وأدت تلك الحرب إلى نزوح أعداد كبيرة من أبناء السودان باتجاه مدينة الكفرة الليبية التي تقع جنوب شرق ليبيا بالقرب من الحدود السودانية، حيث شكلت الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع النازحين والمهجرين من دولة السودان وحصرهم وتقديم الدعم الإنساني والنفسي لهم.
وفي هذا السياق، قال عبدالله سليمان، المتحدث باسم بلدية الكفرة، إن "أزمة النازحين من دولة السودان هو تحد كبير ببلدية الكفرة، وذلك لقلة الإمكانيات التي تعاني منها البلدية، بالإضافة إلى البعد الجغرافي لبلدية الكفرة التي تقع في أقصى الجنوب الشرقي، وبُعدها عن باقي المدن الليبية، مما يجعلها تعجز عن توفير أسرة في المستشفيات على سبيل المثال بعد ارتفاع أعداد النازحين وبعد الضغط الكبير الذي تتلقاه البلدية على سبيل المثال، وأن أقرب مدينة لمدينة الكفرة هي بلدية جالو التي تبعد عن الكفرة بمسافة 600 كم شمالا، وأن أي ضغط على مدينة الكفرة يشكل تحديا كبيرا".
ارتفاع أعداد النازحين
أضاف سليمان في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن الصراع القائم في السودان الشقيق ليس بجديد، هو صراع قائم منذ عام كامل، ولم يتدخل أحد مع مدينة الكفرة في مواجهة أعداد النازحين ودعمها لمواجهة هذه الأزمة.
مدينة الكفرة الليبية تستقبل أعداد كبيرة من النازحين من السودان
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
وأوضح المسؤول الليبي أن رئيس الحكومة ووزير الصحة وعددا من المسؤولين بالحكومة الليبية زاروا في الأيام القليلة الماضية مدينة الكفرة والوقوف على أوضاع المدينة والنازحين، وأكد أن الكثير من الأمور تغيرت بعد هذه الزيارة، حيثُ تم التنسيق على إنشاء مستشفى ميداني في منطقة العوينات التي تقع جنوب مدينة الكفرة للنازحين من دولة السودان، وذلك لإجراء التحاليل الطبية والتعامل مع المرضى من النازحين وأعداد فحوصات لهم للتأكد من خلوهم من الأمراض.
وأشار سليمان إلى أنه لم يتم تأكيد أعداد النازحين وحصرهم، وذلك لعدم وجود منافذ رسمية بسبب إغلاق المنافذ بين البلدين أصبح الدخول والخروج عشوائيا، ولا يوجد رقم ثابت ودقيق لأعدادهم.
وتابع: "تم إنشاء منظومة عند توزيع المعونات التي قدمتها قيادة الجيش للعائلات قبل شهر رمضان المبارك، وكان العدد 15600 لاجئ سوداني في مدينة الكفرة حسب المنظومة".
وأكد سليمان أن أوضاع اللاجئين صعبة جداً، حيث يسكنون المزارع لأن المدينة مدينة صغيرة وغير قادرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من النازحين، وهم يقيمون في مساكن جماعية، وهناك مخاوف من انتشار العقارب مع قرب فصل الصيف، لأن مدينة الكفرة تشتهر بالعقارب، وبالتالي سيكون هناك طلب كبير على الأمصال الطبية للوقاية من لدغات العقارب.
وأوضح أن وزارة الصحة وضعت خطة باستحداث 6 عيادات متنقلة مجهزة بالكامل، وذلك لاستيعاب النازحين، كما قامت عدة مبادرات خيرية بدعم النازحين وتوفير المعونات لهم.
وأكد أن مدينة الكفرة لن تستطيع احتواء النازحين لوحدها دون دعم من الحكومة ومن المنظمات الدولية، إن استمر التوتر والصراع في دولة السودان.
حق الجوار
فتحت الحكومة الليبية وقيادة الجيش ذراعيها لاستقبال نازحي الدولة الجارة الشقيقة السودان، وتم تقديم المساعدات الإنسانية لهم، وتمكنت الحكومة الليبية من احتوائهم في ليبيا من جانب حقوق الإنسان وحق الجوار، وفقا للمحلل السياسي محمد امطيريد.
وتابع امطيريد في تصريحه لـ"سبوتنيك" أن "هذا الموقف سوف يعزز مكانة الحكومة الليبية المُنتخبة من البرلمان تجاه المجتمع الدولي الذي لم يقدم أي موقف تجاه السودان وليبيا وغيرها من الدول العربية".
وأضاف أن ليبيا تمر بحالة استثنائية، واستمرارية احتواء نازحي السودان بلآلاف قد يتطلب إمكانيات وتجهيزات كبيرة في ظل الانقسام السياسي والتخبطات الاقتصادية، إلا أن الحكومة الليبية والقوات المسلحة لم تقصر مع النازحين والمهجرين.
وقال بأن "هناك مؤشرات خطرة في حال زادت أعداد المهاجرين وقد لا تلبي الحكومة احتياجات الأعداد الكبيرة، في ظل غياب الدعم المالي للحكومة، ولكن حتى هذه اللحظة لا تزال الحكومة تعمل على احتواء النازحين، وهذه رسالة للدول العربية وجامعة الدول العربية ومجلس الأمن وهذا الأمر يحسب للحكومة الليبية المُنتخبة من البرلمان وموقفها حيال نازحي ومهجري السودان".
صمت عربي ودولي
اعتبر امطريد أن هذا الوضع ذو تأثير عميق في ظل الظروف التي تشهدها ليبيا على كافة الأصعدة، ومع هذه الظروف احتوت ليبيا نازحي السودان وعملت الحكومة بكل إمكانياتها على الرغم من صعوبة الظروف الصحراوية في مدينة الكفرة في الجنوب الشرقي من ليبيا.
ويرى أن استمرار تدفق النازحين بدون تدخل المجتمع الدولي والجامعة العربية حيالهم سوف يزيد العبء على الحكومة الليبية، ويجب أن يكون هناك دعم للحكومة الليبية والوقوف معها في هذه الظروف.