وتستمر المعارك العنيفة في الفاشر منذ نحو أسبوع، حيث شهدت شوارع المدينة وعدد من مناطقها اشتباكات دامية أدت إلى سقوط العشرات من القتلى.
وتبادل طرفا القتال الادعاء بإحراز تقدم في عدد من أجزاء المدينة، ونشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو تظهر جنودا تابعين لها داخل محطة الكهرباء الرئيسية، في حين قالت قوات الجيش والحركات المسلحة إنها تمكنت من صد هجمات الدعم السريع.
ومع تفاقم القتال، تتدهور الأوضاع الإنسانية في المدينة، التي تأوي أكثر من مليون ونصف من السكان والنازحين، وسط مخاوف من نقص حاد في الغذاء والخدمات الصحية.
ويتبادل الطرفان مسؤولية الأزمة الطاحنة التي تواجهها المدينة.
ويتهم الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه "الدعم السريع" بقطع جميع خطوط وطرق الإمداد عن الفاشر والتسبب في الشح الكبير في المياه والغذاء والدواء والوقود في المدينة، لكن قوات الدعم السريع وصفت تلك الاتهامات بالمضللة، وأكدت حرصها على حماية المدنيين.
في الوقت نفسه أجرى المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، اتصالين مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كما أجرى اتصال بقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، تطرق خلالهما إلى قضايا حقوق الإنسان في السودان.
وقال إعلام مجلس السيادة إن البرهان أكد خلال الاتصال الهاتفي، التزام حكومة السودان بقضايا حقوق الإنسان وحرصها على صون هذه الحقوق، انطلاقا من القيم النبيلة والموروثات الكريمة التي يتمتع بها الشعب السوداني إلى جانب الالتزام بكافة المواثيق والعهود الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان.
وأوضح رئيس مجلس السيادة أن القوات المسلحة السودانية تعمل باحترافية ومهنية خالصة وتستند على قوانين راسخة تتسق مع الأعراف والمواثيق الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان وتعمل على حماية المدنيين.
وأكد رئيس مجلس السيادة استعداد السودان للتعاون مع المفوضية والترحيب بزيارة الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان.
من جانبه قال دقلو الشهير بـ"حميدتي"، إنه ناقش مع المسئول الأممي الأوضاع الراهنة في السودان والظروف التي تواجه المدنيين وتوفير الحماية لهم، إلى جانب توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
وأضاف حميدتي في تغريدة عبر حسابه الرسمي بمنصة "إكس": "أكدت للسيد تورك احترام والتزام قوات الدعم السريع بتعهداتها بموجب قواعد ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومراعاة الاحتياجات الإنسانية وحماية المدنيين، والتعاون الكامل مع المنظمات الإنسانية العاملة لتوصيل المساعدات للمدنيين في جميع مناطق السودان".
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع دعاة سلام، ولم تشعل الحرب، ولا ترغب في استمرارها أو توسعتها، وأن السلام يحتاج إلى إرادة حقيقية، وهي ليست متوفرة لدى الطرف الآخر".
ولم تفلح حتى الآن جميع المساعي الدولية في حث الفرقاء على التفاوض بشكل مباشر من أجل الوصول لحل سياسي يعيد السودان إلى مساره الديمقراطي ويوقف الحرب على الرغم من المفاوضات التي جرت في مارس 2023 في جدة، وأدت إلى وضع إعلان مشترك وافق عليه الفرقاء المتحاربون من أجل وقف النار وإدخال المساعدات، والانسحاب من بعض المواقع الاستشفائية وغيرها.
إلا أن شيئاً من تلك التعهدات لم يحصل بشكل تام لاحقاً، واستمرت المواجهات بين القوتين العسكريتين ولا تزال حتى الساعة.
في حديثه لـ"لقاء سبوتنيك"، قال رئيس تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني، الفريق عثمان باونين، إن الرؤية التي يحملها التحالف "وطنية قومية تنادي بمطالب الشعب ووحدة الأراضي".
وأوضح أن التحالف لم يكن ضمن الموقعين على اتفاق جوبا في 2020 نظرا لوجود بعض الملاحظات على الاتفاق، موضحا أن "نفس الملاحظات والمخاوف التي حذرنا منها حدثت اليوم على أرض الواقع"، مبينا أنهم كانوا ينادون بحل المشكلة السودانية من جذورها، فترحيل المشكلة من موقع إلى آخر أدى إلى اندلاع الحرب والأزمة التي تعيشها البلاد.
وأكد أن تحالف قوى الخلاص الوطني يدعم القوات المسلحة السودانية منذ اندلاع الحرب، مضيفا: ناشدنا القوات المسلحة بالسماح لنا بفتح المعسكرات وتجميع قوات الخلاص الوطني وبقية الحركات الأخرى، لكن تم رفض هذا الرأي من قبل قيادات القوات المسلحة، ثم طرحنا بعد ذلك رؤية المشاركة الشعبية للقوات المسلحة (المقاومة الشعبية)، لكن تم استبدال تلك الرؤية برؤية أخرى.
وطالب باونين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، بإصلاح الاختلالات الهيكلية في الدولة، مبينًا أن هناك اختلالات كبيرة في تركيبة الدولة، كما طالب رسميا بأن يتم إعلان الحكم الفيدرالي.