عبد الرزاق قناعة... يشتري الأمل بالصبر وبيع الكوفيات الشعبية تحت أسوار قلعة حلب... صور وفيديو

في سوق "العبي" المتاخم للأسوار الغربية لقلعة حلب التاريخية، ووسط ركام وأنقاض حرب إرهابية اجتاحت الأسواق القديمة المصنفة على لائحة "اليونسكو" للتراث العالمي، يواظب عبد الرزاق قناعة على افتتاح متجره الصغير وحيداً في محيط مقفر من المتاجر.
Sputnik
خلال مسيرته الصباحية سيرا على الأقدام، يعانق قناعة تلك الذكريات النديّة من الزمن الجميل ما قبل الحرب، يعتصرها بين ذارعيه بقوة، ويلتقط شذراتها من ركام الحجارة المنسية لئلا تنسال من جعبته العاطفية كملح في بحر من الآلام التي ارتفعت تلالها بعدما ضرب الحصار الأمريكي طوقا محكما على رزقه.
"المحل من رائحة أبي وجدي، عملت فيه منذ 38 عاماً، لذا، حينما تحررت مدينة حلب من الإرهاب، عدت فوراً ورممت المحل وفتحته مع أنه لا يوجد كهرباء ولا زبائن كالمعتاد"، هكذا يفسر التاجر قناعة لـ"سبوتنيك" أسباب إصراره الفريد على عرض بضاعته وافتتاح محله يوميا كما في غابر الأيام، فيما المحال الـ 72 الأخرى في سوق (العبي) لا تزال ترزح تحت الدمار.
يقول قناعة: "غايتي إشاعة بارقة أمل لكل من يمر في سوق (العبي) بأن حلب القديمة ستعود، وستعتلي موقعها ما قبل الحرب كمركز تجاري وتراثي، والتأكيد على أن أهل حلب قادرون على الإنتاج والعمل رغم الحرب والحصار الأمريكي وما ساقته من صعوبات معيشية وتراجع قدرة أهالي الريف الذين يشكون السواد الأعظم من زبائننا على شراء احتياجاتهم من الألبسة".
عبد الرزاق قناعة.. يشتري الأمل بالصبر وبيع الكوفيات الشعبية تحت أسوار قلعة حلب
قولا وفعلا، يبرهن التاجر قناعة كيف أن مدينته تستطيع أن تنتش كحبة قمح من بين تل أحجار مرمية على قارعة التاريخ، متكئة في ذلك على رغبة سرمدية مخبأة في جذورها الكامنة العصية على الاقتلاع.
عبد الرزاق قناعة.. يشتري الأمل بالصبر وبيع الكوفيات الشعبية تحت أسوار قلعة حلب
يتموضع سوق "العبي" بين سوق "العطارين" الذي دمرته الهجمات الإرهابية بالكامل، وبين سوق الزرب القريب من قلعة حلب، ويختص مع سوقي "الزرب وخيري بيك" ببيع الألبسة والأزياء الشعبية (الكوفيات والعبي) لأهالي الريف، ممن كانوا يقصدون هذه الأسواق لشراء احتياجاتهم الشخصية أو استجرار بضاعة لبيعها في محالهم التجارية ضمن قراهم.
عبد الرزاق قناعة.. يشتري الأمل بالصبر وبيع الكوفيات الشعبية تحت أسوار قلعة حلب
يطالب التاجر قناعة حكومة بلاده عبر "سبوتنيك" بالإسراع في ترميم سوقي "العبي" و"الزرب" من دون انتظار الانتهاء من ترميم بقية الأسواق الموجودة على المحور ذاته، فهذان السوقان قريبان من قلعة حلب، ويسهمان في تنشيط الحركة السياحية والتجارية في هذه المنطقة، وفق اعتقاده.
ودعا قناعة جيرانه من تجار السوق، ممن يستأجرون محال في أسواق حلب الحديث بأرقام خيالية، للعودة إلى افتتاح محالهم والمساهمة مع الحكومة السورية في ترميم السوق وعودته إلى نشاطه التجاري القديم.
عبد الرزاق قناعة.. يشتري الأمل بالصبر وبيع الكوفيات الشعبية تحت أسوار قلعة حلب
ويرى التاجر قناعة أن أهالي مدينة حلب لا يحركون البيع في سوق العبي، فزبائنه الأساسيين من أرياف حلب الشرقية والشمالية وصولاً إلى مدينة القامشلي وحتى مدينة "الموصل" العراقية، حيث كان الريفيون يقصدون هذا السوق لشراء احتياجاتهم من الألبسة، كما يؤمن البضائع اللازمة لتجار هذه المناطق، ممن كانوا يشترون كميات كبيرة منه بالجملة، وكذلك الحال بالنسبة لتجار المحافظات الأخرى والدول المجاورة، وتحديداً العراق.
عبد الرزاق قناعة.. يشتري الأمل بالصبر وبيع الكوفيات الشعبية تحت أسوار قلعة حلب
رغم كل الضغوط التي تعيشها عاصمة سوريا الاقتصادية، حلب، وتدهور قدرة الزبائن الشرائية، يبدي التاجر قناعة تفاؤله مع ابتسامة لا تفارق وجهه، مفعما بالإيمان بأن أسواق حلب القديمة، وليس سوق "العبي" فقط، ستعود إلى موقعها الطبيعي كمركز تجاري واقتصادي، فحلب على مر العصور تعرضت إلى حروب وكوارث لا تعد ولا تحصى، إلا أنها ما فتئت تعود أقوى، بإصرار أهلها على الإنتاج.
مناقشة