حلم ينتظره الليبيين بكل شغف، متأملين أن تكون الانتخابات نهاية للصراعات والأزمات، التي تعيشها بلادهم منذ سنوات.
معوقات حقيقية
بالطبع أن اعتماد اللائحة التنظيمية للانتخابات من قبل المفوضية العليا للانتخابات عامل مساعد في حال اتفقت عليه الأطراف وتم إزالة العقبات لإجراء الانتخابات، لأن أمر اعتماد اللائحة التنظيمية هو أمر إجرائي يفترض أن تقوم به المفوضية بعد أن تحال لها القوانين من الجهة التشريعية، وفقا للأكاديمي الليبي فوزي الحداد، الذي أكد أن هذا الإجراء إجراء منتظر من المفوضية.
وأضاف في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن "ما تبقى الآن هو الحل السياسي الذي يستند على توافق الأطراف المحلية والدولية على إجراء الانتخابات وهذا ما لم يحدث حتى الآن، ما يعني أن هذا الإجراء الذي قامت به المفوضية لا يمكن أن يقدم موعد الانتخابات أو يعجل بإجرائها أو يؤثر بها، وذلك لأن الأطراف المعنية بالأزمة هي من تقرر ذلك، ويبدو أن هذا الأمر بعيد جدا حتى الآن، وأن الانتخابات لن تعقد في الأمد القريب ولن تجرى انتخابات عامة في البلاد قبل سنتين على الأقل".
فيما يرى الحداد أن "المعوقات التي تمنع إجراء الانتخابات كثيرة أولها حالة الفتور الذي تعاني منه الأزمة الليبية من قبل المجتمع الدولي، وأن المجتمع الدولي في خضم الصراعات الدولية المحيطة بالإقليم الليبي، مثل الصراع الروسي الأوكراني والصراع العربي الإسرائيلي، الإضافة إلى التحديات الأخرى في العالم اليوم، لا يبدو أن مهتم بمعالجة الأزمة الليبية".
وتابع: "إذا ما توصل المجتمع الدولي، القوى الفاعلة المتدخلة في ليبيا، إلى حل ستظل الأزمة الليبية على ماهي عليه، لأنها ليست ساخنة بالقدر المؤذي، ولا هي مؤثرة على محيطها، بمعنى أن الأمور الاقتصادية مقبولة والنفط الليبي يتقدم ويعزز الأسواق الليبية، وهذا مهم جدا لهذه القوى، بالإضافة إلى توقف النمو الإرهابي وتهديده في ليبيا".
وأوضح أن "السيطرة الجزئية على ملف الهجرة غير الشرعية بعد الأمور التي فعلتها الدول الأوروبية منها تلك الحملات العالمية، التي تم تسويقها بخصوص المعاملة السيئة التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين، مما أدى إلى انخفاض أعداد الراغبين من الأفارقة لدخول ليبيا وأصبحوا يفضلون دول أخرى عنها كتونس أو الجزائر والمغرب، ساهم هذا الأمر في أن يكون هذا الملف مسيطر عليه إلى حد معقول، وبالتالي فإن ليبيا لا تشكل ذلك التهديد على العالم من حولها".
كما أكد الحداد أن "القوة الحاكمة على الأرض مرتاحة على الوضع منها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والحكومتين والقوة الأخرى كلها تتحصل على ميزانيتها، وكلها تعمل وليس هناك أي تهديد، والتهديد الوحيد من الشعب، والشعب لا يفكر في تهديد الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد".
صراعات كبرى
ومن جهته يقول المحلل السياسي ناصر أبوديب، في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن "ما ذهب إليه رئيس المفوضية العليا للانتخابات والمفوضية العليا هو كلام من أجل الاستعداد وأنها تتحدث بأنها جاهزة، ولكنه يعتقد بأن هذه هذا التصريح ربما يتماشى مع انتخابات المجالس البلدية أو النقابات والروابط المهنية".
وأضاف: "أما عن الانتخابات التشريعية والرئاسية من الصعوبة بمكان أن يتم الحديث عنها في هذا الوقت خاصة في ظل العوائق المالية، وأنها لا تتم إلا عن طريق حكومة جديدة وهذا من ضمن ما خرجت به لجنة 6+6، إذا الأساس الانتخابي إلى حد الآن مفقود، بسبب عدم إنشاء حكومة موحدة وجديدة، بالإضافة رفض المجلس الأعلى لهذه القوانين وتحدث عن أن هذه القوانين تم تغييرها من قبل مجلس النواب في السابق".
واعتبر أبوديب أن "هناك إشكال كبير وتباين واضح بين الأطراف السياسية، وما ذهبت إليه بعثة الأمم المتحدة وما نراه من صراعات داخلية بين جميع الأطراف، وما ذهب إليه المبعوث ألأممي قبل استقالته، من الصعب الذهاب لانتخابات بعد اعتماد هذه القوانين، ولكن المفوضية الآن تقوم بتجهيز ما يسمى بسجل الناخبين، وحل إشكالية الأرقام الوطنية التي لم تحل حتى الآن".
وقال: "كل ما ذهب إليه رئيس المفوضية العليا للانتخابات هو مجرد شعارات وكلام لن يأخذ البلاد للانتخابات ولن تأخذ الأطراف السياسية بهذه القوانين، لأن المشكلة الأساسية في هذه القوانين وليست في عمل المفوضية".
وأوضح أن "المفوضية تحدثت في بيانها عن التجهيز، وقد يأخذ هذا التجهيز مدة طويلة، وقد تتم عرقلة هذه التجهيزات، ولكن المفوضية تعمل الآن على إدخال الأسماء في انتخابات سجلات المجالس البلدية، وبالتالي المفوضية تعمل على إدخال أكبر قدر من أسماء الناخبين في سجلات الناخبين بها، وغير ذلك هي مجرد قفزات في الهواء ولا يمكن تطبيق هذه القوانين، لأن هذه القوانين عليها صراعات كبرى وتباين بين الأطراف خاصة مجلسي النواب والدولة".