عضو الفريق الفلسطيني بالعدل الدولية لـ"سبوتنيك": المدعي العام منحاز وأمريكا تؤثر على قرارات المحكمة

توقعت السفيرة المصرية، نميرة نجم، عضو الفريق القانوني لفلسطين في محكمة العدل الدولية، أن "تصدر محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة جديدة تتعلق بضرورة حماية المدنيين في رفح، مع قرب الاقتحام الإسرائيلي لها، وفي خضم استمرار حملة الإبادة الجماعية ونزيف الدم الفلسطيني المستمر".
Sputnik
وأكدت أن "واشنطن التي لا تملك عضوية بمحكمة الجنائية الدولية، تؤثر بشكل كبير من خلف الستار على القرارات التي تتخذها، ما يشير إلى سياسة الكيل بمكيالين، وهو أمر يجب التوقف عنه في القضاء الدولي"، مشيرة إلى أن "المدعي العام للمحكمة متحيز ويجب عزله من منصبه".
وأضافت نجم، في مقابلة مع "سبوتنيك"، أن "المحكمة الجنائية الدولية تملك الولاية القانونية لإصدار قرارات توقيف واعتقال قادة الحرب في إسرائيل، لكن على الجانب السياسي، هناك ضغوط إسرائيلية وأمريكية تمارس على قضاة المحكمة وتهددهم بعائلاتهم لعدم اتخاذ هذا الإجراء".
بلينكن: إسرائيل تصرفت أحيانا بطريقة لا تتسق مع القانون الإنساني الدولي في غزة
بداية.. حدثينا عن ما وصلت إليه التحقيقات في الدعاوى القضائية التي تتعلق بفلسطين بالمحاكم الدولية؟
حاليا هناك 3 دعاوى أمام محكمة العدل الدولية، الأولى تتعلق بالرأي الاستشاري لمدى مشروعية الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وانتهت فيها المرافعات المكتوبة والشفوية، ونحن بانتظار الرأي الاستشاري من المحكمة ونأمل أن يصدر قبل الإجازة الصيفية.
الدعوى الثانية خاصة بجنوب أفريقيا ضد إسرائيل فيما يتعلق بالإبادة الجماعية والتي طالبت عدد من الدول التدخل فيها، وقد صدر فيها 3 أوامر بتدابير مؤقتة، لكن بسبب احتمالية العدوان على غزة، طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة إصدار تدابير مؤقتة جديدة ضد إسرائيل حتى يتم حماية المدنيين في غزة، من الإبادة الجماعية.
الدعوى الثالثة هي المرفوعة من نيكارغوا ضد ألمانيا، لوقف التمويل وإمداد إسرائيل بالسلاح، ولم يخرج قرار المحكمة بتدابير مؤقتة جديدة، لكنه ذكر الحكومة الألمانية بالتزاماتها في إطار اتفاقية الإبادة الجماعية.
على الجانب الآخر، في المحكمة الجنائية الدولية هناك حراك كبير من الدول والمنظمات الحقوقية، التي طلبت من المدعي العام التحرك في التحقيق بما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في غزة، بما في ذلك دولة فلسطين التي بدأت في هذا الحراك منذ عام 2014، لكن حتى الآن لم يتخذ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أي خطوة للأمام في إصدار أوامر توقيف أو التحقيق الفعلي في الجرائم، التي تحدث في قطاع غزة.
ولماذا برأيك لم يتحرك المدعي العام حتى الآن رغم تفاقم الأوضاع في غزة؟
بلا شك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أثبت بالقول والفعل أنه ليس محايدا في هذه الدعوى، هو حتى الآن وبعد 7 أشهر من العدوان على قطاع غزة، وما نراه من شواهد وقرائن ووقوع جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، لم يحرك ساكنًا حتى الآن، ولذلك منذ تعيينه كممثل للمملكة المتحدة في المحكمة، أوقف التحقيقات في أفغانستان، ولا يتخذ أي إجراء في فلسطين المحتلة، وما يحدث من جرائم، لذلك نشكك في نزاهته ونطالب بعزله من قبل الدول الداعمة للفلسطينيين من أعضاء المحكمة.
خبير في الشأن الإسرائيلي: نوايا واشنطن من الرصيف البحري في غزة مشكوك بأمرها
مع المطالب المتكررة.. إلى أي مدى تتوقعين تدخل المحكمة الدولية لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة؟
أقل ما يمكن أن تصدره المحكمة، سيكون التأكيد على التدابير التي صدرت ضد إسرائيل حتى الآن، منذ بداية الدعوى، لكن من المتوقع أن يتم اتخاذ تدابير جديدة بضرورة حماية المدنيين في رفح، خاصة أن جميع التقارير، وليست الإعلامية فقط بل الأممية، تؤكد أن ما يحدث بغزة الآن وخاصة في رفح، يبشر بمجاعة وإبادة جماعية وكوارث أكبر بكثير مما يحدث الآن من نزيف دم مستمر في قطاع غزة، بالتالي نتوقع أن تخرج المحكمة بإجراءات جديدة لحماية المدنيين في رفح، لكن حينما نتحدث عما تتخذه المحاكم الدولية أو المنظومة الأممية بأكملها، تضرب بها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية عرض الحائط حتى الآن.
انضمام بعض الدول العربية إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.. ما أهمية هذه الخطوة وما الذي يمكن أن تضيفه للقضية المرفوعة بالفعل؟
كل إضافة لهذه الدعوى تعد إضافة للقضية الفلسطينية، ولإدانة إسرائيل لرفض الوضع القائم على الأرض، الإشكالية أن انضمام هذه الدول لها مغزى سياسي قبل أن يكون قانوني، وهو الدعم الكامل للفلسطينيين في قطاع غزة، ومحاولة وقف العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية في القطاع، لكن مع استمرار التمويل والدعم غير المسبوق وليس له سقف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الحرب في غزة، لن تتوقف الحرب والعدوان.
في ظل التقارير المنتشرة.. إلى أي مدى يمكن للمحكمة الدولية إصدار أوامر قبض وتوقيف لقادة إسرائيل في مقدمتهم بنيامين نتنياهو بسبب الجرائم في غزة؟
من الجانب القانوني، المحكمة لديها ولاية قانونية ويمكن أن تصدر هذا القرار باعتبارها جهة دولية مستقلة، لكن في الإطار السياسي والوضع الراهن، مجرد أن المدعي العام للمحكمة أشار إلى أنه يملك ولاية قانونية وقضائية في التحقيق بأي جرائم تقع في غزة أو الأراضي الفلسطينية في الضفة، صدر عدد كبير من التصريحات والتهديدات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومسؤوليها، ومن قبل المسؤولين الإسرائيليين ضد قضاة المحكمة، حيث تهددهم بشخصهم وعائلاتهم، وأنهم سوف يتخذون إجراءات ضدهم.
وهناك مشروع قانون أمام الكونغرس الأمريكي ضد المحكمة الجنائية الدولية، إذا ما أصدرت أمر توقيف، أو اتخذت أي قرار ضد المسؤولين الإسرائيليين.
خلال يوم واحد.. الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير أكثر من 150 هدفا في غزة
وكيف ترين هذا التدخل الأمريكي؟
على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست عضوا في المحكمة، إلا أنها من وراء الستار تؤثر بشكل كبير جدا على القرارات التي تتخذها المحكمة، وهو أمر يجب التوقف عنه فيما يتعلق بالقضاء الدولي، لأننا الآن أمام كيل بمكيالين واضح، والكثير من التقارير والمقالات الأكاديمية التي تصدر من قبل القانونين حول العالم تشير إلى سياسة الكيل بمكيالين، واستهداف عدد بعينه من المسؤولين في قضايا بعينها دون غيرها من القضايا، خاصة فيما يتعلق بإسرائيل.
حينما يأتي الأمر على إسرائيل تتخوف المحكمة من اتخاذ أي إجراءات على الرغم من أن لديها الولاية القضائية، ولكن حتى بدون أدلة كافية تحركت في قضايا أخرى ضد مسؤولين أفارقة وحول العالم، وهو أمر يجب إعادة النظر فيه من قبل أعضاء المحكمة نفسها.
قرار الجمعية العامة بشأن أحقية فلسطين في العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.. ما دلالات هذه الخطوة رغم الـ"فيتو" الأمريكي الأخير؟
من الناحية السياسية يتضح أن غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يدعمون القضية الفلسطينية، ويدعمون التحرك الفلسطيني وأحقيتها في العضوية الكاملة، وصدر القرار بأغلبية 143 صوتا من واقع 193 صوتا داخل الجمعية العامة، وهو أمر له مدلول سياسي كبير، وبلا شك من الناحية القانونية أعطى لفلسطين كدولة مراقبة المزيد من الحقوق داخل الجمعية العامة وإن لم تصل لحق العضوية الكاملة.
وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة الأمريكية، للأسف جاء ممثل واشنطن في الجمعية العامة، وقال إن أمريكا موقفها ثابت من الموضوع وأنه إذا تم عرض الأمر مجددًا على مجلس الأمن سوف تصوت مرة أخرى بالفيتو، وهو ما يرتبط بالدعم الأمريكي الكامل لإسرائيل في هذه الحرب، لا يمكن أن ننظر للحرب في غزة على أنها إبادة جماعية من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين بمفردها، لكن إسرائيل لا تستطيع الاستمرار في هذه الحرب بدون الدعم الكامل من واشنطن، وهو دعم قانوني وسياسي في المحافل الدولية، وقبول أمور لم يسبق قبولها من أي دولة أخرى، وكذلك فيما يتعلق بالتمويل بالمال والسلاح.
وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة: الجنود يقاتلون في غزة وحكومة نتنياهو تهرب
لكن أمريكا أعلنت أنها لن ترسل شحنات أسلحة لإسرائيل لاقتحام رفح؟
الشركات الخاصة الأمريكية تبيع الآن أسلحة بمليارات الدولارات للحكومة الأمريكية، وهي نفس الشركات التي من المتوقع أن تقوم بتمويل الحملات الانتخابية للحزبين الديمقراطي والجمهوري داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي تؤثر على صانعي القرار هناك.
لا يمكن أن ننظر فقط للوضع الراهن ورفض أمريكا لحصول فلسطين على العضوية الكاملة، بشكل منفصل عن المشهد بأكمله، والذي يشير إلى أن الحرب مستمرة، طالما تمويل السلاح الأمريكي مستمر، كما أن المال الذي يذهب من الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل لدعم العمليات العسكرية والجيش الإسرائيلي يدخل في تمويل حتى المرتبات التي تُدفع لعساكر الاحتياط الذين تم استدعائهم للخدمة العسكرية من أجل الحرب على غزة.
كل هذا يأتي بتمويل أمريكي مباشر، وحتى الآن التصريحات التي تخرج عن واشنطن عن التهدئة يبدو أنها تنظر فقط لخدمة الداخل الأمريكي والحد من التظاهرات، وليس لها أي مدلول واقعي على الأرض ولا تتبعها إجراءات تنفيذية، هم يتحدثون عن وقف إطلاق النار ويمدون إسرائيل بالسلاح، وهناك قرارات من المتوقع أن تصدر والذي يشير إلى وقف أمريكا مد إسرائيل بالأسلحة، لكنه لا يعني أن واشنطن سوف تتوقف، وخرجت تصريحات واضحة بأن أمريكا سوف تستمر في مد إسرائيل بالسلاح والمال للاستمرار في هذه الحرب.
هل شكلت التحركات القانونية الدولية لفلسطين في المحافل والمحاكم فارقًا في خطوات حصول فلسطين على حقوقها؟
بالطبع، التحركات في كافة المحافل الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو المحاكم الدولية يدعم الحراك الفلسطيني، والقضية من ناحية سياسية وقانونية، وكذلك أدت الحرب بكل الأضرار التي لحقت بالمدنيين والخراب في غزة، يمكن القول إنه بدأ يحدث نوعا من التوعية في القواعد الحزبية الشبابية حول العالم.
التحركات التي نراها حول العالم، مصدرها معلومات جديدة وتوعية جديدة تؤثر بلا شك على طريقة تفكير الشباب حول العالم، خاصة من اليهود في أمريكا وأوروبا الغربية، بدأوا يروا أن هناك إبادة جماعية ولا يريد عدد كبير من اليهود حول العالم أن يرتبط اسمهم بالانخراط في إبادة جماعية بسبب تصرفات حكومة بنيامين نتنياهو، هذا الحراك الفلسطيني ودعمه من كافة الدول سواء داخل الأمم المتحدة أو بالمحاكم الدولية، يحدث ويدعم القضية، وسيكون له آثر كبير في دعم القضية الفلسطينية حال العودة لطاولة التفاوض.
أجرى المقابلة: وائل مجدي
مناقشة