ما دلالات وقف تركيا التجارة مع إسرائيل سياسيا واقتصاديا؟

في خطوة وصفها مراقبون بـ"المهمة والاستراتيجية"، قررت تركيا قطع علاقاتها التجارية مع إسرائيل، على وقع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
Sputnik
القرار التركي قد لا يؤثر مباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي، بحسب خبراء، لكنه يمثل رسالة سياسية مهمة في توقيت حساس، لا سيما في ظل انكماش الاقتصاد الإسرائيلي، وتوجس المواطنين الإسرائيليين من هذه الملفات.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، أن وقف بلاده التجارة مع إسرائيل، سيكون مثالا للدول الأخرى التي تشعر بالقلق تجاه الوضع الحالي.
أستاذ في القانون الدولي: انضمام تركيا إلى الدعوى ضد إسرائيل مؤشر لإمكانية انسحابها من "الناتو"
وشدد خلال لقاء مع جمعية الصناعيين ورجال الأعمال في مدينة إسطنبول التركية: "لدينا هدف واحد فقط هنا، وهو إجبار إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي خرجت عن نطاق السيطرة بدعم عسكري ودبلوماسي من الغرب، على وقف إطلاق النار".
وتابع أردوغان: "نحن لا نسعى إلى العداء أو الصراع مع أي دولة في منطقتنا، ولا نريد أن نرى الصراع وسفك الدماء والدموع في جغرافيتنا".
وعن وقف التجارة بين بلاده وإسرائيل، قال الرئيس التركي: "سننفذ عواقب هذه الخطوة التي اتخذناها بالتنسيق والتشاور مع عالم الأعمال لدينا".

استجابة شعبية

اعتبر المحلل السياسي التركي جواد كوك، أن قطع العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل، جاء تطبيقا من قبل الحكومة لمطالب الشعب والمعارضة وأتباع الحزب الحاكم، والذين طالبوا بقطع العلاقات التجارية بشكل كامل مع إسرائيل.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن هذا الموقف الإيجابي لن يكون له تأثير كبير على إسرائيل، باعتبار أن قطع العلاقات من بلد واحد في المنطقة أمر غير كاف.
وشدد كوك، على ضرورة أن تقوم الدول العربية والإسلامية بنفس الموقف بقطع علاقاتها مع إسرائيل باعتباره مطلبا مهما للشعب الفلسطيني المحاصر، ضد العدوان الذي يشنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأكد أن إسرائيل لا تهتم بالتحذيرات والعقوبات وقطع العلاقات الاقتصادية، لكن القرار يؤثر نفسيًا على الشعب الإسرائيلي، وربما يدفعه إلى الخروج للتظاهر ضد حكومة بنيامين نتنياهو، لكنه في النهاية لن يكون له مردود أو تأثير مباشر على إسرائيل.
تركيا تصعد وتنضم إلى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام "العدل الدولية"... فيديو

لطمة قوية

وقال الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن موضوع الاقتصاد في إسرائيل يعتبر من الهواجس التي تقلق الرأي العام الإسرائيلي، بعد ارتفاع أسعار الوقود للمرة الخامسة على التوالي، وانخفاض سعر الشيكل أمام الدولار.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن وقف تركيا التصدير إلى إسرائيل ضربة موجعة ورسالة قوية، حيث بدأت الدائرة تضيق على الاقتصاد الإسرائيلي المنكمش بالأساس، بسبب انعدام السياحة وضعف الزراعة، والنفقات الكبيرة التي يتم إنفاقها على الحرب والعدوان في قطاع غزة.
وأكد أن هناك مسائل يتم دراستها لتهريب المنتجات التركية، والاستعانة بوسيط من أجل المناورة وتجاوز المقاطعة التركية، لكن في جميع الأحوال هذه رسالة سياسية قوية وضربة للاقتصاد الإسرائيلي في توقيت حساس، وعلى إسرائيل أن تراجع نفسها حيث تزعم أنها تحارب حماس أو غزة لكنها تواجه تركيا وقطر ومصر ولبنان، وكذلك إيرلندا وجنوب أفريقيا، ما يجعلها تشعر في جميع الأحوال بأنها في عزلة متزايدة.
تركيا ترد على إسرائيل بعد انتقادها لها لاستضافة قائد "حماس".. "أنتم من عليكم الخجل"
وأوضح أن اللطمة الاقتصادية القادمة من تركيا تضاف لإخلاء السفارات في أكثر من دولة عربية وإسلامية، وإلى تضييق قانوني يتمثل في المحكمة الجنائية الدولية، ويتضاعف أثر المقاطعة التركية والتضييق على من يفكر في تصدير منتجات تركية لإسرائيل، خاصة وأن أنقرة وضعت ضوابط لإعادة هذه المنتجات، معتبرًا ما حدث خطوة جيدة من الجانب التركي ورسالة يجب أن يعيها الجانب الإسرائيلي المتطرف.
وأوضح أن الوجع الإسرائيلي من القرار التركي تمثل سابقا في رفض مشاركة تركيا في إسقاط الإغاثة فوق شمال غزة، ولاحقا في تشكيل طاقم بوزارة الخارجية الإسرائيلية للتضيق على الجانب التركي في موضوع العلاقات الاقتصادية مع السلطة الفلسطينية وقطاع غزة، ومحاولة السعي لاستصدار قرارات دولية للتضييق على الاقتصاد التركي.
وأعلنت وزارة التجارة التركية، أمس الخميس، تعليق تصدير واستيراد جميع المنتجات مع إسرائيل حتى تسمح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بصورة مستمرة.
وقالت وزارة التجارة في بيان: "تم وقف معاملات التصدير والاستيراد لجميع المنتجات مع إسرائيل"، مشيرة إلى "أن تركيا ستقوم بتنفيذ الإجراءات الجديدة بشكل صارم وحاسم".
وأوضح البيان أن "وزارة التجارة التركية تقوم بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد الفلسطينية لضمان عدم تأثر الفلسطينيين من القيود المفروضة على التجارة مع إسرائيل".
وزير الخارجية الإسرائيلي: أصدرنا تعليمات بإيجاد بدائل للتجارة مع تركيا
وفي تعليقه على القرار التركي، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينتهك الاتفاقات عبر إغلاق الموانئ أمام الواردات والصادرات الإسرائيلية. هذه هي الطريقة التي يتصرف بها الديكتاتور، على حدو وصفه، تتجاهل مصالح الشعب التركي ورجال الأعمال الأتراك، ومتجاهلاً اتفاقات التجارة الدولية".
وأشار كاتس إلى أنه أصدر: "توجيهات لوزارة الخارجية بالعمل على إيجاد بدائل للتجارة مع تركيا، مع التركيز على الإنتاج المحلي وواردات من دول أخرى"، مضيفا: "نحن نتنصر وهم يخسرون".
وكانت وزارة التجارة التركية قررت في 9 نيسان/ أبريل الماضي، تقييد تصدير 54 منتجا إلى إسرائيل، موضحة أن القيود على الصادرات ستظل سارية حتى تعلن تل أبيب وقفا فوريا لإطلاق النار في قطاع غزة، وتسمح بتقديم مساعدات متواصلة وشاملة للفلسطينيين في القطاع.
وجاءت قيود تركيا على التجارة مع إسرائيل بعد رفض تل أبيب طلب أنقرة للانضمام إلى جهود إسقاط المساعدات الإنسانية جوا للفلسطينيين في غزة.
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي، علاوة على أسر نحو 250 آخرين، بينما قتلت إسرائيل نحو 34 ألف فلسطيني وأصابت أكثر من 78 ألفا آخرين غالبيتهم من النساء والأطفال.
مناقشة