وقال خبيران إن ارتفاع الخطاب المعادي ضد النازحين السوريين، يأتي في ظل التعاطي الدولي مع هذه القضية، لا سيما من قبل دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا التي تتحدث عن مشروعات توطين وتقسيم لبنان، مؤكدين أن الحل الوحيد يكمن في مؤتمر دولي لوضع حل جذري للأزمة.
وكان وزير المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين، قد أكد أن "الوعود الأوروبية فيما يتعلق بملف النازحين السوريين في لبنان هي وعود غير موثوقة".
وحمّل في حديث سابق مع "سبوتنيك"، "مسؤولية ما آلت إليه الأمور في هذا الملف إلى الحصار الغربي "الجائر" على سوريا"، مبيّنًا أن "هذا الحصار يستهدف السوريين بذريعة غياب الديمقراطية في بلادهم، وهذه ذريعة غير واقعية، لذلك نطالب بفتح البحر بطرق شرعية أمام النازحين وتوزيعهم بشكل عادل في دول العالم، كما نطالب بتعويضات عادلة لا سيما أن لبنان تحمّل أعباء هائلة على مدار 13 عاما".
وحول أهمية تشكيل لجنة ثلاثية لحل هذا الملف، قال شرف الدين: "لبنان طالب بهذا الأمر وسوريا وافقت عليه، إنما المعرقل الوحيد هي "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، والغربيون يعملون على أساس أنهم أوصياء على بيروت ودمشق، وهذه التصرفات مدانة".
غطاء أمريكي أوروبي
اعتبر المحلل السياسي اللبناني، ميخائيل عوض، أن من يطلق التصريحات النارية والتصرفات غير الإنسانية والاعتداء على الأبرياء العزل من الذين غرر بهم واستدعوا لإغراءات للبنان في حالة اللجوء والنزوح، هم أنفسهم ذات الجهات التي عملت على إقناعهم في محاولة للتجارة بهم بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي والأمريكي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه الأطراف استبقت الأزمة في سوريا وأقامت الدول المحيطة مخيمات للجوء، وقدمت إغراءات كثيرة وقال بعض الأطراف السياسيين في لبنان إن النازحين السوريين لن يعودوا إلى سوريا، وهم أنفسهم الآن يسعرون العداء العنصري للسوري، ويوفرون بيئات ويزجون بعناصر منفلتة من عقالها للاعتداء على المواطنين السوريين النازحين واللاجئين في لبنان.
ويرى أن هناك متاجرة بقضية اللاجئين السوريين في لبنان، وهؤلاء يحققون غايتهم وأرباحا مالية وسياسية ثم ينقلبون على الناس الأبرياء، الذين يستخدمون كوقود لمشاريع سياسية.
مشاريع غربية
بدوره اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن نبرة العداء التي بدأت تظهر من بعض السياسيين اللبنانيين ضد النازحين السوريين، صادرة من نفس الأشخاص الذين كانوا ويرفضون تطبيق القوانين لتنظيم هذا النزوح، ويرفضون إيجاد حل إنساني لهذا الأمر، ما يؤكد بأن هذه المسألة سياسية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "البعض منهم كان يعتبر أن دعم النازحين السوريين سيكون بوجه حزب الله والحكومة السورية، لكن عندما فشلت هذه الخطط والرهانات تحولوا إلى معاديين للوجود السوري، وأحيانا بتعبير عنصري لا إنساني"، مشددا على ضرورة أن يكون هناك تفاهم جدي لهذه الأزمة، مع عقد مؤتمر وطني لبحث الحلول العملية والجدية بعيدًا عن العنصرية والكراهية والعداء غير المبرر.
وأكد أن النازح السوري والمواطن اللبناني يدفعون ثمن المواقف والمخططات الغربية والتي تصرح بشكل واضح أنها مع دمج النازحين في لبنان، ما يعني عملية توطين، ورفضهم إعادتهم إلى بلادهم، حيث أبلغوا البطريرك الماروني أن هذه النقطة غير واردة على الأجندة الغربية سوى بحصول تسوية سياسية في سوريا.
ويرى أبو زيد أن المسؤولية الفعلية والمباشرة تتحملها الدوائر الأوروبية التي ترفض عودة النازحين، وترفض توفير مساعدات ودعم لهم في أرضهم وبلادهم، وتصر على إعطائهم كل هذه التسهيلات في لبنان، ما ينذر بأن هناك مشاريع في الخفاء لتقسيم لبنان، ودمج النازحين وتغيير الخرائط بشكل الأوسط، معتبرًا أنهم يستعملون ورقة النازحين ضمن هذه المخططات والأجندات التي تسيئ وتضر لبنان وسوريا معا.
وعبّر رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الجمعة، عن رفض بلاده لأي محاولة من أي جهة لفرض أي شكل من أشكال توطين اللاجئين الفلسطينيين، أو النازحين السوريين.
وقال: "ندعو الحكومة اللبنانية إلى الإسراع في فتح قنوات التواصل مع الحكومة السورية، وتشكيل لجان مشتركة تحقق العودة الآمنة للنازحين إلى وطنهم الأم"، وفقا للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.
ودعا بري المجتمع الدولي كذلك إلى "مقاربة ملف النزوح السوري مقاربة إنسانية، بعيدًا عن أي استثمار لأغراض تهدد وحدة وسيادة سوريا".
ويعاني لبنان من أزمة النزوح السوري منذ العام 2011، ويقدر الأمن العام اللبناني عدد السوريين المقيمين في لبنان بأكثر من مليوني لاجئ، معظمهم لا يملكون أوراقاً نظامية، في حين تظهر بيانات المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين أن المسجلين لديها يبلغون 840 ألف لاجئ، ويوجد نحو 3100 مخيم منتشرة على الأراضي اللبنانية، ومعظمها في البقاع والشمال.
وحسب البيانات الرسمية، بلغ عدد النازحين السوريين العائدين طوعاً إلى سوريا بنحو 50 ألف نازح، وذلك بعد استئناف عملية العودة التي كانت قد توقفت لمدة 3 سنوات نتيجة الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا.