ويأتي هذا الحراك الاحتجاجي استجابة إلى الدعوة العامة التي أطلقتها "الشبكة التونسية للتصدي لمنظومة التطبيع" لدعم صمود الشعب الفلسطيني وتنديدا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل.
ومن أمام مبنى السفارة هتف المشاركون في الوقفة الاحتجاجية: "الشعب يريد طرد السفير.. الشعب يريد غلق السفارة"، محمّلين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها مسؤولية الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة.
أمريكا شريكة في العدوان
وقال عضو "الشبكة التونسية للتصدي لمنظومة التطبيع"، صلاح الدين المصري، لـ"سبوتنيك": "بهذه المسيرة نجدّد دعمنا للقضية الأم ووقفونا إلى جانب الحق الفلسطيني وتنديدنا بسياسة القتل والدمار والتهجير والتجويع التي تنتهجها إسرائيل لمحق الهوية الفلسطينية".
ولفت المصري، إلى أن "التونسيين يرابطون أسبوعيا أمام مقر السفارة الأمريكية منذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023"، مشددا على أن المسؤولية الأمريكية واضحة فيما يحدث في غزة.
واعتبر المتحدث أن العملية العسكرية الإيرانية ضد إسرائيل أمس "عرّت الانحياز الأمريكي الفاضح لإسرائيل وتستر المعسكر الغربي على جرائم ضد الإنسانية أكدتها المحاكم الدولية".
وأضاف: "القوى الغربية هي شريكة في هذا العدوان، من خلال الدعم السياسي واللوجستي والعسكري الذي تقدمه لإسرائيل، وآخره مشاركة كل من الولايات المتحدة وفرنسا في إحباط المسيرات الإيرانية".
ودعا المصري السلطات التونسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى تفعيل المطالب الشعبية التي تنادي بطرد سفراء الدول الشريكة في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
وقال عضو الشبكة التونسية: "للتصدي لمنظومة التطبيع إن على الحكومات العربية بالأخص والدول الديمقراطية أن توّحد مواقفها وتتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن الحق الإنساني وتتخذ خطوات عملية لوقف حملات التهجير والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني".
وشدد المصري على أن فتح المعابر وإدخال المساعدات الغذائية والطبية لأهالي قطاع غزة هو أولية قصوى في ظل الوضع الإنساني الكارثي في القطاع الذي فاقمته سياسة التجويع.
الضربة الإيرانية "تعرّي" ضعف إسرائيل
وفي تصريح لـ "سبوتنيك"، قال الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي، محسن النابتي، إن التحركات الاحتجاجية التي يقودها التونسيون أحزابا ومنظمات ونشطاء مشروعة وتبرهن على تمسك الشعب التونسي بالقضية الفلسطينية.
وأضاف: "سنعمل على أن يستمر هذا الزخم الشعبي وأن يتطور في اتجاه اتخاذ خطوات عملية تدعم الحق الفلسطيني وتفضي إلى محاسبة إسرائيل وحلفائها على جرائمها".
وقال النابتي إن التحركات أمام السفارة الأمريكية هي تعبير عن رفض الشعب التونسي لتواجد أطراف دولية تدعم المجازر الإسرائيلية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها "الراعي الرسمي لاسرائيل".
وتابع: "إسرائيل ليست سوى واحدة من أذرع الإدارة الأمريكية التي تنفذ بها هيمنتها وغطرستها على العالم، ومن الطبيعي أن تتوجه المسيرات إلى السفارة الأمريكية بدرجة أولى وإلى السفارة الفرنسية بدرجة ثانية، خاصة بعد أن أعلنت فرنسا أمس أن قواتها البحرية والجوية قامت بالدفاع عن اسرائيل".
واعتبر النابتي أن الضربة الإيرانية الأخيرة عرّت حقيقة إسرائيل. ويرى أن ما قامت به إيران هو "دفاع عن السلم العالمي أمام البلطجة التي تنفذها إسرائيل بدعم من الإدارة الأمريكية والحلف الأطلسي".
وتابع: "هذه العملية العسكرية لم تكن موجهة بالمعنى العسكري ضد إسرائيل فقط، وإنما كانت موجهة ضد الحلف الأطلسي باعتبار اعتراف الدول الثلاث الكبرى في الحلف الأطلسي أنها شاركت في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية".
ويرى النابتي أن "هذه الخطوة برهنت على مكانة إيران كقوة إقليمية في المنطقة، خاصة وأنها تمكنت من إرساء قواعد اشتباك جديدة وفرضت قوة ردع هائلة في المنطقة، في المقابل تبين بالدليل القطعي أن إسرائيل وقفت عاجزة أمام التهديد الإيراني".
وقال النابتي إن تدخل فرنسا وأمريكا وبريطانيا لحماية إسرائيل أسقط النظرية الأمنية وبين أن إسرائيل لم تعد قوة إقليمية بل باتت مجرد محمية لقوى الحلف الأطلسي.
تأثيرات الضربة الإيرانية
وحول التأثيرات المحتملة للعملية العسكرية الإيرانية على مجريات الأحداث في المنطقة، قال النابتي إن "هذه الضربة ستطور في منسوب الثقة في محور المقاومة في المنطقة والتي تعتبر إيران القوة الضاربة فيهط.
وتابع: "هذه الخطوة سترفع من معنويات المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرها من محاور المقاومة، باعتبار أن هذه الضربة أثبتت أن المقاومة أصبحت مدعومة من قوى إقليمية وازنة وقادرة على تغيير مجريات الأحداث".
ويرى النابتي أن "الخطوة الإيرانية تؤكد أيضا الشعار الذي رفعه محور المقاومة وأكد عليه الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، منذ اللحظة الأولى: "لن نسمح بهزيمة المقاومة الفلسطينية في غزة".
من ناحية ثانية، اعتبر النابتي أن هذه الخطوة هي إحدى المؤشرات على التغير الدولي الكبير في موازين القوى، مضيفا: "الغطاء الدولي الذي تشكله القوى الدولية الكبرى ممثلة في روسيا والصين يعطي هامش مناورة واسع لكل القوى الإقليمية المناوئة للهيمنة الأمريكية، خاصة ونحن نعلم أن مجلس الأمن القومي لم يعد مستباحا للقوى الأمريكية وحلفائها، وإنما أصبحت هناك قوى دولية وازنة توفر الغطاء السياسي والدعم اللوجستي للقوى الإقليمية الراغبة في السيادة والتحرر" .
بدوره، قال رئيس المرصد المغاربي لتجريم التطبيع ودعم المقاومة، أحمد الكحلاوي، في تعليق لـ "سبوتنيك"، إن العملية العسكرية الإيرانية ليست مجرد رد على الاعتداء على القنصلية الإيرانية في سوريا، وإنما هي خطوة رمزية مفادها أن الجرائم الإسرائيلية لا يمكن أن تمر دون محاسبة.
واعتبر الكحلاوي أن الضربة الإيرانية تؤشر لتشكل نظام دولي جديد ينتصر للديمقراطية وللحرية ولحق الشعوب في تقرير مصيرها ويقطع مع الهيمنة الغربية.
وقال الكحلاوي إن من مؤشرات هذا النظام هو خروج مسيرات شعبية من داخل الأنظمة الغربية تدعم القضية الفلسطينية وتندد بالجرائم الإسرائيلية وتعدد الأصوات التي تطالب بوقف التمويل الغربي لإسرائيل.