الحصار الغربي واستمرار الجيش الأمريكي بسرقة النفط يدفع سوريا إلى "الطاقة المتجددة"... صور وفيديو

تعاني سوريا منذ أعوام أزمة خانقة في توفير الكميات اللازمة من التيار الكهربائي لاستمرار الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
Sputnik
فمع استمرار الجيش الأمريكي وما يسمى "التحالف الدولي" بنهب أضخم حقول النفط والغاز التي يحتلها كقواعد لا شرعية له، وقيامه ببيع إنتاجها خارج الحدود، استكمل الغرب ضغوطه عبر حصار اقتصادي جائر، راكم المأساة وحرم المواطنين والقطاع الاقتصادي على حد سواء، من الحصول على الحد الأدنى من الاحتياجات الكهربائية.
هذه المعطيات الاستثنائية، فرضت واقعا اقتصادياً صعباً، ووضعت الصعوبات سدا منيعا أمام قدرة الحكومة السورية على تأمين المشتقات النفطية وحوامل الطاقة للبلاد، ما انعكس تلقائيا على الواقع الكهربائي للبلاد وخلّف ضررا كبيرا في القطاعات الزراعية والصناعية التي يعتبر التيار الكهربائي، العصب الرئيسي لقيامها.
ومع استمرار المشكلة وتعمّقها، تبحث دمشق منذ أعوام عن حلول البديلة في ظل الواقع الصعب الذي تعيشه، حيث بدأت الحكومة السورية بإقرار القوانين والتشريعات وتقديم التسهيلات اللازمة التي تساعد في تعويض جزء من النقص الكهربائي من خلال الاعتماد على الطاقات المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها.
تدمير ونهب أمريكي ممنهجين
يحتل الجيش الأمريكي أهم وأكبر حقول النفط والغاز في سوريا، ومنها حقول (الرميلان والجبسة وتشرين) في محافظة الحسكة، و(العمر) النفطي ومعمل وحقل غاز (كونيكو) وحقل (التنك) في محافظة دير الزور، والتي تعتبر المصدر الأهم للطاقة والمشتقات النفطية والغازية التي تستخدم لتوليد الكهرباء عبر محطات التوليد المنتشرة في سوريا.
الجيش الأمريكي مستمر بتصدير النفط السوري المسروق رغم الهجمات المستمرة على قواعده
كما يسيطر المسلحون الموالون للجيش الأمريكي منذ سنوات عديدة على أهم السدود المائية في سوريا، ومنها (الفرات وتشرين والبعث) في ريفي محافظتي الرقة وحلب، والتي تولد التيار الكهربائي من مياه نهر الفرات وكانت أهم مصدر لتوليد الكهرباء في سوريا، والتي تضررت أيضاً خلال قصف طائرات "التحالف الدولي" لها بحجة محاربة تنظيم "داعش".
وكانت السدود السورية الثلاثة المقامة على نهر الفرات (سد تشرين، سد الثورة، سد البعث)، قد تأثرت بشكل خطر بسبب قيام السلطات التركية ايضاً بحبس المياه ، بحجة سيطرة "قسد" عليها، ما انعكس سلبا على جميع مناح الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، بسبب قلّة الوارد المائي، الذي يؤثر بشكل مباشر على مياه الشرب والري وتوليد الطاقة الكهربائية.
(الشمس) لمجابهة الحصار الغربي
وفي خطوة جديدة، وبحضور وزير الكهرباء السوري غسان الزامل، افتتحت الحكومة السورية، أمس، القسم الثاني من حقل الطاقة الشمسية في منطقة (حسياء الصناعية) في ريف حمص الجنوبي وسط البلاد، بهدف دعم الحقل للشبكة الكهربائية العامة، والمساعدة في تأمين التيار الكهربائي للمعامل والمصانع في المنطقة الصناعية.
وقال الوزير الزامل خلال افتتاح الحقل، إن عام 2024 سيكون عام إطلاق مشاريع الطاقات المتجددة في عموم الأراضي السورية، مشيرًا إلى أنه حتى اليوم تم رفد الشبكة الكهربائية العامة بما يقارب الـ 90 ميغاواط كهربائي الناتجة عن مشاريع الطاقات المتجددة التي تم إنجازها خلال الأعوام القليلة الماضية، لافتاً إلى أن هذه المشاريع تعتبر اليوم محركاً للاقتصاد السوري بمختلف قطاعاته.
حقل الطاقة الشمسية في منطقة (حسياء الصناعية) في ريف حمص الجنوبي وسط البلاد
ووجّه الزامل الشكر إلى رأس المال الوطني الخاص الذي لم تحبطه العقوبات الغربية الجائرة والحصار المفروض على البلاد، واستثمر في مشاريع وطنية تساعد الاقتصاد الوطني على النهوض من جديد وخاصة مشاريع الطاقات المتجددة في منطقة حسياء.
وأشاد وزير الكهرباء السوري بالتزام بالمعايير والمدد لتنفيذ المشروع التي وضعتها الوزارة، مؤكداً أن المرحلة القادمة ستشهد ربط المزيد من مشاريع الطاقات المتجددة الشمسية والريحية مع الشبكة العامة الذي سيكون لها آثر كبير على جميع السوريين عبر تخفيف من ساعات التقنين الكهربائي وزيادة ساعات التغذية، إضافة إلى تدوير عجلة الاقتصاد عبر المعامل والمصانع التي ستحصل على حصة كهربائية تساعدها في الانتاج.
مشاريع عديدة
بدوره مدير عام المنطقة الصناعية في حسياء عامر خليل، قال بأنه يوجد 27 مشروعا لتوليد الطاقة المتجددة في المنطقة الصناعية في حسياء ، منها 20 مشروعاً دخلت حيث التنفيذ و7 أخرى قيد اجراءات التنفيذ، وهي مشاريع الجزء الأكبر منها مخصص للمنطقة الصناعية، والجزء الأخر لمحافظة حمص بشكل عام.
حقل الطاقة الشمسية في منطقة (حسياء الصناعية) في ريف حمص الجنوبي وسط البلاد
وأكد الدور الكبير لهذه المشاريع في زيادة دوران عجلة النمو الاقتصادي وانطلاق مشاريع جديدة وإعادة إقلاع مشاريع متوقفة نتيجة انعدام الحوامل الطاقة الضرورية لها، ما سينعكس إيجابياً على الواقع الصناعي والتجاري لسوريا.
خبرات وطنية لمواجهة السرقات الأمريكية المستمرة
من جانبه، أوضح مدير عام الشركة المنفذة لمشروعات الأنوار للطاقة الكهروشمسية في المنطقة الصناعية في حسياء، الدكتور وائل منصور أن التكلفة النهائية للمشروع وصلت إلى 580 مليار ليرة سورية، يمتد على مساحة 800 دونم بعدد ألواح شمسية إجمالي وصل إلى 110000 لوح وواقع توليد يصل إلى 60 ميغاواط، الأمر الذي يوفر على البلاد تكلفة وقود أحفوري تصل إلى 32 ألف طن سنوياً، خاصة في ظل النقص الكبير في حوامل الطاقة وصعوبة الحصول عليها جراء الحصار الظالم المفروض على البلاد والسرقات الأمريكية المستمرة للنفط السوري.
وأكد منصور أن مشاريع إنشاء المزارع الشمسية هي مشاريع تعتبر جديدة في البلاد، إلا أن الخبرات الوطنية السورية من مهندسين وعمال وفنيين أثبتوا كفاءتهم واستطاعوا تنفيذ المشاريع بكل مهنية ودقة واحترافية وبأعلى المواصفات والمعايير الدقيقة بدءًا من التصميم والتخطيط وصولاً إلى التنفيذ والإنجاز على أرض الواقع، وهو ما يجدد التأكيد على أن العقل السورية هو عقل مبدع وقادر دوماً مهما كانت الظروف.
وزير النفط السوري لـ"سبوتنيك": القسم الأهم من حقول النفط لا يزال خارج سيطرة الحكومة
وختم الدكتور منصور حديثه أن الطاقة المتجددة في سوريا حالياً ليست بديلاً، إنما هي مساعدة للطاقة المستمدة من المشتقات النفطية والوقود الأحفوري، وأضاف: "لا يمكننا اليوم اعتبارها طاقة بديلة إنما هي طاقة متجددة".
مناقشة