المدنيون في رفح ينزحون عن الملاذ الأخير في رحلة جديدة إلى المجهول... فيديو

يحتشد في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، نحو 1.5 مليون فلسطيني في ظروف بالغة الصعوبة، حيث لا تتجاوز مساحة المحافظة 151 كيلومترا مربعاً، ويعيش النازحون في مراكز إيواء وخيام معدومة المقومات الحياتية اليومية، وتفتقر الى أبسط حقوق الإنسان في الطعام والشراب والدواء.
Sputnik
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دفع القصف العنيف على شمال ووسط القطاع، السكان للنزوح من مناطقهم إلى مناطق أخرى هربا من الموت، وما يلبث النازحون أن يمكثوا في منطقة فيها شيء من الأمان إلا ويعاودوا مغادرتها مجددا للبحث عن منطقة آمنة أخرى في قطاع محاصر، لغاية الوصول إلى الملاذ الأخير في رفح جنوب القطاع.
ومع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح جنوب القطاع، يدخل الفلسطينيون غمار نزوح جديد نحو المجهول، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أمر السكان بإخلاء الأطراف الشرقية لمنطقة رفح، وطالب في بيان له من السكان والنازحين بمنطقة بلدية الشوكة وأحياء السلام والجنينة وتبة زراع والبيوك الخروج فورا والتوجه نحو ما سماها "المنطقة الإنسانية الموسعة" في المواصي، وهي منطقة على الساحل تمتد بين رفح وخان يونس.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن عملية الإخلاء تشمل نحو 100 ألف فلسطيني يسكنون في أحياء رفح الشرقية، وقد سادت حالة ارتباك وخوف في أوساط النازحين، الذين غادروا أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة.
المدنيون في رفح ينزحون عن الملاذ الأخير في رحلة جديدة إلى المجهول
وعلى غير هدى، لملمت أسرة محمد أبو علون في حي السلام بمدينة رفح، ما تستطيع حمله، وأخلت منزلها مع آلاف السكان الذين حملوا أمتعتهم بالسيارات وبواسطة التوكتوك " مركبة نارية ذات ثلاث عجلات " وعلى الدواب ومشياً على الأقدام.
ويقول محمد لوكالة "سبوتنيك" عن رحلة الخوف والنزوح الجديدة:
"منذ الصباح الباكر أجبرنا جيش الاحتلال، على إخلاء منزل العائلة المكون من 4 طوابق بحي السلام في رفح، وكنا نسكن فيه أنا وإخوتي، وزوجاتنا وأولادنا، وكان السؤال الذي يتكرر مع كل نزوح جديد، أين نذهب؟".
المدنيون في رفح ينزحون عن الملاذ الأخير في رحلة جديدة إلى المجهول
ويضيف:" تحولت منطقة الجنينة إلى مدينة رعب جراء القصف الكثيف، والدمار والموت، وقد تفرقنا أنا وإخوتي عن بعضنا، منا من نزح نحو البحر، ومنا من ذهب إلى الأقارب، ومنا من يبحث عن خيمة، وأنا أعيش حاليا مع أولادي وزوجتي في بيت درج".
ومن بين النازحين الذين غادروا مشياً على الأقدام، النازحة أم محمود التي تحاول بصعوبة شديدة أن تجر إسطوانة غاز، جلبتها معها، ولم تستطيع حملها، وتسير معها ابنتها المنهكة من المتعب، وتقول أم محمود لـ "سبوتنيك":" لم أستطع منذ الصباح أن أجد سيارة تقلني، فقررت جر الإسطوانة برجلي، وجئت من شرق رفح مشياً على الأقدام، وابنتي أنهكها التعب، وأسال ربي أن ينصرنا".
المدنيون في رفح ينزحون عن الملاذ الأخير في رحلة جديدة إلى المجهول
وتضيف: "لم نقدر أخذ خيامنا معنا وبعض ما يمكن نقله من أمتعة قبل النزوح، وفقدت عدد من أقاربي جراء القصف الكثيف، وقلت لن أترك اسطوانة الغاز فهي وسيلتي للطهي، فجلبتها وفي الطريق تفرقت عن أقاربي، وحاليا أحاول بصعوبة المسير مع ابنتي إلى خان يونس نحو المواصي، مثل ما كتب الاحتلال في الأوراق".
وكانت الطائرات الإسرائيلية ألقت منشورات على منطقة رفح تدعو السكان للمغادرة بشكل فوري باتجاه ما سمته "المنطقة الإنسانية الموسعة في المواصي"، وتضمنت المنشورات تهديداً بأن الجيش "سوف يعمل بقوة شديدة ضد المنظمات الإرهابية في مناطق مكوثكم مثلما فعل حتى الآن، وكل من يوجد بالقرب من المنظمات الإرهابية يعرض حياته وحياة عائلته للخطر".
المدنيون في رفح ينزحون عن الملاذ الأخير في رحلة جديدة إلى المجهول
وتصف النازحة أم ياسر ليلة النزوح بالمرعبة، حيث كان الموت يحيط بهم من كل الجهات، وتقول:" متنا من الخوف طوال الليل، أخرجنا الصغار قبلنا، ثم خرجنا بعدهم والقصف من كل الجهات، وكنا لا نعرف أين القصف هل هو أمامنا أو خلفنا، وقالوا يوجد خط أمان، لكن لم نجد أمان، فقد كان القصف والموت في كل الجهات".
وتضيف:" أقف وسط الشارع لا أعرف أين أذهب، في المواصي لا يوجد مكان، ولم يعطينا أحد خيام، و الآن أبحث عن مكان أمكث فيه".
المدنيون في رفح ينزحون عن الملاذ الأخير في رحلة جديدة إلى المجهول
وحال أم محمد النازحة من حي السلام في رفح، ليس أفضل من غيرها، فقد تفرقت عن عائلتها وتنتظرهم لمساعدتها في تأمين خيمة، وتقول لـوكالة "سبوتنيك":" الوضع صعب جدا، القذائف كانت تسقط علينا، ولقد تدمر منزلنا جراء القصف، وخرجنا في حالة خوف ورعب شديد، ولا نعرف أين سنتجه، ومازلت أنتظر قدوم أولادي وزوجي، لنذهب ونبحث عن مكان وخيمة".

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن العملية العسكرية للجيش الإسرائيلي في رفح تتضمن إخلاءً واسع النطاق وطويل الأمد للمدنيين، لكن في هذه المرحلة بحسب قرار مجلس الحرب فسيكون هناك إجلاء مؤقت ومحدود لنحو 100 ألف شخص.

المدنيون في رفح ينزحون عن الملاذ الأخير في رحلة جديدة إلى المجهول
وفي اليوم 215 للحرب على قطاع غزة، ارتفعت حصيلة القتلى في القطاع إلى 34,789، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وحصيلة الإصابات ارتفعت إلى 78,204، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
ويواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع منذ 7 أشهر، حيث دمر أحياء بكاملها، وتسبّب بنزوح 1.7، من أصل 2.4 مليون نسمة، وأثار أزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة.
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، شنّ مقاتلون من "حماس" هجوما على جنوبي إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.
مناقشة