وعلى الرغم من كل ذلك فإن ليبيا تشهد ظروفا اقتصادية متدهورة، بالإضافة إلى عدد كبير من الأزمات اخرى، والتي يتمثل أبرزها في مشكلة نقص السيولة النقدية التي عانت منها البلاد طيلة عقد كامل، فهل سيكون هذا الارتفاع مؤشرا وعاملا إيجابيا يساهم في إنعاش الاقتصاد الليبي وإنهاء مشكلات السيولة النقدية وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن الليبي.
ارتفاع إيجابي
في الإطار، قال الأكاديمي الليبي علي الشريف، إن ليبيا تعتمد بشكل كبير جدا على الصادرات النفطية وتمثل الصادرات فيها أكثر من 98% من إجمالي الصادرات، بينما يمثل إجمالي الإيرادات أكثر من 98%، وبالتالي فإن أي تحسن في هذا المورد سواء من حيثُ زيادة الكمية أو زيادة السعر سيكون له دور كبير جدا في عملية تخفيف الأعباء والمساهمة في تمويل الموازنة العامة، والمساهمة في إعادة الإعمار.
وأضاف الشريف في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن هذا الارتفاع سوف يساهم في عملية تعديل سعر الصرف الذي ارتفع إلى مستويات قياسية، حيثُ اعتبر أن كل هذه العوامل مهمة جداً في حال زيادة ارتفاع خام النفط، وضرورة أن يتم العمل على زيادة الكمية بعيدا عن الاعتماد على زيادة السعر فقط.
وأوضح أن صندوق النقد الدولي توقع أن يكون معدل النمو الاقتصادي لسنة 2024، 4.5%، وهو معتمد على القطاعات النفطية بشكل كبير، وأن استقرار الإنتاج هو زيادة في الاسعار وكل هذا سينعكس بشكل ايجابي في زيادة معدلات النمو في الدولة الليبية.
بينما يرى الخبير الاقتصادي محمد درميش، أن زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية له دور كبير وتأثير مباشر على الدخل القومي وميزان المقبوضات في ليبيا باعتبار أن الإدارة الليبية كل مواردها معطلة ولا تسهم في تنويع مصادر الدخل القومي.
قصور محلي
وقال درميش في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" إن النفط يمثل نسبة 98% كمصدر وحيد للدخل وذلك منذ عشرات السنين، أما بالنسبة لحل المشكلة الاقتصادية في ليبيا فهذا أمر بعيد المنال، وذلك لأنه سبق وأن زادت أسعار النفط في سنوات ماضية ولم يستفد منها الاقتصاد الليبي والمواطن الليبي نهائيا، لأنه اعتبر أن ليبيا بلد يعاني من سوء إدارة الأموال والموارد وليس من الشح ونقص الموارد.
وأكد أن موضوع عجز الميزانية هو أنه في الأصل لا توجد ميزانية عمومية معتمدة مقفلة نهاية السنة المالية، منذ عام 2008 فكيف يمكن معرفة أن هناك عجزا، وإذا وجد هذا العجز بطبيعة الحال الوفرة في الدخل تغطي العجز أو تساعد في إطفاء جزء منه.
وتابع: "بطبيعة الحال زيادة الدخل تسهم بشكل كبير في تحريك عجلة الاقتصاد وإنهاء شح السيولة، ولكن شح السيولة راجع إلى قصور البنك المركزي في إدارة السيولة ووضع استراتيجية عملية مدروسة تعمل على خلق توازن في حركة تداول السيولة".
وأضاف: "بطبيعة الحال الاستفادة من النفط كمورد من الموارد له فوائد كثيرة ولكن ما زالت الإدارة الليبية تعتمد على بيع الخام أو بعض الصناعات البسيطة ولم تقوم بوضع برامج عملية وفق خطة محددة الأهداف قابلة للتحقيق للاستفادة من هذا المورد المهم في صناعات تحويله تعود على الدخل القومي والاقتصاد الوطني بفوائد أكثر مما عليه الآن".
مصروفات مشبوهة
ومن جهته، يقول علي المحمودي المختص في الشأن الاقتصادي، إن الزيادة في الأسعار ممتازة حسب الواقع الاقتصادي، وسوف تسهم في خفض نسبة العجز الذي تعاني منه الموازنة المتوقع خلال عام 2024، الذي قد يصل إلى 12 مليار دينار، ومن الممكن تحقيق أكثر من نصف هذه القيمة خلال الربع الأول فقط لهذا العام.
وتابع المحمودي في تصريحه لـ "سبوتنيك" أنه من المفترض أن ترتفع الإيرادات بعد هذا الارتفاع، ولكن لن يكون هناك تأثير كبير، ولكن ربما سوف تساهم هذه الزيادة في تحسن تسديد الدين العام وزيادة الاحتياطي وفتح آفاق جديدة.
ولكنه قال لن يكون هناك أي تحسن ملحوظ في ظل السياسة النقدية التي يتبعها المصرف المركزي أو الحكومة من خلال التوسع في الإنفاق، وبالتالي فإن هذه الأموال ربما ستكون عرضة لتمويل التشكيلات المُسلحة المتحكمة في المشهد الليبي أو جيوب الفساد.
وأشار إلى أن "المؤسسة الوطنية للنفط كانت من المفترض أن ترفع أن إنتاجها اليومي خلال السنة الماضية، ولكنها عجزت عن ذلك بالرغم من مليارات الدولارات التي صرفتها بدون جدوى، ذهبت في أمور لم يتم الإفصاح عنها بسبب غياب الشفافية".