رجح محللون بأن هذه الاشتباكات بين التشكيلات المسلحة تعود لأسباب كثيرة أبرزها غياب أجهزة الدولة الرسمية وعدم قدرتها على السيطرة على هذه التشكيلات، بالإضافة إلى صراعات السيطرة وبسط النفوذ.
بسط النفوذ
في السياق، قال الباحث المختص بالشؤون السياسية والاستراتيجية محمود الرملي، إن الوضع الأمني في العاصمة مرتبط بالوضع السياسي، والوضع السياسي غاية في التعقيد والانقسام، ومع هذا وذاك ظلت العاصمة الليبية جيدة لفترة طويلة أو في حالة مقبولة إلى حد ما، أي أنها لم تمر بمشاكل كبيرة في الأونة الأخيرة.
وتابع الرملي في تصريحه لـ "سبوتنيك"، أن عودة الاشتباكات تأتي بناءً على صراع جزء من مناطق النفوذ ومحاولة الدولة تطبيق بعض الإجراءات القانونية، خاصة وأن وزارة الداخلية طالبت بأن تكون لها اليد الطولى في السيطرة على المقار والشوارع في العاصمة.
وأوضح أن هناك أجهزة لديها اختصاص رسمي تعمل على فرض الأمن، فلقد تم إنشاء جهاز دعم الاستقرار من أجل أن يتم العمل على فرض استقرار في طرابلس، مؤكدًا أن هناك أخطاء وقصور، ولكنه يقول بأن ليبيا تحتاج إلى الكثير، وأشار بأن عودة الاشتباكات لاتعني استمرارها.
وأكد بأن سبب عودة الاشتباكات بين الحين والآخر يعود لغياب حكومة قوية موحدة ولها إجراءات خاصة فيما يتعلق بهذا المشهد، لذا فإن غياب سلطة مركزية تسيطر على كافة الأجسام الموجودة وانتشار السلاح أدى إلى الكثير من الإشكاليات في عودة الاشتباكات.
وأشار بأن المجموعات المسلحة مقسمة إلى جزأين منها تشكيلات تمتلك الصلاحيات وهي قانونية وشرعية، ومنها مجموعات اخرى خارجة عن القانون، والواقع يقول بأن الجميع يريد أن يستمر في المشهد، ومنهم من يريد امتلاك السلطة، ولذلك فإن الخلل موجود في غياب السلطات الرسمية حسب تصريحه.
ورجح بأن عودة الاشتباكات أمر مرتبط بشكل مباشر في المصالح وبسط النفوذ وفرض السيطرة في العاصمة طرابلس، معتبرًا أن عودة الاشتباكات لها تأثيرات كثيرة على الحياة في العاصمة طرابلس وعلى الشأن السياسي.
وقال: "ربما حان الوقت لتنظيم القوات الأمنية والشرطية، مع العلم بأن هذه الظاهرة سوف تستمر هذه الاشتباكات في ظل غياب الدستور، والإجراءات المُنظمة والأجسام الرسمية وهو لابد أن يحدث، ولكن فشلت في إدارته البعثة والقائمون على السلطة، لأنهم يبحثون عن استمراريتهم في المقاعد بالإضافة إلى مصالحهم الشخصية".
وأكد بأن المجتمع الدولي فشل في إدارة الأزمة الليبية خاصة عند الحديث عن سبعة مبعوثين أمميين وثامنهم عبد الله باتيلي الذي استقال قبل يومين، وأن جل الأسباب هي أسباب خارجية، تتمثل في التدخلات السلبية في الشأن الليبي، لذا فإن الصراع مستمر لأن كلا منهم يبحث عن مصالح بلاده.
انتشار السلاح
ومن جهته يرى المحلل السياسي عبد الله الديباني، أن عودة الاشتباكات في العاصمة طرابلس وضواحيها يعود بسبب القرارات التي صدرت بإنشاء تشكيلات مسلحة جديدة، ومنحها الإمكانيات والميزانيات، لذا فإن ذلك كان من أبرز الأسباب.
وأضاف الديباني في تصريح خاص لـ"سبوتنيك": "ومع ذلك فإن أغلب التشكيلات تسعى للوصول إلى السلطة وبسط النفوذ في العاصمة طرابلس، لأن الجميع يعلم بأن العاصمة تقع تحت سيطرة هذه التشكيلات المُسلحة".
وأوضح بأن طرابلس سوف تستمر على هذا الحال حتى يتم وضع سياسة واستراتيجية كاملة لتفكيك هذه التشكيلات فرادى وليس بضمها ومنحها الشرعية تحت مسميات أخرى، حتى لا يعود الوضع كما هو عليه متمثلا في عودة الاشتباكات بين الحين والآخر.
استبعد الديباني أن تكون استقالة باتيلي بسبب الاشتباكات والصراعات وعدم الاستقرار في العاصمة طرابلس وعدم الوصول لحل، وقال باتيلي لديه طموح سياسي في بلاده، وأنه مرشح رئاسي في دولة السنغال، مع العلم لم يمتلك الضغط السياسي الكافي لحل الأزمة في ليبيا.
وقال قدم باتيلي عدة مبادرات فاشلة لأنها لم تحظى بالدعم الدولي، وآخر هذه المبادرات تقدم بها كانت فاشلة منذ البداية ولم تحظى بالقبول أيضا لعدة أسباب كثيرة.