نواب تونسيون لـ"سبوتنيك": تصريحات بوريل عن تقارب بلادنا مع روسيا والصين وإيران تعكس نزعة استعمارية

أثارت تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي، والتي أعرب فيها عن "قلق الاتحاد الأوروبي البالغ إزاء تقارب تونس مع روسيا والصين وإيران، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية في تونس، حيث اعتبرها بعض المراقبين تدخلًا في السياسة الداخلية لتونس.
Sputnik
هذه التصريحات سرعان ما ردت عليها السفارة التونسية في بلجيكا، حيث أصدرت بيانا حصلت "سبوتنيك" على نسخة منه، وأكدت فيه أن"الحكومة التونسية تمثل بشكل شرعي تطلعات الشعب وتعبر عن إرادته السيادية".
وأضافت السفارة أن "تونس تحافظ على علاقاتها مع كافة شركائها بشكل مستقل، وتظل ملتزمة بنجاحات شراكتها مع الاتحاد الأوروبي، مع سعيها إلى تكييف هذه العلاقات مع التحديات والمتغيرات الحالية".

الخارجية التونسية على الخط

علّق وزير الشؤون الخارجية التونسي، نبيل عمار، خلال مؤتمر صحفي عقدته الوزارة، يوم أمس الخميس، على تصريحات جوزيب بوريل، قائلا: "لا أريد إثارة جدل حول بوريل، لا يستحقه وهو يحمل حملا على كتفيه".
تونس ترد على "قلق الاتحاد الأوروبي" من تقاربها مع روسيا والصين
وأضاف وزير الخارجية التونسي: "شرعية بوريل وحزبه بصدد الانتهاء وآخرون سيتصدرون المشهد"، معتبرًا أن بوريل "كان يتمنى أن يصنع بتصريحه الحدث لكن لم يمض المسؤولون الأوروبيون معه في كلامه".

تصريحات "غير مقبولة وتعكس نزعة استعمارية"

وفي تعليق لـ"سبوتنيك"، قال النائب بالبرلمان عن حركة "الشعب"، عبد الرزاق عويدات، إن "تصريحات مسؤول السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، غير مقبولة تماما"، وشدد عويدات على أن "السيادة الوطنية والخيارات الداخلية لتونس وتصوراتها وعلاقاتها تخص التونسيين لوحدهم ولا يمكن لأي طرف أو جهة كانت التدخل فيها أو تحديد الأطراف والجهات التي يجب التعامل معها".
وأردف، قائلا: "نحن نحترم الشراكة القائمة مع الاتحاد الأوروبي ولكن في نفس الوقت، نريد تنويع علاقاتنا سواء عبر الاتجاه نحو روسيا أو الصين أو إيران أو فنزويلا أو جنوب أفريقيا، ومع كل القوى الصاعدة بهدف خلق شراكات فاعلة تساهم في دفع النمو الاقتصادي لتونس".
تونس تستنكر نشر الاتحاد الأوروبي وثائق تتعلق بمنحها مبلغ 60 مليون يورو
وتابع عويدات: "على ما يبدو فرنسا وأوروبا والغرب عموما لم يتمكنوا إلى اليوم من تجاوز تاريخهم الاستعماري القائم على الهيمنة على تاريخ الشعوب .. والدول الغربية تسعى دائما إلى تحقيق الربح على حساب خيارات الشعوب وهو ما يفسر القلق الأوروبي المتزايد".
وثمّن البرلماني الخطوات التي تنتهجها السياسة الخارجية لتونس وتقاربها مع دول الشرق، قائلًا إن "هذه الدول لا تدفعها طموحات استعمارية بل تنتهج علاقات دولية قائمة على تبادل الربح لا السطو على ثروات الشعوب".

تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي

بدوره اعتبر النائب في البرلمان ظافر الصغيري، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن "تصريحات بوريل تتضمن تدخلا سافرا في الشأن الداخلي التونسي".
وأكد الصغيري، بالقول: "نحن نستغرب القلق الأوروبي بشأن تقارب تونس مع قوى دولية على غرار روسيا والصين، فتونس دولة ذات سيادة وهي من تحدد خيارتها وتوجهاتها، التي تراها مناسبة وتخدم مصالحها وهي ليست حديقة خلفية لأي طرف كان ولا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعطيها دروسا".
صحيفة: تحالف روسيا والصين وإيران يهدد بالتحول إلى كابوس للغرب
وأوضح العضو في مجلس نواب الشعب أن "علاقات تونس يجب أن تكون متنوعة في عالم متعدد الأقطاب وذلك بناء على المصالح التونسية".
وبيّن البرلماني التونسي أن "الاتحاد الأوروبي هو شريك تقليدي لتونس يجب المحافظة عليه ولكن على تونس الانفتاح على القوى الدولية وبناء علاقات قوية معها في إطار الاحترام المتبادل".

"قلق أوروبي مشروع"

ويرى الدبلوماسي ووزير الخارجية السابق أحمد ونيس، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "السياسة الخارجية لتونس، موزونة وهي تتراوح بين حفاظها على شركائها التقليديين بما فيهم الاتحاد الأوروبي وكذلك الانفتاح على الأقطاب الكبرى على غرار إيران وروسيا والصين".
نائب رئيس مجلس المنافسة التونسي لـ"سبوتنيك": روسيا مدت أيديها لنا ونسعى لتطوير الشراكة معها
وأضاف ونيس ان "أوروبا أضحت واعية بأن العالم الاسلامي بشكل عام صار يعادي أكثر فأكثر الأقطاب الغربية لأن السياسة الاستعمارية التي تريد انتهاجها هذه الدول تتجه نحو النزعة العدوانية وهو ما بان بالكاشف في الحرب المتواصلة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية".
واعتبر الدبلوماسي التونسي أن "تصريحات جوزيب بوريل، تعكس موقف دول الاتحاد الأوروبي عموما وقلقه المتزايد من التقارب التونسي للأقطاب الكبرى سواء كان روسيا أو الصين أو إيران"، وهو ما اعتبره قلقًا مشروعًا على حد تعبيره.
ويرى أحمد ونيس أن "تقارب تونس مع أقطاب كبرى على غرار روسيا والصين وإيران، هي خطوة في الاتجاه الصحيح"، معتبرًا أنها "تكرس سياسة خارجية متوازنة وناجعة".
مناقشة