وبعد زيادة أعداد عمليات تهريب الوقود في البر والبحر والصحراء جنوبي ليبيا، حصل شاب ليبي على براءة اختراع من مركز البحوث الصناعية الليبي، كونه اخترع جهاز حماية إلكتروني يقضي على عمليات التهريب عن طريق التتبع والتدقيق في قيم الوقود وصولا لمراكز التوزيع عن طريق التتبع الإلكتروني.
حاورت "سبوتنيك" الشاب الليبي محمد عامر، مبتكر المنظومة التي سوف تسهم بشكل كبير في منع عمليات تهريب الوقود، في محاولة لوضع حل جذري ونهائي لمشكلة التهريب، التي تسببت في خسائر كبيرة للدولة الليبية.
بداية الفكرة
قال عامر: " جاءت هذه الفكرة بهدف حل أزمة التهريب، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد نقص الوقود، وما يتبعه من أزمة كبيرة تتأثر بها جميع المدن والمناطق في ليبيا، التي تشهد طوابير طويلة للحصول عليه".
وتابع: "عمليات التهريب عبر الصحراء وفي عرض البحر لا تخفى على أحد".
وأردف: "حاولت التركيز على حل المشكلة واتضح أن لا توجد حماية إلكترونية دقيقة، وتوصلت إلى حل نهائي يحد من مسألة التهريب".
طريقة عمل الجهاز
أوضح عامر أن "الجهاز يعمل بحماية ومراقبة إلكترونية، وكانت البداية من المستودعات والأرصفة النفطية، بوضع عداد إلكتروني على الصمام يقوم بحساب عدد اللترات التي تصل للمستودعات القادمة عن طريق الأرصفة النفطية، ويقوم برصد الكمية الداخلية، برقم مرجعي يمكن الاستناد إليه".
وقام المخترع الليبي بعمل حماية ومراقبة إلكترونية لشاحنات نقل الوقود، التي تعتبر أكثر نقاط التهريب، حيثُ زودت الشاحنة بصمام إلكتروني لا يمكن فتحه إلا عن طريق غرفة التحكم، في المكان المعتمد للتفريغ في المحطة الأرضية، ومنها يمكن حساب كمية الوقود التي سوف يتم إفراغها في محطة التوزيع عن طريق عدادات وإرسالها كقيمة قراءة لغرفة التحكم وفي المكان المحدد من قبل شركة التوزيع، ومن هنا لا يمكن التلاعب بالقيمة أو تهريب الشاحنة أو تغيير خط سيرها.
وأردف: "وبعد ذلك مرحلة مضخة الوقود تم وضع جهاز حماية وقارئ إلكتروني في مسدس محطات التوزيع، بحيث يقوم بقراءة بيانات السيارة بمجرد وضع المسدس في خزان السيارة، وكم هي القيمة المستحقة التي تحتاجها، ومن هنا تم اغلاق جميع ثغرات التهريب".
أهمية الجهاز
وصف محمد عامر، أهمية الجهاز بأنها استراتيجية تقوم بخدمة ليبيا ودول الجوار التي تعاني من عمليات تهريب الوقود، التي أثرت بشكل كبير على ليبيا ودول الجوار، وقال إذا تم القضاء على هذه المشكلة سوف يتم القضاء على 70 في المئة من المشكلة التي تواجهها ليبيا.
ويأمل عامر أن يتبنى المسؤولون بقطاع النفط من الحكومة وشركات التسويق تبني هذا المشروع بشكل عاجل لأنه سوف يسهم في عملية استقرار البلاد بنسبة كبيرة جدا.
وشارك عامر في معرض ليبيا للمشروعات الصغرى برعاية المؤسسة الوطنية للنفط، وتم توثيق الجهاز ونشر فيديوهات للجهاز على مواقع التواصل الاجتماعي وحظي بانتشار واسع وحقق ملايين المشاهدات، وحاول نقله للجهات المسؤولة، التي أثنت على الجهاز بدون دعم رسمي، حتى تم التواصل مع إحدى الشركات النفطية التي تبنت الجهاز، وحاولت التواصل مع شركة البريقة لتسويق النفط والغاز.
محاولات دولية
سافر محمد عامر، للصين وتوصل إلى حل حول تصنيع الجزء الأول كتجربة في دولة الصين، وأحضر المعدات وتم تركيبهم في محطات الضخ، وسيارة للتوزيع كاختبار أولي، وسيتم عمل تجربة خلال اليومين القادمين تهدف لمراقبة كاملة لعمل الجهاز وفاعليته، طالب متمنيا أن يتم دعم المشروع بالشكل المطلوب من قبل مؤسسات الدولة وكل الجهات المعنية.
ردود فعل
بعد ذلك تم استدعاؤه من قبل المؤسسة الوطنية للنفط وإحالته لشركة البريقة المختصة في تسويق وتوزيع الوقود والغاز، واعجبت البريقة بهذا المشروع، بالإضافة إلى توصيات مكتب النائب العام الذي ثمن هذه الجهود، وديوان المحاسبة، الذي كثف اجتماعاته بهذا الخصوص، بالإضافة إلى الكثير من الجهات المعنية بوزارة الداخلية وغيرها أصبحت داعمة للمشروع.
ويسعى محمد عامر لتحقيق أهداف الجهاز، وأشار بأن عدد المحطات أكثر من 480 محطة على الأرض، بالإضافة إلى 90 % من محطات المناطق النائية مغلقة بالكامل حسب تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى تقرير ديوان المحاسبة 2021 الذي جاء فيه أن مشاكل التهريب قيمتها بلغت 2.5 مليار دولار وهذا رقم كبير، تضاعف في عام 2023.
وأضاف: "يتم العمل للقضاء على عمليات تهريب البنزين بنسبة 95 % وتتمثل قيمة الـ 5 % الباقية كشوائب مصاحبة، ولكن سيتم القضاء على عمليات التهريب بشكل كبير".
وأكد عامر أن الطموح موجودة والعمل يمضي بشكل متوازي في هذا المشروع، بالإضافة لمشاريع مماثلة أخرى، مشيرا إلى أنه يأمل أن يكون هناك سرعة في الدعم حتى يتم الانتهاء من هذا المشروع والالتفات لمشاريع أخرى.
وترك عامر جميع أعماله من أجل إنجاح هذا المشروع الذي يخدم المواطن البسيط، لأن مشاكل التهريب حرمت الجميع من حقوقهم، ولذلك طالب بضرورة وقوف المواطنين معه لإتمام نجاح هذا المشروع.
مهرجان الشباب في سوتشي
وعن مشاركته في مهرجان الشباب العالمي في سوتشي الروسية، قال المخترع الليبي محمد عامر، إن المشاركة كانت ممتازة، حيث كانت لديه رسالة حاول إيصالها في هذا المهرجان لكونه ضم عدد كبير من الدول المشاركة، حيثُ بلغت عدد الدول 185 دولة على مستوى العالم، وكان فحوى رسالته بأن الشباب الليبي منفتح على العالم، وقادرون على حل أزمتهم بأنفسهم، ويريدون التواصل مع العالم بلغة الند للند، وأن الشباب الليبي قادرون على الابتكار والاختراع.
وتم استعراض الجهاز الذي اخترعه ومنظومته الإلكترونية في معرض مصاحب لفعاليات المهرجان انبهر الجميع من هذا الاكتشاف، واعجبوا بمجهوده ومشاركته، ووصلت رسالته لجميع الشباب الحضور في المهرجان، وقال إن روسيا كانت دولة جميلة وتقدم بجزيل الشكر لروسيا وللجان المشرفة والمنظمة للمهرجان على حفاوة الاستقبال والتنظيم الرائع.