تحركات أمريكية مستمرة للحفاظ على نفوذها في ليبيا

طرابلس
وصف محللون ليبيون التحركات الأمريكية غربي ليبيا بأنها "تحركات استراتيجية" تأتي في إطار السيطرة على الملف الليبي، لكنها تظل تحركات محدودة، لعدم تقبل التواجد الأمريكي في ليبيا بشكل كبير، عدا قبول محدود مع بعض الولاءات والمصالح المشتركة مع بعض الأطراف في ليبيا.
Sputnik
الطموح الأمريكي بالسيطرة
في الإطار، يرى المحلل السياسي، محمد امطيريد، أن "أمريكا تعي أهمية ليبيا جيدا، ولديها أطماع استراتيجية وليست اقتصادية، وذلك لأن ليبيا ترتبط بخمس دول أفريقية، ولديها عمق أفريقي يصل إلى دول تشاد والنيجر والسودان، وتلك الدول مهمة لأمريكا، بعد فقدها لعدة دول كانت تسيطر عليها فرنسا بالمشاركة الأمريكية، آخرها الخروج من النيجر".
وأضاف امطيريد، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، أن "أمريكا لم تترك ليبيا وشأنها، إذ كلفت أمريكا في السابق مندوبا في الغرب الليبي، وصنعت قواعد عسكرية برية وبحرية، واستثمرت مع وزارة الدفاع في الغرب الليبي كل جهودها العسكرية، أما اليوم بعد توسع تحالفات جديدة في أفريقيا وظهور مخاوف أمريكية كبيرة، خاصة في منطقة حوض المتوسط من تحالفات جديدة تستبعدها".
وتابع أن "أمريكا تعمل على السيطرة في الغرب الليبي في هذه اللحظة، ولأول مرة تستلم أمريكا الملف الليبي بشكل مباشر، وتتفاوض مع الاستخبارات التركية في المدة السابقة لخلق توازن في القواعد التي تسيطر عليها القوات التركية".
ويعتقد امطيريد أن "أمريكا أرسلت اليوم مندوبة أمريكية للجلوس مع قادة التشكيلات المسلحة في الغرب الليبي، لتشكيل قوة مشتركة مع بعض السرايا الخفيفة، التي تنطوي تحت هذه التشكيلات للسيطرة على الوضع الأمني في الغرب الليبي".
وأكد أن "استقالة عبد الله باتيلي، وتكليف ستيفاني خوري، هي مؤشرات للبحث عن السيطرة الأمنية والسياسية، ومن الجانب العسكري قامت وزارة الدفاع الأمريكية من خلال مندوبها في شمال أفريقيا، بعقد هذه الاجتماعات، ما جعل هذه الملفات تحت السيطرة الأمريكية".

وأردف، قائلا: "سوف يكون الرئيس القادم في حال تم إجراء الانتخابات، تحت السيطرة الأمريكية، مثلما ما حدث في العراق ولبنان وغيرها من الدول التي تسيطر عليها أمريكا".

كما أشار إلى أن "أمريكا تسعى لتوفير الطاقة لحلفائها في أوروبا بعد الأزمة الأوكرانية، ومعاناة أوروبا في ملف الطاقة بعد إغلاق روسيا صمامات الطاقة على أوروبا".
إلى أين يصل نفوذ أمريكا في ليبيا؟
فيما يرى امطيريد أن "هناك طموح أمريكي للسيطرة على قاعدة "الوطية" في الغرب الليبي، وقاعدة مطار معيتيقة في العاصمة طرابلس، وتلك مؤشرات للسيطرة على الغرب، مع عدم تمكنها من السيطرة على الشرق والجنوب الليبي، بسبب سيطرة قيادة الجيش الليبي على هذه المناطق".
وأكد أن "ليبيا لن تخرج من العباءة الأمريكية، وأن العاصمة طرابلس ستكون تحت الوصاية الأمريكية عسكريا وسياسيا، وفي الأيام القادمة سينطلق مؤتمر "غدامس" الجديد، الذي سوف ينبثق منه لجان مكونة من عدة أجسام، على رأسها البرلمان والأعلى للدولة بسياق أمريكي كامل، وهكذا تكون أمريكا قد حققت سيطرتها الكاملة على أهم الملفات في البلاد".
تحالفات ومصالح
ومن جانبه، قال المحلل السياسي إدريس أحميد، إن "أمريكا هي لاعب أساسي في ليبيا، ترى فيها أهمية كبرى باعتبارها بوابة لشمال أفريقيا وتربط شمال أفريقيا بأفريقيا، وهناك استثمارات أمريكية في ليبيا".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "أمريكا تريد الحفاظ على مصالحها في ليبيا، وتريد أن تخلق توازنا، وأن تحافظ على تواجدها في ليبيا".
وأشار إلى أن "مبادرة العشرية الأمريكية، التي أطلقها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حول ليبيا التي لم تنفذ حتى الآن، وذلك لأن أمريكا مشغولة بعدة ملفات، ولكنها تريد الآن الإمساك بالملف الليبي".
هكذا تبحث أمريكا عن تعزيز نفوذها في ليبيا
وأوضح أحميد أن "هناك مساع أمريكية واضحة تجاه ليبيا، وأن أمريكا لديها سفير رسمي ومبعوث خاص، والآن أصبحت المبعوثة الأممية أمريكية، وهي تمثل عين أمريكا في ليبيا".
وأكد أن "أمريكا تتحرك بشكل كبير من خلال مبعوثيها وقوات "أفريكوم"، لذا فإن أمريكا ترى في ليبيا أهمية عظمى".
وأوضح أن "هذا التواجد يأتي من أجل المحافظة على مصالحها، كما أن قوات "الأفريكوم" تريد أن تنفرد بالنفوذ في ليبيا من خلال دورها الفاعل فيها".
وأكد أحميد أن "هذه المساعي لم تثمر عن شيء حتى الآن، إذ يعتقد بأنها ترى في تواجد أي حليف آخر يشكل خطرا يهدد مصالحها، لذلك سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعطيل انتخابات 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021".
ويرى أنها "لم تكن جادة في حل الأزمة الليبية، على الرغم من التصريحات المتكررة والزيارات التي يقوم بها المسؤولون الأمريكيون، لذلك فهي تريد أن يبقي هذا الوضع على ماهو عليه، وذلك لأن مصالحها لا تزال مستمرة في ليبيا".
مناقشة