ومصرع عدد من كبار الضباط الإيرانيين هناك، ولا بد أن يكون هناك عملية متمثلة في إطلاق صواريخ ومسيرات من إيران نفسها، فيما ستسعى إسرائيل بشكل أو بآخر للرد على إيران.
وبين أن هذا الأمر قد يتدحرج لمواجهة مباشرة، بالتالي يجب أن يكون هناك قوات احتياط، حيث تم بالفعل استدعاء قوات الاحتياط لسلاح الدفاع الجوي، ومن هنا قد يكون الجانب الإسرائيلي قد أبدى مرونة في صفقة مع الفلسطينيين والمقاومة، في ظل رغبته في عدم التشتت مع جبهتين كبار.
وأنهى حديثه قائلًا: "هناك مؤشرات باستجابة إسرائيلية للمطالب الفلسطينية إلى حد بعيد، إلا إذا فشلت المفاوضات في النهاية، خاصة مع دخول شاحنات الإغاثة بعدد وشكل غير مسبوق، وإعلان القاهرة دخول ما يزيد عن 300 شاحنة بشكل يومي في الأيام القادمة، وهو الأمر المتفق عليه ضمنًا مع إسرائيل، أو ما يمكن انتزاعه منها.
اجتياح وشيك
بدوره قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، إن هناك اعتقاد بأن سحب فرقة 98 الإسرائيلية من خان يونس، يأتي في خضم قرر الانسحاب من قطاع غزة، لكن تصريحات نتنياهو ومن بعده غالنت تؤكد أنها ليست أكثر من سحب قوات وإعادة تنظيم صفوفها وترتيبها، بعد أن تلقت عدة ضربات في قطاع غزة، وتحديدًا في منطقة خان يونس.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن ما يحدث هو عملية إعادة تنظيم الصفوف والاستعداد لاجتياح رفح، وقرار اجتياح رفح ينقصه فقط وضع آلية لإفراغ رفح من كتلته السكانية وانسحاب فرقة 98 التي كانت تضم 7 ألوية، أي ما يقارب 30 إلى 35 ألف مقاتل، هي استعداد لاجتياح رفح، وهذا ما كان يخطط له الاحتلال خلال الأيام الماضية.
وتابع: "لدينا عدة أيام في العيد بدون حرب واسعة، لكنه توقف مؤقت ليس طويلا، إلا إذا نجح الوسطاء في التوصل إلى هدنة تمتد إلى 40 يومًا".
ويرى الرقب أن كل هذه الأمور والتحركات مرتبطة بما تفكر فيه إسرائيل، أما اجتياح مدينة رفح فقد اتُخذ به القرار فعلا، وسحب القوات من خان يونس مجردة إعادة ترتيب وتجهيز لهذه المعركة.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية، عن غالانت قوله: "تم سحب القوات بعد أشهر من القتال العنيف لأن "حماس" لم تعد موجودة كإطار عسكري في خان يونس شمال رفح، حيث يعيش أكثر من 1.5 مليون فلسطيني".
وفي وقت سابق، صرح محلل عسكري إسرائيلي، بأن انسحاب الفرقة 98 من خان يونس في قطاع غزة، يأتي للإعداد لتحركات مقبلة.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن المعلق العسكري، يوآف زيتون، أنه "من الضروري معرفة الحقيقة والعلم بما يدور، خاصة مع إعلان الجيش الإسرائيلي انسحاب الفرقة 98 بألويتها الثلاثة من مدينة خان يونس بقطاع غزة".
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لعملية عسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، حيث ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم"، ظهر اليوم الأحد، أن "انسحاب الفرقة 98 بألويتها الثلاثة من مدينة خان يونس يأتي استعدادا للعمل العسكري في رفح".
وأكدت إذاعة الجيش أنه "انسحبت الليلة الماضية لكافة الوحدات التابعة للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، بما فيها الفرقة 98 بألويتها الثلاثة من خان يونس، وتبقى في قطاع غزة لواء الناحال العامل في ممر نتساريم الذي يفصل بين مناطق شمال غزة ومناطق الوسط والجنوب"، مضيفة أن "لواء ناحال بقي داخل القطاع ومهمته منع عودة الغزيين إلى شمالي القطاع".
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن هناك تقليص كبير في القوات في غزة، مشيرة إلى أنه لم يبق في القطاع الآن سوى لواء ناحال، وهو لواء ضعيف.