على صعيد الشرق الأوسط، حذر خبراء الاقتصاد من تداعيات التوترات بين إيران وإسرائيل، حتى في حال عدم تدحرجها لحرب كبرى، والإبقاء على ضربات متبادلة ضمن ما يعرف بـ "قواعد الاشتباك".
ويرى خبراء أن هذه العمليات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على حركة الملاحة وعمليات نقل النفط عبر المضائق، خاصة مضيقي هرمز وباب المندب، بصورة يكون لها صدى كبير في جميع أنحاء العالم.
في أخر تصريح للجانب الإيراني، علق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، على الهجوم الأخير على بلاده ووصف الأسلحة التي تم استخدامها بأنها "أشبه بألعاب الأطفال".
جاء ذلك خلال مقابلة لوزير الخارجية الإيراني مع شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، أمس الجمعة.
وتعليقا على "هجوم أصفهان"، قال عبد اللهيان: "ما حدث الليلة الماضية لم يكن ضربة، لقد كانت أشبه بالألعاب التي يلعب بها أطفالنا وليس طائرات مسيرة".
وفيما يتعلق بالهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل، قال عبد اللهيان إن "الهجوم كان يهدف إلى التحذير وكان من الممكن أن نضرب حيفا وتل أبيب، واستهداف جميع الموانئ الاقتصادية لإسرائيل"، مضيفا: "لكن خطوطنا الحمراء هي المدنيون، كان لدينا غرض عسكري فقط".
تداعيات اقتصادية
حول التداعيات الاقتصادية، قال الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن ما يحدث اليوم من تبادل للضربات، سيكون له انعكاسات كبيرة، فيما لو تدحرجت الأمور وخرجت عن السيطرة.
ولفت إلى توقع صندوق النقد الدولي، الثلاثاء الماضي، بتراجع التضخم العالمي من متوسط سنوي 6.8 في المئة في عام 2023 إلى 5.9 في المئة في 2024 ، و4.5 في المئة في 2025، مع عودة الاقتصادات المتقدمة إلى أهداف التضخم التي حددتها في وقت أقرب من الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، لكن هذه التوقعات يمكن أن تتغير مع استمرار حالة التوتر في المنطقة.
وأضاف، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن هذا التدحرج سيؤثر بشكل كبير على العمل في "مضيق هرمز" بالدرجة الأولى، ما يضيف أزمة جديدة إلى أزمة البحر الأحمر، ومضيق "باب المندب"، حيث أن مضيق "هرمز" يمر من خلاله أكثر من خمسة عشرة مليون برميل نفط يوميا" وهو يساوي حوالي 18 في المئة من استهلاك النفط العالمي.
كما يمر من خلال "مضيق هرمز"، أكثر من 20 في المئة من تجارة الغاز المسال العالمي، الأمر الذي يؤدي إلى الضغط على أسعار الطاقة.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن أكثر الدول التي تتأثر بهذه الحرب وبالدرجة الأولى، هي الدول الإقليمية، ولا سيما دول الخليج التي تشمل إيران ومصر والأردن، وبالتأكيد إسرائيل، التي تراكمت خسائرها، خاصة بعد تخفيض تصنيفها الائتماني من قبل "اس اند بي"، وتوقع وصول العجز في موازنة العام الحالي إلى حوالي 8 في المئة، من الناتج القومي.
تدحرج التوترات
ولفت إلى أن تدحرج الأمور مستبعد بسبب الضرر الذي يلحقه بالجميع بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعاني اليوم من عودة معدلات التضخم للارتفاع مجددا، وأنها لن تكون في مأمن من وصول ارتداداتها إليها، وتراجع أداء الاقتصاد الأمريكي والصيني والاتحاد الأوروبي أيضا.
ولفت إلى أن الصين وأوروبا يتضرران بشكل كبير، خاصة أن أكثر من تريليون دولار من التجارة العالمية تمر عبر هذا المضيق، وربما تتأثر صادراتهما ووارداتهما، من هذه المنطقة، وبشكل كبير، بما يراكم ذلك من حجم التضخم الموجود فعليا.
فيما قال مصطفى حنتوش، الخبير الاقتصادي العراقي، إن الضربات المتبادلة وحالة التوتر تؤثر بشكل كبير على منطقة الخليج، وكذلك مضيق هرمز وحركة الملاحة في كامل المنطقة.
وأضاف، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الاقتصاد العالمي مرتبط بمنطقة الشرق الأوسط و"اقتصاد النفط"، بدرجة كبيرة، والموقع الجغرافي أيضا، باعتبارها "منطقة نقل" بين الشرق والغرب.
وشدد على أن التوترات تنعكس بدرجة كبيرة على حركة نقل النفط، والتي تنعكس مباشرة على الأسعار ووضع الاقتصاد بشكل كامل.
تأثر المضائق
ويعتبر باب المندب ممرّا مائيّا أساسيّا في نقل النفط والغاز إلى أوروبا، حيث قامت 27 ناقلة من ناقلات النفط الخام والوقود بعبوره، خلال 11 شهرًا من عام 2023، ومرّ عبره حوالي 7.8 مليون برميل يوميّا من شحنات النفط الخام والوقود في أول 11 شهرً من 2023. وقد شكّل حوالي 12في المئة من إجمالي النفط المنقول بحرًا عالميّا في النصف الأول من عام 2023، و8 في المئة من تجارة الغاز الطبيعي المُسال، وفق أيمن عمر، الباحث الاقتصادي اللبناني.
كما يمثل "مضيق هرمز" أهمية كبرى لنقل النفط، إذ مر من خلاله 20.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثّفات والمنتجات النفطية، في الفترة بين كانون الثاني إلى أيلول 2023، أي حوالي 40 في المئة من الإنتاج العالمي من النفط".
ويذهب من هذه القيمة النفطية 80 في المئة منه للدول الأسيوية مثل الصين، الهند، كوريا واليابان، إضافة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
ويمرّ بهذا المضيق 80 مليون طن أي 20 في المئة من تدفقات الغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث تقوم السعودية بتصدير 88 في المئة من إنتاجها النفطي عبره، والعراق 98 في المئة، الإمارات 99 في المئة، وكل نفط إيران والكويت وقطر، بحسب الباحث اللبناني.