تمثل أزمة الهجرة غير الشرعية أحد أبرز التحديات في منطقة شمال أفريقيا، في الوقت الراهن، في ظل انتشار التوترات والتغيرات المناخية، غير أن الاقتراحات الأوروبية، خلال السنوات الماضية، هدفت لتوطينهم في دول المعبر، أو إقامة مراكز إيواء تحول دون وصولهم إلى أوروبا، وهو ما رفضته الدول المغاربية.
في الآونة الأخيرة، اقترح رئيس الوزراء الفنلندي، بيتري أوربو، إرسال طالبي اللجوء والمهاجرين إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي، على غرار المغرب وألبانيا، لتتم دراسة طلباتهم هناك، وهي المقاربة ذاتها التي أقترحت أكثر من مرة على لسان عدد من المسؤولين الأوربيين.
وفي تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك"، أكد وزير الهجرة الليبي، فتحي التباوي، رفض بلاده القاطع أي محاولات لتوطين المهاجرين على الأراضي الليبية.
الأمر ذاته، أكده وزير الخارجية الليبي عبد الهادي الحويج، في تصريحات لمراسل "سبوتنيك"، حيث شدد على رفض المقاربة الأمنية الأوروبية، في معالجة الأزمة.
وفي أكثر من مناسبة حذر الرئيس التونسي، قيس سعيد، من سطوة ونفوذ الشبكات الدولية لتهريب البشر، بحسب قوله.
وقال الرئيس التونسي، في كلمة بمجلس الأمن القومي المخصص لمناقشة التدفق الكبير لمهاجري أفريقيا جنوب الصحراء على البلاد، في وقت سابق، إن "دوائر في الخارج تعمل على تهجير البؤساء والفقراء إلى تونس"، مشددا على أن تونس" ترفض أن تكون أرض عبور أو توطين".
من ناحيته، قال المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، إن "الاتحاد الأوروبي وواشنطن يجردان السلطة المكلفة من البرلمان من شرعيتها، ويساويان بينها وبين حكومة الدبيبة".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المبعوث الأممي الأخير عبد الله باتيلي، قال إن "الحكومتين تتمسكان بالسلطة عنوة، ما يوضح أن واشنطن وأوروبا لا يعتبران أن هناك سلطة أمر واقع، وهو أمر غير صحيح".
وأشار إلى أن "قدرة الجانب الليبي على مقاومة الهجرة غير الشرعية مشلولة، بسبب عدم اعتراف المجتمع الدولي بالجماعات غرب البلاد، ما يحول دون السيطرة على الحدود وفرض الأمن هناك".
ويرى عقيل أن "استعادة الدولة الليبية لسيادتها وهيبتها، عبر استعادة المؤسسة العسكرية تحت قيادة واحدة، يعد الخطوة الأولى ضد الكثير من الجرائم والمشاريع المريبة، التي يخطط لها الاتحاد الأوروبي وواشنطن في ليبيا".
وتابع عقيل، قائلا: "للأسف كل الخطوات التي يجب أن تتخذ بشأن ليبيا، تقرر عبر القوى الأجنبية، التي تدخلنا في النفق المظلم بشكل أكبر، إضافة للبعثة الأممية التي سيطرت عليها الولايات المتحدة بشكل كامل".
ولفت إلى أن "الدولة الليبية تواجه مخاطر كبيرة في ظل الانقسام الدولي، حول الوضع في ليبيا".
وأشار إلى أن "عمليات التوطين مستمرة في العاصمة الليبية، إذ وصلت أعداد المهاجرين إلى نحو 3 مليون مهاجر، وقد يسببون أزمة كبرى في المستقبل، في ظل وجود الكثير من المواليد بدون وثائق".
فيما يتعلق بالرفض الشعبي لتوطين الأجانب، يرى عقيل أن "الشارع لم ينتبه للخطر الحالي، خاصة أن الشارع اعتاد وجود الأجانب منذ فترة القذافي (معمر الرئيس الليبي السابق)، لذلك لم ينتبهوا للإشكاليات التي تترتب على وجودهم".
وبشأن الموقف المغربي، يقول الخبير المغربي والأكاديمي، محمد الطيار، إن "رئيس الوزراء الفنلندي (بيتري أوربو)، يأتي في إطار الحملات الانتخابية المتعلقة بفنلندا".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "الاقتراح ليس جديدا، حيث سبق واقترح الاتحاد الأوروبي إقامة منصات على أراضي الدول المغاربية لتجميع المهاجرين، وهو ما رفضه المغرب بشكل قاطع، كما الدول الأخرى".
ولفت إلى أن "الدول الغربية أصبحت تربط بين الهجرة والأمن والجريمة، أي أنها تنظر للهجرة بأنها تهديدا للأمن القومي لها".
وأشار إلى أن "أوروبا تنظر للمغرب على أنها دولة عازلة، ويمكنها أن تساعد في التصدي للمهاجرين قبل وصولهم لأوروبا، لكنها نظرة قاصرة، حيث يرى المغرب أن معالجة الأزمة يجب أن تكون في إطار شمولي ثلاثي، يشمل دول المصدر والمعبر والمقصد".
وشدد على أن "أوروبا لا تريد تحمل مسؤولياتها تجاه الأزمة، بل أنها تسعى لدفع الأزمة عن أراضيها، دون النظر في العواقب على الدول الأخرى أو معالجة الأمر بشكل شامل".