تشير المؤشرات إلى أن ليبيا قد تتحول لملاذ آمن للهاربين من الحروب، أو الأحكام في بلدانهم، نظرا للمساحة الشاسعة والانقسام الحاصل، ووجود الآلاف في مدن ليبيا من المهاجرين دون أي إثباتات شخصية، وفق الخبراء من ليبيا والعديد من المواطنين.
لم يقتصر الأمر على سياسة الاتحاد الأوروبي، إذ تشير بعض التقارير إلى طرد مهاجرين من دور الجوار الليبي إليها، الأمر الذي يضاعف المخاوف، في ظل صعود اليمين المتطرف في ليبيا الذي سيعمل على فرض سياسة صارمة لعدم وصول المهاجرين للأراضي الأوروبية.
مؤخرا أفاد تقرير سري للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان، بأن قوات حرس الحدود في تونس اعتقلت مهاجرين وسلمتهم إلى حرس الحدود في ليبيا؛ حيث يتعرضون للابتزاز والتعذيب والقتل، بالإضافة إلى العمل القسري، وفق تقارير عدة.
ولم يرد الجانب الليبي على تساؤلات "سبوتنيك"، حول الأمر حتى نشر التقرير، بشأن حقيقة الانتهاكات وعمليات النقل الجماعي.
تقول فاطمة حسوني، مدير المكتب القانوني بمركز الحريات وحقوق الإنسان بليبيا، إن سياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في نقل السيطرة على الهجرة لدول أخرى مقابل تقديم مساعدات، تؤدي إلى انتهاكات وتخفق في معالجة القضايا الأساسية.
وأضافت في حديثها مع "سبوتنيك"، أن التداعيات على ليبيا تتمثل في فتح باب الهجرة بشكل كبير، مما يتسبب في زيادة الأشخاص الذين يتخذون المهاجرين مصدرا للكسب غير المشروع( الاتجار في البشر).
وأوضحت أن زيادة عمليات الهجرة غير الشرعية ووجود المهاجرين يترتب عليها زيادة في انتهاكات حقوق الإنسان، فضلا عن المخاوف بأن تصبح ليبيا محطة عبور أو ملاذ آمن للمهاجرين، سواء كانوا طالبي الهجرة أو هاربين من أحكام جنائية من بلادهم.
ولفتت أن المعلومات المتوفرة في الإطار تتحدث عن اعتقال المئات من المهاجرين وطردهم إلى ليبيا منتصف العام الماضي.
تضيف في حديثها مع "سبوتنيك"، أن هناك العديد من الأدلة منها إجراء مقابلات مع 18 شخصا منهم، بالإضافة لمقاطع الصور والفيديو لتعذيب بعضهم في بعض المنشآت، في ظل توافر معلومات حول الأعداد تفيد أن نحو 2000 مهاجر تم نقلهم مايو/ آيار الماضي.
وفي تصريحاته لـ"سبوتنيك"، حذر عز الدين عقيل الخبير الاستراتيجي الليبي، من تزايد أعداد المهاجرين في العديد من المدن الليبية، دون انتباه للمخاطر التي تترتب على الأمر.
ويرى عقيل في حديث "سابق" لـ "سبوتنيك" أن "استعادة الدولة الليبية لسيادتها وهيبتها، عبر استعادة المؤسسة العسكرية تحت قيادة واحدة، يعد الخطوة الأولى ضد الكثير من الجرائم والمشاريع المريبة، التي يخطط لها الاتحاد الأوروبي وواشنطن في ليبيا".
وتابع عقيل، قائلا: "للأسف كل الخطوات التي يجب أن تتخذ بشأن ليبيا، تقرر عبر القوى الأجنبية، التي تدخلنا في النفق المظلم بشكل أكبر، إضافة للبعثة الأممية التي سيطرت عليها الولايات المتحدة بشكل كامل".
ولفت إلى أن "الدولة الليبية تواجه مخاطر كبيرة في ظل الانقسام الدولي، حول الوضع في ليبيا".
وأشار إلى أن "عمليات التوطين مستمرة في العاصمة الليبية، إذ وصلت أعداد المهاجرين إلى نحو 3 مليون مهاجر، وقد يسببون أزمة كبرى في المستقبل، في ظل وجود الكثير من المواليد بدون وثائق".
فيما يتعلق بالرفض الشعبي لتوطين الأجانب، يرى عقيل أن "الشارع لم ينتبه للخطر الحالي، خاصة أن الشارع اعتاد وجود الأجانب منذ فترة القذافي (معمر الرئيس الليبي السابق)، لذلك لم ينتبهوا للإشكاليات التي تترتب على وجودهم".
وسبق لـ"سبوتنيك"، أن وثقت عمليات بيع مهاجرين داخل الأراضي الليبية، وتورط بعض المسؤولين في الأجهزة التي يفترض أنها تعمل على حماية المهاجرين، وكان من بينهم مهاجرين مصريين ومغاربة وجزائريين.
وتعاني ليبيا من انقسام منذ سنوات طويلة، يحول دون وجود سلطة واحدة أو انتخاب رئيس للبلاد الغارقة في الأزمات منذ العام 2011.