ومع تكدس النازحين في مدينة رفح جنوباً أصبحت حياة الفلسطينيين صعبة بشكل متزايد، ما دفع النازحين من شمال قطاع غزة إلى محاولة العودة إلى بيوتهم، بعد سماعهم أنباء أن عدة أشخاص تمكنوا من عبور نقطة تفتيش مغلقة باتجاه مدينة غزة شمالي القطاع، وقد سارع أعداد كبيرة من نازحي الشمال محاولين الوصول إلى المناطق التي ينتمون إليها في شمال غزة، بعد أكثر من ستة أشهر من النزوح جراء الحرب.
ويقول النازح الستيني محمود سليم لوكالة "سبوتنيك" عن محاولة عودته إلى شمال القطاع: "لقد سمعت أنَّ هناك من نجح بالعودة إلى الشمال، ولست ومتأكد ولكني سأذهب ولو عن طريق السباحة في البحر، وأولادي قدموا معي لكني أضعتهم، ولا أعرف إذا نجحوا في الوصول أو قتلوا".
ويضيف النازح رفعت سعيد، عن حال النازحين وما دفعهم للمحاولة العودة إلى شمال القطاع: "نحن أموات، إن بقينا في الجنوب بالجوع والمرض أو عدنا وقتلنا، لكني أفضل محاولة العودة وحتى لو قتلني الجيش الإسرائيلي".
وتقول النازحة فريدة خالد لـ "سبوتنيك" وقد أصيبت في قدمها وهي تحاول المرور من نقطة التفتيش الإسرائيلية: "سمعنا أنَّ جيش الاحتلال يسمح للنساء بالعودة إلى شمال القطاع، وعند اقترابي من نقطة التفتيش، رفعت يدي عندما رأيت الجندي الإسرائيلي، وقلت له ليس معي شيء، فقد أريد العودة إلى بيتي، لكنه ضربني على قدمي وكسرها، وما زالت تنزف من الدماء، ولا أعلم كيف أوقف النزيف".
وتضيف الحاجة أم أحمد والدموع في عينها: "يطلقون النار على الجميع، لا نستطيع العودة، وقد عدنا مرة أخرى، وننتظر رحمة من الله".
وتقول النازحة روان هادي: "كنا متجمعين أمام الحاجز، وأطلق الجيش النار علينا من كل صوب ورجعنا، وبقي البعض هناك ولا نعرف ماذا حدث معهم".
وفي حديث عبر الهاتف بين النازحين، ومسؤول في الجيش الإسرائيلي، طلب النازحون منه السماح لهم بالعودة، وأجاب: "لا يسمح لأي أحد بالمرور، والذي يتجاوز نقطة التفتيش يطلق عليه النار".
وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي لا يسمح بعودة السكان لا عن طريق صلاح الدين (شرق) ولا عن طريق شارع الرشيد (غرب)"، وحذر الفلسطينيين من الاقتراب من القوات الإسرائيلية الموجودة بشمال القطاع، مؤكدا أنها "لا تزال منطقة حرب" وأنَّ إسرائيل لن تسمح بالعودة إليها.
وارتفعت محاولات النازحين العودة إلى شمال القطاع، بعدما نجحت عائلات مكونة من نساء وأطفال فقط، لا يتعدى عددها الـ 15، من العودة إلى مناطق الشمال بعد أن وصلت بشكل ارتجالي إلى نقطة تمركز القوات الإسرائيلية، لكن بعد توافد أعداد كبيرة من النازحين، متجهة من جنوب القطاع إلى شمال غزة، منعهم الجيش الإسرائيلي أطلق النار صوبهم.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة وقد دخلت شهرها السابع، وسط مخاوف من عملية برية في رفح جنوب القطاع، في حال انهارت مفاوضات إطلاق سراح الرهائن في غزة، مما يسبب كارثة مدمرة في صفوف النازحين، الذين يعيشون في خيام ويواجهون أوضاع إنسانية صعبة للغاية، أجبرت عددا كبيرا منهم مواجهة الموت، في محاولة للعودة إلى شمال القطاع.
وفي اليوم 193 للحرب على القطاع ارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة إلى 33843 قتيلا و76575 مصابا غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما لا يزال آلاف المواطنين في عداد المفقودين تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.