وأمس، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن المحادثات مع الوفد المصري الذي يزور إسرائيل انتهت بشكل إيجابي.
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" نقلا عن مصادر إسرائيلية، بأن "المحادثات كانت جادة ومهمة"، مضيفة: "الوفد المصري أبدى استعداد بلاده للضغط أكثر على حركة حماس من أجل المضي قدما في صفقة لتبادل الأسرى، وذلك على خلفية تأكيد إسرائيل جديتها بشأن الدخول إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة".
وأعلنت حركة حماس، اليوم السبت، أنها تسلمت الرد الإسرائيلي على موقفها الذي سلمته للوسطاء المصري والقطري في الثالث عشر من أبريل/ نيسان الجاري، بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
وقال خليل الحية، نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية: "تسلمت حركة حماس اليوم رد الاحتلال الصهيوني الرسمي على موقف الحركة الذي تم تسليمه للوسيطين المصري والقطري في الثالث عشر من أبريل".
وأضاف: "ستقوم الحركة بدراسة هذا المقترح وحال الانتهاء من دراسته ستسلم ردها".
وطرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية نجاح المبادرة المصرية، والمفاوضات القائمة بين الوسطاء وإسرائيل وحماس في التوصل لوقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة.
تفاؤل حذر
اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن الضغوط تتزايد بشكل غير مسبوق على نتنياهو، والجميع يعلم بأن حساباته الضيقة بالنسبة له أهم من حياة المحتجزين والأسرى لدى حماس، وهذا ما جعله يصطدم لأول مرة مع اثنين من أعضاء الوفد الذي خولهم صلاحيات للتفاوض في القاهرة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن مصر تقدم مبادرة وجهودًا حثيثة من أجل حسم هذا الأمر ولجم العدوان، والتلويح باجتياح رفح.
والجديد أن هناك عنصرين من الموساد ضمن الوفد التفاوضي، أقروا بأن نتنياهو من يعرقل التفاوض ويتشدد في المطالب، وأنها تندرج تحت بند المطالب التعجيزية، وهذا أمر يضغط على نتنياهو ويجعله يعيد حساباته.
ويرى أنور أن فرص إبرام صفقة أو هدنة مؤقتة هي مرجحة بنسبة 60 في المئة في اليومين القادمين، وأن هناك انفراجة قادمة، وأن التفاؤل حذر، بناء على عدة معطيات منها زيادة نبرة أهالي المحتجزين والأسرى، وإذاعة فيديو الأسير صاحب الـ24 عاما، وهو مؤشر أن الإعلام الإسرائيلي يتمرد على الأوامر السابقة الخاصة بعدم بث الدعاية التي تبثها حماس والمقاومة.
وأكد أن هناك فرصة حقيقية وتقدما ملموسا، وأن الضغوط على نتنياهو تتوالى، فيما يعتقد بأن هناك حلحلة وخروج من المستنقع في ظل تقسيم المبادرة إلى دفعات، حيث يريد نتنياهو أن تشمل الصفقة الجميع، أو على الأقل 33 أسيرا بدون وقف كامل لإطلاق النار، أما الجانب الحمساوي، فيرى بضرورة سحب كل القوات والتعهد بوقف الحرب.
وشدد على أن الحل الوسط يكمن في أن يتم تجزئة المبادرة إلى دفعات، إذا توافرت الإرادة لدى الجانب الإسرائيلي، وهناك مؤشرات بأن هناك مراجعة للمواقف، وقد يكون هناك صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين تلوح في الأفق.
المبادرة الأخيرة
قال المحلل السياسي الفلسطيني، ثائر نوفل أبوعطيوي، إن نجاح مقترح الهدنة هذه المرة مرهون بقبول نتنياهو للتحرك المصري المشكور والضاغط بقوة من أجل نجاح الهدنة والوصول لحلول ذات قواسم مشتركة يقبل بها كافة الأطراف ذات العلاقة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن نجاح مقترح الهدنة التي تدعمها مصر وقطر والعديد من الدول العربية من شأنه أن يوقف عملية اجتياح رفح، التي في حال تنفيذها ستكون الخسائر البشرية بين صفوف المدنيين الفلسطينيين كثيرة، وهذا نظرا للاكتظاظ البشري للنازحين من كافة محافظات قطاع غزة إلى مدينة رفح، والذي يفوق عددهم المليون نسمة.
وبحسب المصادر الإعلامية الإسرائيلية الواردة، فإن معظم الساسة والوزراء الإسرائيليين يؤيدون المقترح المصري الجديد للوصول لهدنة مقابل عملية تبادل للأسرى، وهذا نتيجة تصاعد الرأي العام الإسرائيلي المطالب بضرورة الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المتواجدين في قطاع غزة.
ومن جهة أخرى، يعتقد أبوعطيوي، بأن الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية والأوروبية سوف يساهم إلى حد كبير من خلال تفاعله ووقوفه بجانب القضية الفلسطينية، بإمكانية الوصول لهدنة مؤقتة، تفتح الأبواب بعدها لهدنة تقوم على وقف دائم للنار.
وقال إن المساعي التي تقوم بها جمهورية مصر العربية هذه المرة من أجل إقناع كافة الأطراف للوصول إلى هدنة، تأتي ضمن تكثيف الجهود أكثر وأكثر هذه المرة تحديدا لأنها تبعد شبح الاجتياح والموت القادم إلى رفح، في حالة فشلت الجهود للتوصل إلى هدنة مؤقتة.
وأكد أن نتنياهو يسعى إلى الهروب من الالتزام بهدنة ولو حتى مؤقتة تعيد له الأسرى الإسرائيليين الموجودين في قطاع غزة، والذهاب بدلا من إنجاز الهدنة المؤقتة لاجتياح رفح من أجل إطالة أمد الحرب والعدوان أكثر وإيقاع أكبر الخسائر في صفوف الفلسطينيين المدنيين العزل من الأطفال والنساء، ليظهر كأنه المنتصر ولو كذبا.
ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن دعم المبادرة المصرية للوصول إلى هدنة من مصلحة الإدارة الأمريكية، وهذا من أجل تخفيف حجم الضغط للرأي العام المساند للقضية الفلسطينية، ولا سيما الحراك الطلابي في معظم الجامعات الأمريكية الداعم للقضية والمطالب بالوقف التام والفوري للحرب على غزة.
وشدد على أن المبادرة المصرية هذه المرة تعتبر من أهم المبادرات السابقة، لأنها المبادرة الأخيرة وفي حال فشلها، فلا مفر أمام النازحين الفلسطينيين في مدينة رفح إلا انتظار شبح القتل والموت والدمار على يدي إسرائيل.
وطالب بضرورة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، بكافة السبل وخصوصا من الإدارة الأمريكية بأن تقبل المبادرة المصرية الحالية للتهدئة من أجل أن تفتح هذه الهدنة المؤقتة الخيارات والمسارات والحلول التوافقية التي توصل في نهاية المطاف إلى وقف دائم للنار وانتهاء الحرب على قطاع غزة.
وفي 13 أبريل/ نيسان الجاري، قالت حركة "حماس"، في بيان إنها "سلمت للأخوة الوسطاء في مصر وقطر ردها على المقترح الذي تسلمته يوم الاثنين الماضي".
وأكد البيان تمسك الحركة بمطالبها ومطالب الشعب الوطنية التي تتمثل "بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الجيش من كامل قطاع غزة وعودة النازحين إلى مناطقهم وأماكن سكناهم وتكثيف دخول الإغاثة والمساعدات والبدء بالإعمار".
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، بوصول وفد المخابرات المصرية إلى إسرائيل، عصر اليوم الجمعة، لبحث مسألة التهديد الإسرائيلي بشن عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وإمكانية إتمام صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس.
كما نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن وزير إسرائيلي رفيع، قوله إن "هناك احتمال لصفقة بوساطة مصرية مقابل إلغاء عملية برية في رفح".
وبحسب موقع "والا" الإسرائيلي نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير، فإن "المحادثات مع المصريين كانت جيدة، حيث أوضح المصريون أنهم يعتزمون الضغط على حماس للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وأوضحوا أنهم يتفهمون الشعور بالإلحاح فيما يتعلق بعملية رفح".
وفي المقابل، ذكرت القناة 12 أن "إسرائيل تناقش صفقة مقلصة، تشمل الإفراج عن 20 أسيرا إسرائيليا لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة، مقابل السماح للنازحين بالعودة إلى شمالي قطاع غزة، وذلك دون الالتزام بإنهاء الحرب على قطاع غزة".