وتفتقر مخيمات النازحين لأبسط مقومات الحياة، وسط غياب المواد الغذائية والاحتياجات الطبية، وبالرغم من ذلك يواصل الآلاف من أهالي قطاع غزة التوجه إلى رفح، التي باتت تمثل ملاذًا مؤقتًا للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف.
ووسط هذه الظروف الصعبة، تستمر إسرائيل في حربها على القطاع، وتستهدف التعليم، وتدمر المدارس والجامعات، وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أنَّ 286 مدرسة حكومية و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تعرض 111 منها إلى أضرار بالغة، و40 للتدمير بالكامل، كما تعرضت 57 مدرسة في الضفة للاقتحام والتخريب، كما تم استخدام 133 مدرسة حكومية كمراكز للإيواء في قطاع غزة.
أطفال نازحون ينتزعون حقهم بالتعليم داخل خيمة بدائية في رفح جنوب قطاع غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويعاني معظم الطلبة في قطاع غزة من صدمات نفسية، ويواجهون ظروفا صحية صعبة، ومع استمرار الحرب يبادر بعض المعلمين في القطاع، إلى تعليم الأطفال من داخل مخيمات النزوح.
ومن داخل خيمة صغيرة في أحد مخيمات النزوح في مدينة رفح جنوبي القطاع، انطلقت مبادرة التعليم، حيث يتلقى مجموعة من الأطفال دروسا رغم الظروف الصعبة، وبصمود وإصرار تصر المعلمة جميلة حلاوة برفقة زملائها المدرسين على مواصلة تقديم الدروس التعليمية للأطفال رغم غياب الإمكانات.
وتقول حلاوة لوكالة "سبوتنيك" عن مبادرة خيمة التعليم:
"هذه المبادرة جاءت بعد رؤيتي لأحفادي وهم يمسكون بالقلم والدفتر ويتوقون للتعليم الذي تركوه بسبب الحرب على قطاع غزة، فما كان مني إلا أن بادرت للتعليم داخل خيمة من خيام النزوح". وتضيف: "استهدفنا الفئة العمرية، للصف الأول والثاني، ثم انطلقنا في منهاج اللغة العربية للصف الأول، ونجد صعوبة في التعليم من داخل الخيمة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، وضيق المكان نتيجة لإقبال الأهالي لتسجيل أولادهم، وبالرغم من هذه الظروف نسعى للاستمرار في التعليم".
لا للتجهيل
وتبذل جميلة حلاوة وزملاؤها الجهود التعليمية على مبدأ لا للتجهيل، والحفاظ على استمرارية التعليم في غزة، رغم ابتعاد الأطفال عن مقاعد الدراسة لفترة طويلة نتيجة للحرب، ولاقت مبادرة حلاوة والمدرسين استجابة وتفاعلا كبيرين من الطلاب والنازحين، الذين اعتمدوا على تلك الخيمة الصغيرة لتعليم أطفالهم، ويقول النازح فادي حسين لـ "سبوتنيك":
"العلم له كل الأهمية، وطالما أولادنا يتعلمون ويمسكون بالقلم والدفتر، هناك أمل في التغلب على المصاعب الحالية والمستقبلية، ومعرفة ماذا يحدث وكيف حدث".
أطفال نازحون ينتزعون حقهم بالتعليم داخل خيمة بدائية في رفح جنوب قطاع غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف: "هذه المبادرة جيدة جدا، فالتعليم أثناء الحرب من داخل خيمة يدل أننا قادرون على إعادة ما نزح من عقول الأطفال، فكما نزحنا من بيوتنا نزح التعليم، ونشكر المدرسين على هذه المبادرة تجاه الأطفال".
وتحاول حلاوة التي كانت مديرة "مدرسة مصعب بن عمير للبنات" قبل الحرب، ملء الفراغ الذي يعاني منه الأطفال جراء ويلات الحرب وما خلفتها، وتقول حلاوة: "هذه المبادرة، انتشرت خارج الخيمة والمخيم، نحو المخيمات المجاورة، ونسعى إلى إضافة صف جديد طالما بقينا هنا، لا نريدهم أن يكونوا جهلاء، نريدهم أشخاصا متعلمين، وندرس الأمل والحب للعلم والتعليم".
أطفال نازحون ينتزعون حقهم بالتعليم داخل خيمة بدائية في رفح جنوب قطاع غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وتفاعل الأطفال الصغار مع التعليم داخل الخيمة بشغف ومتعة، بعدما انتزعوا حقهم بالتعليم وحقهم بتمني مستقبل مشرق، كما تسعى الطفلة حنين جمال التي التحقت بالصف الأول، واستطاعت تعلم كتابة بعض الحروف، وتقول حنين لوكالة "سبوتنيك":
"أنا في الصف الأول، وتعلمت اليوم كتابة حرف الراء والدال والباء، وأحلم عندما أكبر تعلم الطب، كي أعالج المرضى".
أطفال نازحون ينتزعون حقهم بالتعليم داخل خيمة بدائية في رفح جنوب قطاع غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
استهداف ممنهج
وبحسب وزارة التربية التعليم الفلسطينية، وفي حصيلة غير نهائية نشرت مطلع الشهر الجاري، فقد قتل 6050 طالبا وأصيب 10219 آخرين بجروح، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة، وأوضحت الوزارة أنَّ عدد الطلبة الذين قتلوا في قطاع غزة منذ بداية الحرب وصل إلى أكثر من 5994، فيما قتل في الضفة 56 طالبا، إضافة إلى اعتقال 105.
أطفال نازحون ينتزعون حقهم بالتعليم داخل خيمة بدائية في رفح جنوب قطاع غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وأشارت الوازرة إلى أن 266 معلما وإداريا قتلوا وأصيب 973 بجروح في قطاع غزة، فيما أصيب ستة بجروح، واعتُقل أكثر من 73 في الضفة، وأكدت التربية أن 620 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023.
أطفال نازحون ينتزعون حقهم بالتعليم داخل خيمة بدائية في رفح جنوب قطاع غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة وقد دخلت شهرها السابع، وسط مخاوف من عملية برية في رفح جنوب القطاع، في حال انهارت مفاوضات إطلاق سراح الرهائن في غزة، وفي اليوم 193 للحرب ارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة إلى 33,899 غالبيتهم من الأطفال والنساء، وارتفعت الإصابات إلى 76,664، فيما لا يزال آلاف المواطنين في عداد المفقودين تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
أطفال نازحون ينتزعون حقهم بالتعليم داخل خيمة بدائية في رفح جنوب قطاع غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.