النازح جهاد أبو جمل، عاد إلى منزله في منطقة الشرقية في خان يونس، ووجده مدمرا بالكامل، ذلك البيت الذي يختزل في كل زاوية من زواياه ذكرى تأبى النسيان، فقد شيده مع والده على مدار 15 عاما، ولكنه يرفض فكرة الابتعاد عنه مرة أخرى، فقام بأدوات بسيطة في بناء خيمة بجانب بيته المدمر.
خيمة فوق الركام
ويقول جهاد لوكالة "سبوتنيك": "عندما بدأ القصف على رفح، حملنا ما نستطيع حمله، وغادرنا تحت القصف الكثيف، وعدنا إلى منطقة الشرقية في خان يونس، وكما ترى بيتي مدمر بالكامل، وحاولت أن استخرج منه أي شيء فيه فائدة، فوجدت بعض الأخشاب، ومطرقة، ومسامير، واستخدمتهم في بناء خيمة، أعيش فيها أنا وزوجتي وأطفالي، كي نبقى بجانب بيتنا المدمر".
ويضيف: "نعيش في الخيمة لأن الاحتلال هدم بيتي، وبعد نزوحنا أكثر من مرة خلال الحرب، قررت عدم المغادرة والبقاء بجانب بيتي المدمر، ولو كلفنا حياتنا، فقد نزحنا إلى مناطق كثيرة، ولم يبق مكان نذهب إليه، وعشنا ظروفا مأساوية، لقد واجهنا ما يصعب وصفه من الدمار والقتل والتشريد والمعاناة، ولم يبقى سوى أن يخرجونا من قطاع غزة، وهذا ما نرفضه، وسنبقى فوق أرضنا، وأتمنى أن تتوقف الحرب فلقد تعبنا من كل شيء، ولم يبقى شيء في قطاع غزة نبكي عليه".
ويعاني جهاد كغيره من عدم توفر كل الخدمات بعد تدمير الحي بالجرافات الإسرائيلية والقصف الكثيف، وأكثر ما يسعى إليه في ظل هذه الظروف تأمين الطعام والماء لعائلته، وعلى بعد عشرات الأمتار من خيمة جهاد، يحاول النازح رامي أبو عاصي البحث في ركام منزله المدمر عله يجد ما يساعده في تثبيت خيمته، التي بناها بجوار منزله المهدم.
ويقول رامي لـ "سبوتنيك": "بعد وصول القصف إلى منطقة الشرقية في خان يونس، نزحنا إلى منطقة المواصي، ثم نزحنا إلى رفح، وهناك بقينا قرابة 3 أشهر، وكانت ظروفنا صعبة للغاية، ومع وصول القصف إلى مناطق رفح، اضطررنا إلى النزوح مرة جديدة، وعدنا إلى الشرقية مرة أخرى".
فلسطينيون يبنون خيامهم على أنقاض منازلهم في خان يونس بعد نزوح عكسي من رفح
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف رامي بالقول: "كل شيء هنا مدمر، ولا يوجد ما يؤوينا غير الخيمة، ولا يوجد مياه ولا طعام ولا حتى مراحيض، ولكنا نريد أن نبقى هنا، على الأقل نحن بجوار بيتنا، ونعيش في خطر وخوف مستمر، ونشعر أن القصف سيعود مرة أخرى إلى هنا، أو نستفيق في يوم لنجد جيش الاحتلال في الخيمة".
واستطاع بعض العائدين إلى مناطقهم، إيجاد جزء من بيوتهم لم يطاله الدمار، فمكثوا فيه، وأغلقوا الفتحات الموجودة في الجدران بواسطة الأقمشة، ويشعر النازحون العائدون إلى منازلهم المدمرة، بأن ركامها والحطام يحرسهم أو هكذا يأملون، فعادة لا تستهدف الصواريخ والقنابل مباني مرة أخرى بعدما سويت بالأرض، لذا ينصبون بين الدمار خيما يلملمون فيها جراحهم ويحلمون بفرج قريب.
فلسطينيون يبنون خيامهم على أنقاض منازلهم في خان يونس بعد نزوح عكسي من رفح
© Sputnik . Ajwad Jradat
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن أكثر من 630 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، منذ تكثيف الهجوم العسكري الإسرائيلي بالمدينة، وأوضحت الوكالة "أن غالبية السكان الذين نزحوا قسرا من رفح توجهوا إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، مبينةً أن الأخيرة أصبحت مكتظة بشكل لا يطاق وتعاني من ظروف مزرية.
وفي 6 أيار/ مايو الجاري، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في رفح، وسيطر على الجانب الفلسطيني من معبرها، وكان يتواجد في المدينة نحو 1.4 مليون نازح، سبق أن دفعهم الجيش الإسرائيلي للنزوح إليها قسرا.
فلسطينيون يبنون خيامهم على أنقاض منازلهم في خان يونس بعد نزوح عكسي من رفح
© Sputnik . ajwad
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة لليوم الـ 227 على التوالي، وارتفعت حصيلة القتلى في القطاع إلى 35,456، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وحصيلة الإصابات ارتفعت إلى 79,476، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول، شنّ مقاتلون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم "حماس"، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.