هل باتت الحرب وشيكة بين الانتقالي الجنوبي والمجلس الرئاسي اليمني؟

تشهد الشراكة بين المجلس الرئاسي اليمني والمجلس الانتقالي الجنوبي حالة من الفتور أو التأزم المتنامي، بعد أن بدأ صوت الانتقادات بين الطرفين يرتفع، الأمر الذي يراه البعض مقدمة ليس لصراع سياسي جديد بل قد يصل إلى المواجهات المسلحة.
Sputnik
هل تصل الخلافات غير المعلنة بشكل صريح بين الانتقالي والرئاسي اليمني إلى الصراع المسلح ويعود الجنوب إلى ما حدث قبل أكثر من عامين من مواجهات بين المجلس وحكومة هادي في العاصمة المؤقتة عدن.. أم أن الرعاة سوف يمنعون وصول الأوضاع إلى مرحلة الانفجار؟
بداية، يقول السياسي الجنوبي، أوسان بن سدة: "باعتقادي أن هناك معركة تكسير عظام قادمة ما بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقياداته الموجودين في المجلس القيادي الرئاسي وبين رشاد العليمي رئيس المجلس وبقية الأعضاء من الشماليين".

الصدام العسكري

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "المعركة ليست سياسية فقط وإنما قد تتحول إلى معركة عسكرية، لأن الطرف الآخر يحاول منذ بداية تأسيس المجلس الرئاسي أن يُأزم الوضع في الجنوب اقتصاديا، وأن يخنق المجلس الانتقالي ويتمدد في الجنوب على حساب سيطرة الانتقالي، وأن يفرض مشروعه متجاوزا أي تفاهمات تم التوصل إليها في السنة الأولى من تأسيس مجلس القيادة الرئاسي".
الهيئة البحرية البريطانية: 4 أشخاص على متن قارب هاجموا سفينة قرب اليمن
وتابع بن سدة: "حديث رئيس مجلس الرئاسة رشاد العليمي الأخير في وسائل الإعلام مستفز جدا للشارع الجنوبي، ويحاول من خلاله أن يظهر أنهم هم من يديرون المشهد في الجنوب، و حتى القرارات التي يتفرد بها العليمي والغير منصوص عليها في صياغة نقل السلطة في أبريل/نيسان 2022، تجعل الأمور أكثر تأزما في الجنوب و تقلل من مساحة التفاهمات ما بين الجنوبيين في المجلس الانتقالي والموجودين في مجلس القيادة الرئاسي وما بين العليمي ومن معه".

تهاون العليمي

وأشار السياسي الجنوبي إلى أن "موقف الجنوبيين من الكثير من التنازلات التي تقدم لأنصار الله من المجلس الرئاسي سواء كانت من خلال الرعاية الإقليمية للحلول التي تجري في الرياض، أو من خلال تهاون العليمي ومجموعته في مجلس القيادة الرئاسي والمتعلقة بملفات اقتصادية لا زال يديرها "أنصار الله" والإصرار على إبقائها في صنعاء، في الوقت الذي يتم فيه تعقيد الأمور في عدن وتدني مستوى الخدمات المقدمة بشكل كبير جدا، فنرى تدهور الكهرباء والعملة والحالة الاقتصادية ووضع الموانئ".
ومضى بقوله: "لم يعد الأمر قاصرا على الخدمات بل نجد أن الكثير من القرارات التي يصدرها وزير الداخلية التابع للعليمي تأزم الوضع في محافظة شبوة وأيضا تعكر الأمور في ساحل و وادي حضرموت وفي المهرة أيضا".

طريق الصدام

ويرى بن سدة، أن "الأمور تسير في اتجاه التصادم والذي قد ينتج عنه إعادة هيكلة وشكل المجلس الرئاسي، بحيث يكون هناك رئيس ونائبين أحدهما للجنوب والآخر للشمال، هذا ما نراه مناسب للحلول القادمة، أما ما تضعه الرياض حقيقة من خلال المجلس الرئاسي فسيذهب بنا إلى صراع قادم لا يقل حدة عن الصراع الذي جرى في 2019 ما بين مجموعة هادي وعلي محسن الأحمر من جهة والمجلس الانتقالي من جهة أخرى".
العليمي يؤكد صعوبة الوصول إلى السلام في ظل عدم وجود شريك جاد يغلب مصالح الشعب اليمني
واختتم بقوله: "نتمنى أن يدرك الشماليين في مجلس القيادة الرئاسي أن شرعيتهم لا تتواجد إلا في المناطق المحررة التي يشكل الجنوب فيها الجزء الكبير، وأن عليهم تقبل الأمور والذهاب إلى حلول عقلانية تقلل من حدة التصعيد الذي يقومون به تجاه المجلس الانتقالي".

الابتزاز السياسي

من جانبه، يقول الدكتور محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن: "يمكن الإشارة إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يرى أن الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي تمارس الابتزاز السياسي من خلال ملف الخدمات، حيث يشهد الجانب الخدمي تدني وتراجع شديد مما زاد الضغط الشعبي على الانتقالي، وبدوره يضغط على المجلس الرئاسي للضغط على الحكومة للقيام بواجبها في تلبية احتياجات المواطنين وتوفير الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء والتي تشهد حاليا انهيار كبير في مستوى الآداء نتيجة لانخفاض وتراجع كميات الوقود".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "منذ انتهاء شهر رمضان شهدت منظومة الكهرباء في العاصمة عدن والمناطق المحررة انهيار كبير وتراجع في ساعات التشغيل، خاصة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة حيث وصلت ساعات الإنطفاء إلى أكثر من 16 ساعة مقابل 6 ساعات تشغيل في اليوم، إضافة إلى مطالبة الحكومة بالعمل الجاد لتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال تحسين أسعار الصرف وخفض أسعار السلع والخدمات التي تشهد ارتفاع جنوني في ظل انهيار أسعار الصرف، وتراجع قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية".

تصريحات العليمي

وأشار الشعيبي، إلى أن "هناك تباين وخلافات داخل المجلس الرئاسي حول ملفات سياسية عديدة في الجانب السياسي، وآخرها تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي والذي أشار فيه إلى أن مجاميع من الجيش الوطني هي من تقاتل مليشيات الحوثي في جبهة كرش شمال محافظة لحج الجنوبية، الأمر الذي أثار حفيظة الجنوبيين والمجلس الانتقالي، حيث أن القوات التي تقاتل في الجبهات هي قوات المقاومة الجنوبية وقوات المجلس الانتقالي".
"أنصار الله" تعلن إصابة سفينة بريطانية وإسقاط طائرة مسيرة أمريكية شمالي اليمن
ومضى بقوله: "ما زاد الأمور تعقيدا هو تصريح العليمي في مقابلة أخرى أشار فيها إلى أن القضية الجنوبية هي قضية عادلة ولكن الحديث عنها في هذه اللحظات غير مناسب، متناسيا أن أحد شروط قبول المجلس الانتقالي الشراكة هي محورية القضية الجنوبية وطرحها على طاولة الحوار دون أي تسويف أو تأخير، فالجنوبيين لا يرون أي حل للأزمة اليمنية دون أن تحل القضية الجنوبية حلا عادلا يرضي أبناء الجنوب".

قرارات التعيين

وأشار الشعيبي إلى أنه "بجانب ما سبق، هناك تباينات حول قرارات التعيين والمناصب، حيث يلاحظ الانتقالي أن الرئاسي يعيد هيكلة الحكومة بما في ذلك المناصب الوزارية والمؤسسات الحكومية الهامة والسلك الدبلوماسي والخارجية، حيث يرى المجلس الانتقالي، أن هذه التعيينات لا تتم بالتوافق معه ولا بالمحاصصة المنصوص عليها في اتفاق الرياض لتقاسم السلطة".
وأوضح الشعيبي، أنه "يمكن القول أن جميع هذه التباينات والاختلافات قد تعيق ملف التسوية السياسية وقد تؤثر على وحدة صف الشرعية في مواجهة مليشيات الحوثي، سواء على المستوى العسكري في جبهات القتال أو على المستوى السياسي على طاولة الحوار والمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة عبر مبعوثها الأممي، والذي يسعى حاليا إلى عقد اجتماع بعد جولة مفاوضات يقوم بها من الرياض إلى مسقط وعدن".
هل ينجح المبعوث الأممي في إحياء مساعي السلام وعدم التصعيد في اليمن؟
وأكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، دعمه لجهود السعودية، ومبعوث الأمم المتحدة من أجل إطلاق عملية سياسية شاملة، تلبي تطلعات جميع اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة الضامنة للمواطنة المتساوية، والحريات العامة.
وجدد العليمي، خلال استقباله، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، حرص حكومته على السلام الشامل والعادل القائم على المرجعيات المتفق عليها وطنيا وإقليميا، ودوليا وعلى وجه الخصوص القرار 2216.
لكنه أشار في الوقت ذاته، إلى "صعوبة الوصول إلى السلام المستدام في ظل عدم وجود شريك جاد يغلب مصالح الشعب اليمني على مصالح النظام الإيراني"، حسب وكالة الأنباء اليمنية- سبأ.
وانتقد "تباطؤ المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات حازمة لتجفيف مصادر تمويل، وتسليح الميليشيات، وتفكيك رؤيتها العنصرية القائمة على الحق الإلهي في حكم البشر، والتعبئة العدوانية ضد المجتمعات، والديانات والحقوق والكرامة الإنسانية".
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2022، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله" إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.
رئيس الوزراء اليمني: فقدنا قرابة ملياري دولار من إيراداتنا جراء منعنا من تصدير النفط
ويعاني البلد العربي للعام العاشر تواليًا، صراعًا مستمرًا على السلطة بين الحكومة المعترف بها دوليًا وجماعة "أنصار الله"، انعكست تداعياتها على مختلف النواحي، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بالأسوأ على مستوى العالم.
وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 آذار/ مارس 2015، عمليات عسكرية دعمًا للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
مناقشة