هل يسهم الاتحاد الأفريقي في حل النزاع بين الأطراف المتنازعة في ليبيا؟

جهود كبيرة يقودها الاتحاد الأفريقي من أجل مصالحة وطنية شاملة في ليبيا تقوم على التسامح والتصالح للمضي بالبلاد إلى بر الأمان.
Sputnik
وبحسب تصريحات وزير خارجية الكونغو، برازافيل جان كلود جاكوسو، لـ"سبوتنيك": "جبنا كامل التراب الليبي شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وقابلنا كل الليبيين، ولم نجد أحدا يقف ضد المصالحة الوطنية.. نحن واعون تماما بأن مسار المصالحة مسار طويل يقتضي العفو والتسامح والتواضع للوصول إلى الهدف المنشود وهو الوصول إلى ليبيا موحدة".
ولكن وبحسب محللين سياسيين فإن جهود الاتحاد الأفريقي محدودة ولا ترتقي لمستوى الحلول المرجوة.

تدخلات أمريكية وأوروبية

ومن جهته، قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، إن مؤتمر المصالحة الذي يرعاه الاتحاد الأفريقي والذي كان من المفترض أنه سيعقد في أبريل/ نيسان الماضي، بقيادة المجلس الرئاسي ويرعاه الاتحاد الأفريقي، ولكن حدثت عدة أمور أدت إلى إفشال انعقاده أبرزها "تراجع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي عن ضم شهداء وجرحى الجيش الليبي لأسر الشهداء والمفقودين، بالإضافة إلى التيارات التي تضع شروط مسبقة قبل المشاركة".
وتابع العبدلي في تصريحه لـ "سبوتنيك" أن هناك فئة كبيرة مدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر الجامع ليس لديهم أي ثقل أو تأثير ومشاركتهم غير فاعلة، لأن الأعداد المدعوة كبيرة وهناك أشخاص ليس لديهم أي حاضنة في مدنهم وهذا الأمر سوف يسبب إفشال هذا المؤتمر.
وزيرا خارجية ليبيا والكونغو يؤكدان ضرورة رأب الصدع والمصالحة بين أطراف الأزمة الليبية
وأكد أن هذا الامر جاء نتيجة "سوء التنسيق التي سببها المجلس الرئاسي لأن الاتحاد الأفريقي يظل مجرد زائر، وبمجرد أن ينتهي الاجتماع كأنه حبر على ورق وينتهي كل شيء من دون حل فعلي".
وقال، يحاول رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الدبيبة من خلال هذه زيارته لإثيوبيا أن تكون له أصوات مساندة عن طريق توقيع عدة اتفاقيات في العمالة والعلاقات الاقتصادية، كونها دولة مهمة ويقع فيها مقر الأمانة العامة للاتحاد الأفريقي.
وأوضح "إن لم يتمكن الاتحاد الأفريقي من إنجاح حوار فعال تكون فيه الأطراف الرئيسية على طاولة الحوار ومنهم ممثل عن القيادة العامة للجيش الليبي وممثل للمجموعات المسلحة في غرب ليبيا، أما وجود أعداد كبيرة من المشاركين هو مجرد دعاية وليس حل فعلي".
واعتبر العبدلي أن هذا المؤتمر هو المبادرة الجدية الوحيدة التي يسعى لها الاتحاد الأفريقي، وإن لم تكن هناك رؤية واضحة وقرارات واضحة لن ينجح الاتحاد الإفريقي في ليبيا.
وأكد إن الاتحاد الأفريقي لم ينجح في حل المشكلات حول التحالف الثلاثي الجديد بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، كادت أن تتحول منطقة الساحل إلى الحرب بسبب دفع فرنسا لبعض الدول في غرب أفريقيا لاشعالها، الأولى من الاتحاد الأفريقي أن يقوم بإيقاف التدخلات الأجنبية عن القارة كأول مبدأ له، ثم يسعى بعد ذلك لحل الحروب والصراعات الداخلية بين الدول والحروب الأهلية لمحاولة إيقافها وجمع جميع الأطراف على طاولة واحدة.
ليبيا... طرح مشروع المسودة النهائية للمصالحة الوطنية في العاصمة طرابلس
وقال ليبيا تحتاج إلى أبعاد الأطراف الأجنبية عن التدخل في الشأن الليبي والأفريقي، لأن ما يحدث اليوم من تدخلات أمريكية وأوروبية ومن بعض دول الخليج يؤثر في ليبيا وأفريقيا، وليبيا ليست بمعزل عن ذلك.

جهود محدودة

ومن جهة أخرى، قال المحلل السياسي والأكاديمي، فوزي الحداد، إن دور الاتحاد الأفريقي في عملية المُصالحة يقتصر على بعض الاجتماعات البروتوكولية واستضافة لبعض الشخصيات، ولم يتعدى إلى أي دور فاعل يجمع جميع الأطراف ولعب دور حاسم في مسألة المُصالحة الوطنية.
وأوضح الحداد في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن الاتحاد الأفريقي لعب دور كبيرا في تعيين أحد أعضاء الاتحاد في مهمة مبعوث دولي للأمم المتحدة في ليبيا وهذا ما تم عندما عين باتيلي بهذه المهمة، ولكن عندما تم تمكين عبدالله باتيلي كمبعوث أممي لم يحرك شيئا في ملف المُصالحة الوطنية، ولم يفعل الاتحاد الأفريقي شيئا حيال ذلك وكأنه ابتلع كل التعهدات التي كان يقر بها للمجتمع الدولي في حال الاستجابة لمطالبه وتعيين مبعوث أمني ينتمي للقارة الإفريقية.
وأكد بأن تأثير الاتحاد الأفريقي محدود جدا، لأن الجميع يعلم لأنه ليس مؤسسة فاعلة مع جميع الأطراف الليبية، وأن تحركاته لا تتسم بالنجاح الدائم وهذا أهم عدم نجاح مبادراته التي اقتصرت على الدول الأفريقية لا غير.
"قمة برازافيل".. حراك عربي وأفريقي تمهيدا لعقد "مؤتمر المصالحة" في ليبيا
وأشار إلى أن الليبيين يسعون لقبول مصالحة شاملة، وهذا ما تم تأكيده عن طريق الأحداث، أما من يقبل المصالحة أم لا هم الأطراف المُتنازعة على الأرض والمتحكمين في المشهد بالإضافة إلى ارتباطاتهم بالأطراف الخارجية.
واعتبر أن ملف المُصالحة سيظل معلق طالما أن المسيطرين على المشهد في ليبيا لا يفعلون الكثير تجاه هذا الملف.
وقال الحداد أن المجلس الرئاسي كانت من أول تعهداته هو تحريك ملف المُصالحة الوطنية ولعله فشل فشلا ذريعا في تحريك هذا الملف الوحيد الذي تعهد بأنه سوف يسعى فيه رغم أنه شكل جسما بميزانية مستقلة، ولكن لا يبدو أن النجاح يكون حليفا لأحد في هذا الملف في الأمد المنظور.
مناقشة