وفي ظل الحرب الإسرائيلية على القطاع، وتراجع دخول المساعدات، تزداد حالات الجوع والفقر، وعدم حصول المواطنين على حاجتهم من المواد الغذائية، ووصلت الظروف المعيشية في القطاع المحاصر إلى حالة مزرية وتتدهور بشكل منهجي، مما جعل البعض يكافح رغم الموت والحرب والدمار لكسب الرزق.
بسمة الشاويش، طالبة جامعية، اضطرت للنزوح من مدينة غزة عقب قصف الجيش الإسرائيلي منزل العائلة، وفقدت خلال القصف أخواتها، ومكثت مع من تبقى من عائلتها في بيت جدتها لفترة، ثم انتقلت مع اشتداد القصف إلى مدارس الإيواء، لكن المدارس لم تكن أمنة حيث استهدفت من قبل الجيش الإسرائيلي.
طالبة جامعية تبيع الحمص لإعالة أسرتها في دير البلح
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتنقلت بسمة إلى مناطق عديدة في غزة، حتى فقدت الأمل في البقاء، واضطرت إلى النزوح مع عائلتها نحو جنوبي قطاع غزة، وأثناء النزوح فقدت والدها، ولم يعد لدى العائلة من يعيلها، ومع شح المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، وغلاء الأسعار، وسوء الوضع المعيشي للنازحين، بادرت بسمة إلى عمل مشروع " فتة حمص" لتعيل أسرتها، واستخدمت أدوات بسيطة، في إعداد الحمص، ثم تشجعت ووضعت منتجها أمام الناس في دير البلح وسط قطاع غزة.
طالبة جامعية تبيع الحمص لإعالة أسرتها في دير البلح
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتقول بسمة لوكالة "سبوتنيك" عن مشروع الحمص: "بعد نزوحنا إلى جنوب قطاع غزة، ومقتل والدي، لم يعد لنا معيل، فبادرت إلى بيع فتة حمص، وكنت في البداية مترددة وخائفة، ألا ينجح المشروع، لكني تشجعت وقمت بشراء المواد المطلوبة، ونجح المشروع من اليوم الأول".
وتضيف: "كان أسعد يوم في حياتي عندما نجح المشروع، ولم أتعرض للانتقاد بل تقبل الناس الفكرة، وكل يوم يزداد الزبائن، الذين تعجبهم فتة الحمص".
وكانت بسمة (21 عامًا) قبل الحرب، طالبة محاسبة في جامعة غزة، لكنها اليوم تبيع أطباق الحمص في دير البلح، ورغم هذا التغير الكبير، إلا أنها تقف بقوة على بسطة في الشارع، لتبيع الحمص، وتعتبر ما حققته نجاح رغم الإرهاق والجهد الذي تبذله لساعات طويلة كل اليوم، وتواجه بسمة بعض الصعوبات، في الحصول على المواد اللازمة للعمل كالخبز، وكذلك ارتفاع أسعار الحمص.
طالبة جامعية تبيع الحمص لإعالة أسرتها في دير البلح
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتقول بسمة: "قبل الحرب لم يكن ينقصني شيء، وكنت في الجامعة وأحلامي كانت كبيرة، لكن الحياة تغيرت كثيراً بعد الحرب، وعلينا أن نكافح من أجل كسب الرزق، حتى لا نحتاج أحد".
ويقول الشاب أحمد مروان لـ "سبوتنيك": "فكرة المشروع جيدة، والحمص طعمه رائع، وأصبحت زبون دائم، ورغم أنَّ بسمة فقدت عدد من عائلتها، ما زالت قوية، وتسعى لكسب الرزق".
ويضيف أحمد: "هدف بسمة كان مختلف تماما، ربما كان في التحصيل العلمي والعمل ضمن تخصصها في المحاسبة، وأحلام أخرى تسعى لتحقيقها، لكن بعد السابع من أكتوبر لم يبقى حلم في القطاع، ألا وتوقف وتم تأجيله، والكل يسعى خلال الحرب إلى تأمين الطعام، والاحتياجات الأساسية للعائلة".
ويقول الشاب سامر مفيد: "مبادرة رائعة، أن تقوم فتاة بعمل مشروع ناجح في ظل الحرب، وأتمنى لها النجاح، وكان من المفروض أن تكون بسمة في الجامعة، لكن ظروف الحرب غيرت أشياء كثيرة، والطموحات أصبحت معلقة، لكن مثل هذه المشاريع المحترمة، تؤكد أننا شعب يقدم للعالم مفاهيم جديدة عن الصبر والتحمل، ومواجهة الصعوبات".
طالبة جامعية تبيع الحمص لإعالة أسرتها في دير البلح
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتتمنى بسمة أن تنتهي الحرب، وتعود إلى الجامعة وتكمل الدراسة للحصول على شهادة في تخصص المحاسبة، وحتى يأتي ذلك اليوم، لا تفضل انتظار المساعدات، بل تبذل قصارى جهدها للقيام بواجباتها تجاه عائلتها تحت وطأة الحرب.
ويسعى معظم النازحين الذين فقدوا مصدر رزقهم في قطاع غزة، إلى البحث عن فرصة عمل في ظل الحرب، وتقول منظمة العمل الدولية: "إن القطاع الخاص في غزة فقد 90 بالمئة من الوظائف على مدى الأشهر الستة التي تلت اندلاع الحرب"، وعانى اقتصاد غزة، الذي تفرض عليه إسرائيل حصاراً منذ وقت طويل، لسنوات قبل الحرب، مع أحد أعلى معدلات البطالة في العالم.
طالبة جامعية تبيع الحمص لإعالة أسرتها في دير البلح
© Sputnik . Ajwad Jradat
ومع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، تزداد أوضاع النازحين سوءاً، حيث يعيشون في مراكز إيواء وخيام معدومة المقومات الحياتية، في ظل نقص تدفق المساعدات الإنسانية، ما ترك 2.4 مليون فلسطيني يواجهون انتشر المجاعة والأمراض.
وفي اليوم 185للحرب على قطاع غزة، يواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع ، حيث دمر أحياء بكاملها، وتسبّب بنزوح 1.7، من أصل 2.4 مليون نسمة، وأثار أزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة.
طالبة جامعية تبيع الحمص لإعالة أسرتها في دير البلح
© Sputnik . Ajwad Jradat