ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قطاع غزة بأنه "عشوائي، وخطأ".
بدوره قال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، أمس الثلاثاء، إنه يجب ممارسة ضغوط وربما فرض عقوبات على إسرائيل كي تفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة.
وأضاف الوزير الفرنسي "فرنسا من أوائل الدول التي اقترحت أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يرتكبون أعمال عنف في الضفة الغربية. وسنستمر إذا لزم الأمر حتى نتمكن من إدخال المساعدات الإنسانية"، وفقا لـ"سكاي نيوز".
وطرح البعض تساؤلات بشأن الموقف الغربي تجاه إسرائيل، وما إذا كان موقفًا حقيقيًا يعبر عن تغير في السياسة أم مجرد دعاية وتهديدات كلامية لا طائل منها.
تغيير النهج ولكن
اعتبر فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، إن هناك ضغطا أمريكيًا على إسرائيل في ظل هول المشاهد والدمار والخسائر البشرية الفادحة في قطاع غزة، إلى جانب الاستهداف الإسرائيلي المتعمد لعمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي الذي شكل إحراجاً مضاعفاً لإدارة بايدن كونها لا تزال تواصل دعم إسرائيل عسكرياً ولوجستياً.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، "لكن الضغوط الأمريكية على إسرائيل تبقى في إطار تغيير النهج العسكري الإسرائيلي ولفرض هدن إنسانية مؤقتة وليس من أجل وقف العدوان على قطاع غزة، وذلك في سبيل امتصاص الغضب الدولي المتصاعد إزاء ما يجري في قطاع غزة، هذا فضلاً عن ضمان عدم خروج الأمر عن السيطرة واتّساع رقعة الصراع، لا سيّما في ظل التصعيد الحالي على الجبهة الشمالية".
على الصعيد الأوروبي، يمكن القول إن هناك تحولا إيجابيا وتحركات مهمة لصالح فلسطين، أبرزها ما تقوم به إسبانيا مع مجموعة من الدول الأوروبية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية في شهر تموز/ يوليو المقبل، إلى جانب القرارات التي اتخذت من قبل الاتحاد الأوروبي مثل قرار فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين.
وبحسب أبو بكر، يمكن القول إن ما حدث ويحدث من إبادة لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة علّق الجرس، وبالتالي الساحة الأوروبية خاصةً والدولية عموماً مهيئة حالياً لتحقيق إنجازات أكبر وأكبر لصالح القضية الفلسطينية، إنجازات سياسية من شأنها أن تعدّل الكفة وتعزز مسار تقدم طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
موقف متراخٍ
من جانبه اعتبر ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن الإدارة الأمريكية لم تستطع للأسف الضغط على إسرائيل للقبول بهدنة لعدة أيام قليلة خلال أيام عيد الفطر، ومن ثم إكمال باقي المفاوضات حول نجاح الصفقة التي ستؤدي إلى هدنة مدتها 6 أسابيع.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الموقف الأمريكي متراخٍ وغير حازم وجاد بالضغط على إسرائيل بوقف العدوان على غزة، لأنه يمتلك القدرة والتأثير على حكومة الاحتلال هذا من جهة، ومن جهة أخرى نظرا لوجود المصالح الإسرائيلية المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.
وأما عن سماع أصوات أمريكية رسمية أنها ستقوم بتغيير سياستها تجاه إسرائيل، "وهذا لعدم قبول إسرائيل بوقف الحرب والعدوان بشكل دائم، أو حتى التوصل لاتفاق يحمل في طياته هدنة مؤقتة، فهذا أمر بات لا يصدق وأنه مجرد استهلاك إعلامي فقط لأن الإدارة الأمريكية تستطيع الضغط بشكل عاجل وفوري على إسرائيل ولكنها لا تريد".
وأكد أن "الإدارة الأمريكية ترواغ في موقفها وترواح في نفس المكان دون إحداث أي تقدم ملموس يعطي الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الأمل في إنهاء، الحرب والعدوان الذي ما زال مستمرا لليوم 187 على التوالي".
وتابع: "أما عن تلميحات الموقف الفرنسي الجديدة بفرض عقوبات على إسرائيل، وهذا قياسا بالموقف الأوربي بشكل عام، فإنه للأسف الشديد أيضا، لم تتعد لهجة الخطاب سوى تصريحات إعلامية لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تحدث أي تقدم إيجابي عملي يخدم شعبنا الفلسطيني بوقف الحرب المستمرة عليه".
وأكد أن "إسرائيل تعلم أن الموقف الأوروبي وبعيدا عن التصريحات الإعلامية، فإنه موقف غير موحد وفي تباينات واختلافات، نظرا لارتباطات بعض الدول الأوروبية في علاقات ومصالح مشتركة مع دولة الاحتلال".
واستطرد قائلًا: "اليوم وفي دخول الحرب شهرها السابع وازدياد الأمر أكثر تعقيدا وأكثر نكبة وخسارة لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة على كافة الصعد والمستويات، وفي ظل تهديد رئيس حكومة الاحتلال عزمه على اجتياح رفح وعدم تراجعه عن هذه الفكرة ، فإن دخول إسرائيل إلى رفح أصبح مسألة وقت ليس إلا، فحينها سيشهد العالم نكبة جديدة سيكون ضحاياها من الأطفال والنساء بالألوف".
وقال أبو عطيوي، إن المطلوب الضغط عربيا ودوليا بشكل فاعل وحقيقي ومساندة جمهورية مصر العربية ودولة قطر من أجل أن تقوم الإدارة الأمريكية بتغيير سياستها التي تمتاز بالتراخي والتهادن، والوصول لمفاوضات تفضي بنهاية المطاف إلى نجاح (صفقة تبادل) تؤدي لوقف إطلاق نار شامل ودائم، والأهم أيضا الدخول بشكل مباشر لمفاوضات ومباحثات جادة للوصول إلى اتفاق سلام شامل وعادل يضمن لشعبنا دولة مستقلة في إطار حل الدولتين.
تهديدات كلامية
في السياق، اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن الموقف الأوروبي حتى الآن متردد في الحسم الجاد تجاه إسرائيل، وحتى فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل أوروبا لم يتخذ أي خطوات جدية في هذا الاتجاه.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، موضوع العقوبات على إسرائيل الذي لم يقف عند إبادة الشعب الفلسطيني ويتجاوزها باستهداف مؤسسات الإغاثة الغربية الإنسانية يؤكد أنها تهديدات كلامية، وتقارير كثيرة تؤكد أن صفقات السلاح بين الغرب وإسرائيل ما زالت مستمرة بشكل سري، ولولا ذلك لتوقفت الحرب نتيجة توقف إمداد الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح والذخيرة.
ويرى أن تهديد نتنياهو وحكومته بإجتياح رفح رغم كل التهديدات الغربية تؤكد أنه لا يعير هذه التهديدات أي اهتمام، فيما تقف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على المحك عندما يعرض مجلس الأمن بعد أسبوع التصويت على منح فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وهذه الدول إما أن تؤكد وعدها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أو أن تستخدم الفيتو كالعادة، وأعتقد أن استخدام الفيتو هو الأقرب.
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حينما أعلنت حركة حماس الفلسطينية، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط أكثر من 33 ألف قتيل و أكثر من 76 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل في أنحاء القطاع.
وتعاني مناطق قطاع غزة كافة أزمة كبيرة في المياه والغذاء، جراء تدمير الجيش الإسرائيلي للبنى التحتية وخطوط ومحطات تحلية المياه، فيما حذرت الأمم المتحدة من تداعيات أزمة الجوع، التي يعاني منها سكان غزة، مع استمرار الحرب بين حركة حماس وإسرائيل.