وقال ميرغني، في حديثه لـ"سبوتنيك"، اليوم الثلاثاء: "هناك جهود من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والمبعوث الأمريكي الخاص بالتحديد من أجل العودة لمنبر التفاوض، وهذا يعني العودة للمنبر القديم بل إن الرؤية الجديدة تتجه لتوسيع دائرة الوساطة لتضم مصر والإمارات، وبدلا من أن تقتصر العملية التفاوضية أو أجندة التفاوض على المسار الإنساني والعسكري، يضاف إليها أيضا المسار السياسي".
وأردف، قائلا: "كان يفترض أن تعقد الجلسة الأولى للمفاوضات قبل أسبوعين ولكن يبدو أن الترتيبات لم تكتمل، والآن هناك موعد جديد مضروب، في بداية الأسبوع الأول من شهر مايو/ أيار المقبل، لكن لا أعتقد أن هذا الموعد سيتم الوفاء به ما لم تضمن الوساطة نجاح المساعي، بمعنى أن تكون هناك شبه مفاوضات مسبقة عبر وسطاء لتقريب وجهات النظر بين الجيش والدعم السريع وبعد الحصول على ضمانات كافية ثم بعد ذلك تبدأ جولة المفاوضات".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الجولة المرتقبة أمامها عائق كبير وهو اقتراب قوات الدعم السريع من مدينة الفاشر ومحاولة السيطرة عليها، هذا الأمر هو أمر مفصلي، فإذا استطاعت قوات الدعم السريع الاستيلاء على مدينة الفاشر فهذا يعني عمليا نسف المفاوضات وستكون بحكم العدم، لأنها لن تجدي في جمع الطرفين ولن يوافق الجيش على الدخول في مفاوضات طالما أن الدعم السريع يستولي على مزيد من المدن".
ومضى ميرغني، بقوله: "الفاشر فيها حساسية عالية هي آخر مدينة وآخر ولاية تبقت في دارفور بعيدا عن سيطرة الدعم السريع، يعني هناك 4 ولايات سقطت في يد الدعم السريع وتبقت الفاشر عاصمة الإقليم كله، يعني هي أهم مدينة في الإقليم وأكبر مدينة، وبها عدد كبير من النازحين الذين هربوا إليها من مدن أخرى، إذا سقطت الفاشر معنى ذلك أن كامل إقليم دارفور في يد الدعم السريع".
وحول السيناريوهات التي تترتب على سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع، يقول ميرغني: "هناك حديث من بعض الأطراف أن الدعم سريع ينوي تكوين حكومة في هذا الإقليم على غرار ما حدث في ليبيا، وأن يستخدم إقليم دارفور كورقة في المفاوضات، فإذا خرج عن ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم فهو يحتفظ بكامل إقليم دارفور في يده، لذا فإن مدينة الفاشر هي نقطة مفصلية في الصراع الدائر وستكون نقلة كبيرة وربما تعصف بعد ذلك بمحاولات الحل السلمي، ويصبح خيار التجزئة في السودان شاخصا بصورة قوية جدا ما لم تتدخل قوى إقليمية ودولية لمنع هذا السيناريو، لأن هذا السيناريو وارد أن يؤثر بصورة كبيرة على دول الجوار الغربي في السودان، ويمكن أن يشعل هذه الدول أيضا، حيث ستنطلق من دارفور مجموعات أخرى في اتجاه السيطرة على الحكم في تلك الدول".
وفيما يتعلق بالتدخلات العسكرية الخارجية لمنع التطور في الجبهات، يقول ميرغني: "من الصعوبة بمكان افتراض أن تأتي قوات حفظ سلام أو أي قوات أخرى لمحاولة منع الاشتباكات والقتال في منطقة دارفور، لأن هذا السيناريو مجرب، فقد جاءت قوات "اليوناميد" الأفريقية الأممية وكانت تحاول أن تفرض السلام في هذه المنطقة خلال العهد الماضي ولكنها فشلت وتدخل الجيش السوداني لإنقاذ هذه القوات من الحركات المتمردة على الجيش، فأصبحت عمليا هذه القوات غير قادرة على حماية نفسها فضلا عن أن تحمي المواطنين".
ويرى ميرغني أن "المجتمع الدولي ربما لا يرغب في العودة مرة أخرى تحت البند السابع إلى هذا المكان، بأن تلك القوات كانت موجودة أصلا تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، لكن ربما هناك محاولات لإثناء الدعم السريع عن طريق بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والأمين العام للأمم المتحدة، لكن لا أعتقد أن ذلك سيَحمل الدعم السريع على تغيير خطته، إذا الطرفان ماضون في الأعمال العسكرية، ما لم يتحقق السيناريو الأوحد من وجهة نظري وهو الجلوس إلى طاولة التفاوض".
ولفت ميرغني إلى أن "الصراع في دارفور بين أربعة أطراف وليس طرفين (الجيش والدعم السريع)، حيث أن هناك حركات دارفورية مسلحة بعضها يدعم الجيش والأخرى مع الدعم السريع في مدينة الفاشر".
وكان قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد صرح بأنه أكد للمبعوث الأممي للسودان، رمطان لعمامرة، أن قواته "عازمة على مواصلة الدفاع عن نفسها على كافة الجبهات".
ونقل موقع "أخبار السودان"، عن دقلو أنه مستعد للتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات لجميع أنحاء البلاد، مشيرا إلى أنه بحث مع لعمامرة، الأوضاع في ولاية شمال دارفور والقصف الجوي "المتعمد" للجيش السوداني، بحسب وصفه.
يشار إلى أن قوات الدعم السريع تحاصر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، في ظل مؤشرات على هجوم وشيك على المدينة الوحيدة التي لا تزال خارج سيطرتها في الإقليم المضطرب.
وفي وقت سابق، دعت السعودية، أطراف النزاع في السودان، إلى الالتزام بمخرجات محادثات جدة "الرامية إلى تحقيق مصلحة الشعب السوداني من خلال الإسراع في الاتفاق حول مشروع وقف الأعمال العدائية وحل الأزمة عبر الحوار السياسي، للحفاظ على وحدة جمهورية السودان وأمن شعبه ومقدراته".
وتتواصل، منذ أكثر من عام، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.