هل تنجح زيارة أردوغان في إنهاء ملف "حزب العمال الكردستاني" مع العراق؟

يعد الملف الأمني المتعلق بحزب العمال الكردستاني من أهم الملفات التي تناولتها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، نظرا للخطورة، التي ترى أنقرة، أنه يشكلها على أمنها القومي منذ عقود.
Sputnik
كما تناولت الزيارة ملف المياه وغيرها من الملفات العالقة بين الجانبين منذ سنوات، حيث يولي الرئيس التركي مشروع "طريق التنمية" أهمية كبيرة، وهو طريق بري وسكة حديدية تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، بطول 1200 كيلومتر داخل العراق، ويهدف إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.

فهل تنجح زيارة أردوغان في إنهاء ملف حزب العمال الكردستاني، الذي يؤرق أنقرة منذ عقود..وما هى أدوات بغداد لتنفيذ ما سيتم التوقيع عليه مع تركيا، وهل هناك عقبات في طريق تمهيد العلاقات بين البلدين؟

بداية يقول أياد العناز، المحلل السياسي العراقي: "تكمن أهمية زيارة أردوغان، لكونها تأتي في وقت تشهد العلاقات (العراقية - التركية) حوارا حول العديد من الملفات أهمها الطاقة والأمن، وهما محورين أساسين كانا ضمن المباحات الرسمية التي أخذت أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية، تمثلت في الاتفاق على تعاون ثنائي في جميع المجالات لعقد من الزمن".

حزب العمال

وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك": "أكدت الزيارة على أهمية الجانب الأمني الذي اتخذ من نشاط وفعالية حزب العمال الكردستاني محورا مهما، حيث يرى الجانب التركي أن نشاطات حزب العمال تنطلق من الأراضي العراقية وتستهدف الأمن القومي التركي والجبهة الداخلية بالعديد من العمليات التعرضية".
وتابع العناز: "سبق أن أكد العراق أنه لن يسمح لأي قوة بأن تنطلق من أراضيه وتستهدف أراضي دولة أخرى، وهي إشارة ضمنية لحركة ونشاط حزب العمال، وسيكون لهذا الموقف تبعيات، يتحتم على الحكومة العراقية الالتزام بها ومواجهة قواعد ومعسكرات حزب العمال ومنعه من ممارسة أعماله، رغم ما لديه من علاقات مباشرة مع فصائل مسلحة وقوى سياسية عراقية لها حضور في المشهد العام العراقي".
تركيا تستعد لعملية برية واسعة في شمال العراق

الحضور السياسي

وأكد المحلل السياسي أن "أهمية الزيارة تكمن في أنها حققت حضورا سياسيا بوجود الرئيس أردوغان ووقعت خلالها عدة اتفاقيات ثنائية، أهمها ما اتفق عليه الجانب العربي في دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر حول مشروع طريق التنمية الذي يلقى اهتمام بالغ من الجانب التركي، وترجع أهميته الاقتصادية كونه يشكل إطلالة واسعة على قارة أوروبا".
ومضى بقوله: "كما أعطيت مسألة الطاقة دورها الميداني في تحقيق انسيابية وانفراجة حول إعادة تصدير النفط من إقليم كردستان عبر الأراضي التركية، ليحقق فوائد اقتصادية لجميع الأطراف".

الحصص المائية

وقال العناز: "حظيت مسألة الحصص المائية بدورها من الإهتمام وحق العراق المشروع بالحصول على المياه من دولة المنبع حيث النهرين الخالدين دجلة والفرات".
ولفت المحلل السياسي إلى أن "هناك نقطة مهمة في جدول الزيارة، هي توجه الرئيس التركي إلى إقليم كردستان في انعطافة سياسية بعد سنوات عديدة أعقبت الاستفتاء الذي جرى أواخر عام 2017، وهذا ما يؤكد الأهمية التي يحظى بها الإقليم من قبل القيادة التركية".
تركيا تعلن مقتل مسؤول شؤون الشباب في إيران لدى حزب العمال الكردستاني بعملية شمالي العراق

غطاء سياسي

من جانبها أشارت الدكتورة ألاء العزاوي، الباحثة والأكاديمية العراقية، إلى أن "إعلان بغداد الموافقة على طلب أنقرة بحظر حزب العمال الكردستاني يعطي تركيا غطاء سياسي للتوغل وقصف مواقع الحزب شمال العراق، وفي المقابل تحذير لإيران من استمرار دعمها للجماعات المسلحة المتمردة في المنطقة واستغلال العراق ساحة لتهديد أمن الجوار، الأمر الذي ربما يجعل مواقف أنقرة من بعض الملفات المرتبطة بالأمن المائي وزيادة حصص المياه المتدفقة نحو العراق أكثر ليونة".
وأضافت، في حديثها لـ"سبوتنيك": "بخلاف الملفات الظاهرة للعيان خلال زيارة أردوغان للعراق، هناك ملفات أخرى خلف الستار تتعلق بمنع الجماعات المسلحة المرتبطة ببعض دول الجوار من مهاجمة المصالح الغربية في العراق وسوريا ومنع شن هجمات ضد الجانب التركي، الأمر الذي يهدد بشل حركة التجارة والنقل الدولي".

منظمة إرهابية

وتوقعت العزاوي أن تكون العديد الملفات التي سيجري التوقيع عليها هى من جملة الأمور التي تم الاتفاق عليها في واشنطن أثناء زيارة السوداني لأمريكا، هو ملف "حزب العمال"، الذي سيتطور مؤشر الحالة من حظر إلى إعلانه منظمة إرهابية".
وأشارت العزاوي إلى أن "زيارة الرئيس التركي سوف تكون مركزة حول موضوع حزب العمال (PKK) وإعلان الحزب منظمة إرهابية، والأمر جاء تلبية لمطامح الميليشيات غير الولائية لتغض الطرف عن ضرب المصالح الغربية في العراق، أما الولائية فجارِ تصفيتها بالتتابع".

الملف العسكري

وفي حديثه لراديو"سبوتنيك"، قال خبير الشؤون العراقية والكردية، كفاح محمود، إن "المشكلات بين البلدين تراكمت خلال العقد الماضي وتعقدت، وفي مقدمتها المسألة الأمنية التي تعمقت باندفاع الجيش التركي داخل الأراضي العراقية".
مشيرا إلى أن "أردوغان يحمل إلى بغداد الكثير من المشكلات، من بينها ملف المياه، إذ يتهم المراقبين تركيا بأنها تجاوزت الاتفاقيات الدولية في هذا الخصوص، والملف الأمني، إذ تنتشر قواعد ومراكز العسكرية تركية على الأراضي العراقية، وهناك عمليات قصف منظمة تطال المعارضين لتركيا في إقليم كردستان العراق، وتكبّد الأبرياء فيه ثمنا باهظا".
أردوغان: ننتظر من العراق تصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية
وأكد الخبير أن "إيجاد حلول لمشكلة نشاط المسلحين الأكراد يأتي من خلال إنهاء الملف العسكري، وهذا يتأكد من جدية الحكومة التركية في حل المشكلة من داخل تركيا أولا، وأن تتوجه الحكومة التركية بشكل جدي إلى مواطنيها في كردستان تركيا، وهذا سيوقف حزب العمال وغيره عن القيام بعمليات عسكرية على الحدود".
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، اليوم الاثنين، أن أهم 4 ملفات ستحسمها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد.
وأضاف العوادي أن "هناك ملفات أساسية أولها هو الملف الأمني وقضية وجود القوات التركية في شمال العراق ووجود حزب العمال الكردستاني وتداعيات هذا الملف التي تنعكس بالسلب على بغداد وأنقرة" بحسب "السومرية نيوز".
وبين أن "الملف الثاني هو ملف المياه وشحها أو عدم استثمارها بالشكل الأمثل على اعتبار أن تركيا دائما تقول إن "مياهكم تكفي لكن لا توجد سياسة سابقة لدى الحكومة العراقية في ترشيد استخدام المياه بصورة صحيحة" لذا سيتم الخوض في تفاصيل هذا الملف".
ولفت العوادي إلى أن "الملف الثالث هو طريق التنمية وتوقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات، لتشكل هذه الاتفاقية "إطار الأطراف" للإعلان عن بدء تنفيذ مشروع طريق التنمية بأبعاده الثلاثة وتشكل لجان بعد ذلك لمواصلة العمل والبدء الفعلي الحقيقي على الأرض".
مقتل 4 عناصر من حزب العمال الكردستاني بغارة تركية شمالي العراق... فيديو
أما الملف الرابع، بحسب المتحدث الحكومي، فهو يتمثل "بالتبادل التجاري الذي وصل لأكثر من 15 مليار دولار بين العراق وتركيا وحل إشكالات الشحن والنقل وإزالة جميع المعوقات".
وأتم بالتأكيد على أن "هذه الزيارة ستكون فاتحة خير على علاقة جديدة بين العراق وتركيا وستنعكس بالإيجاب على البلدين".
ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صباح، اليوم الإثنين، إلى العاصمة العراقية بغداد في أول زيارة له منذ 13 عام، جرت خلالها الكثير من التعقيدات في المشهد السياسي بين البلدين ووصلت الأمور إلى حد استدعاء السفراء، إلا أن تلك الزيارة التي تأجلت كثيرا يرى البعض أن سوف تعيد الأمور إلى نصابها وإن كان هناك الكثير من التعقيدات التي تحيط بالمشهد.
مناقشة